نضال نجّار لناشري.نت:
- نقادنا مثقـــِــفون وليسوا مثقــــَــفين
- طفولتي كانت وما تزال قلقة
- والدي قال لي: " لاتكوني مثل الحمار يحملُ أسفاراً فوق أسفار"
- لدينا حوار مجتمعات لا مجتمعات حوار
- قصيدة النثر نص كتابي معرفي تعتمدُ الوعي والتأمل كما النص القرآني
- الكاتب العربي بليغ الكتابة لكنه لا يكتب البلاغة
- النيات الداخلية الحسنة أثبتت عدم تفاعلها مع الاصلاحات
- تحول الدين إلى ظاهرة دياناتية يرفضه الشرع الالهي وكذلك العقل
- أطالب بعلمانية إسلامية
- هذا ما أخذته الفرانكوفونية منا، وهذا ما أعطته لنا
- كيف تتوقعون من العربي أن يميز بين الحب والجنس؟
- قصيدة النثر تتطلب أن نخلعَ "نعالنا"
- هذا سؤال تلزمه حبتا شوكولا!
حدثينا عن طفولتك أو بعبارة أخرى عنك طفلةً وكيف أصبحت كاتبة متعددة المواهب؟
طفولتي كانت وما تزال قلقة، كلانا ليس بمقدوره أن ينفصلَ عن الآخر.. قبل الثانية عشر قام والدي بحشو دماغي الصغير والعنيد بالاداب والعلوم الاقتصادية والسياسية والدينية.. ربما لأنني وحيدته حظيتُ باهتمامٍ ورعايةٍ تفوق تلك التي منحها لإخوتي الثلاثة الأصغر مني..
بين الثالثة والسابعة عشر كنتُ قد استغرقت وغرقتُ في عالم الكتب المختلفة عن المناهج المدرسية..
أول جرعةٍ قدَّمها لي كانت المعلقات التي لم أفهمها إلا بعد حين، وجدت فيها جمال المعنى وقوة الجِرس بالاضافة إلى أنني كونت فكرة عامة عن حياة العربي وإيديولوجيته.. الجرعة الثانية كانت سلسلة العقد الفريد التي لم أفهمها إلا بعد قراءات وقراءات تفكيكية تحليلية نقدية تعلمتها من والدي متأثِّرةً بمقولته:
" لاتكوني مثل الحمار يحملُ أسفاراً فوق أسفار"..
بعد ذلك بدأ سيل الأسئلة عن الحياة والموت، الجسد والروح، الجنة والنار، الانسان وغاية وجوده، الله وجوهره…إلخ بالطبع لم تكن أجوبة والدي بحجم أسئلة طفلة لم تبلغ الخامسة عشر بعد..
فقررتُ مواصلة رحلة البحث بنفسي معتمدةً على الكتب المحرَّمة التي لديه..
المطالعة صقلت فكري فأصبحتُ أميل إلى الشك والنقد والجدل والتحليل أوالهدم ثم البناء ، وكان للعلوم الانسانية وأقصد الفلسفة الدور الأكبر في ذلك..
فمن خلال أرسطو وسقراط وأفلاطون وجمهوريته الفاضلة وغيرهم مروراً بديكارت وسبينوزا وكانط ونيتشه وهيغل وسارتر وغيرهم. ثم المادية الديالكتيكية والتاريخية وعلوم السياسة والاقتصاد لماركس توصلتُ إلى أجوبة كثيرة للأسئلة التي كانت تؤرقني..
ونظراً للعزلة التي بدأتُ أميل إليها قرر والدي إغلاق مكتبته حتى إشعار آخر مكتفياً بتزويدي بمؤلف واحد أسبوعياً..فتعرفتُ إلى نبي جبران وأجنحته المتكسرة ، إلى فرويد، روسو، هيغو، وغيرهم .. هي ذي طفولتي حتى اللحظة.. وعمري ماخططت أو فكرت أن أصبح كاتبة..
حركة النقد العربي للآداب بأنواعها المختلفة، كيف ولماذا تراجعت ؟
لازم فنجان قهوة سادة بالأول… يطول الحديث حول هذه الاشكالية التي تعانينا / نعانيها عربياً وباختصار ألخص الأسباب في نقاط:
1ـ عدم اهتمام واجتهاد الناقد في فهم وتفهم واقعه.
2ـ اهتمامه بالاجابة عن أسئلة مختلفة عن واقعه وزمانه ومكانه..
3ـ غالباً يعتمد هدم النص لبناء أناه المتورمة..
4ـ يستخدم أدوات تقليدية وربما سلفية تعود إلى منهجيةٍ تعلَّقتْ بزمنٍ محذوف منع من ظهوره هيمنة
ايديولوجيا الولاء للسلطة..
5ـ بما أن ناقدنا العربي خريج مدارس ومذاهب أدبية شرعية فقطعاً سيعالج ( ماهو غير شرعي أو غير
معترَف به ـ الحداثة على سبيل المثال) على طريقته أقصد بموجب منهجية مدارسه أو المذاهب التي
ينتمي إليها.
6ـ ناقدنا غير مثقف ( بفتح القاف) لكنه مثقف ( بكسرها أقصد القاف) محققاً بذلك مبدأ الاكتفاء بثقافته
الثرة والثرية والغنية عن التعريف رافضاً ثقافة الاختلاف أو على الأقل أن يكون بمستوى ثقافة الكاتب..
7ـ الناقد العربي ( عموماً ) يجهل العلوم الفلسفية والتاريخية واللغوية والدينية و..
8ـ عاجز عن فض بكارة النص لهذا نراه يتجه أفقياً (شكلانياً) مبتعداً في تقييميه عن الغوص في بنية
وجمالية النص..
9ـ ينتهج إما التهريج أو المدح معتمداً بذلك على منقولات أو مقولات غيره ( قياس لغوي)..
10ـ انتهى فنجان القهوة .. إلنا عودة..
تبدعين في ساحة التحليل الاجتماعي أو لنقل الحضاري ، ولكنكِ مقلة فما السبب؟
لا أعلم إن كنتُ حقاً كذلك.. هي مجرد آراء ووجهات نظر ليس إلاَّ،
أما السبب فيعود إلى المضايقات الرجعية السلفية والحواجز الأخرى المقنَّعة بالديني وبسبب إصرار الفكر العربي وخاصة الاسلامي على موضوع ( الخوف من مواجهة الذات ) أقصد الحقيقة ..
كيف ترين مسيرة القصيدة العربية الان بأطوارها وتحولاتها، هل ترين تيارا سائدا أومدرسة معينة لها الغلبة؟
شهدت القصيدة العربية تغيراً واضحاً فيما يتعلق بالشكل ( كثيراً) وبالمضمون ( قليلاً) ، هذا التغير ارتبط بمعطيات حضارية جديدة أفرزتها المؤثرات الغربية وعلوم النفس والفلسفة والاجتماع كما فرضتها الرغبة في التعبير عن رؤيا جديدة للواقع.. رؤيا تجسد القلق النفسي والمعاناة والتمزق والتشظي اتجاه قضايا انسانية مصيرية كالانتماء والهوية والوجود…إلخ. من هنا نشأت ا لقصيدة العربية الحديثة ( قصيدة النثر) المنفلتة من الوزن والقافية والقائمة على التشكيل في البنية والدلالة والايقاع.
أما عن سيادة تيار أدبي معين فهذا ماتحدده الأعمال الأدبية السائدة والتي كما يبدو لاعلاقة لها بعمود الفراهيدي إنما تتنوع بين الشعر الحر القائم على وحدة التفعيلة وبين قصيدة النثر.
هل انسحبت قصيدة التفعيلة من المشهد الشعرى السورى امام زحف قصيدة النثر كما هو حادث فى العديد من البلدان العربية مثل لبنان ومصر؟
أعتقد أن انسحاب قصيدة التفعيلة من المشهد العربي ككل كان بسبب وصولها إلى مايشبه القوانين، إلى عمود شعري كانت تدعي أنها تخترقه.. ولم يكن السبب زحف قصيدة النثر..
نشهد تجافيا عن القصيدة الموزونة، ومن شروط القصائد المغناة أن تكون موزونةهل أنت ممن يرون أن الشعر يكتب ليقرأ أم يكتب ليغنى. وكيف ترين مستقبل القصيدة التي لا تلتزم بالقوافي؟
برأيي ، إن الشعر يُكتَب ليُقرَأ.. ولكل زمان إيقاع، وإيقاع الشعر الحديث مرتبطٌ بالصوت المنبعث من الحرف وصداه المختَرِق للنفس ما يدفع بالمشاعر والأحاسيس لدى المتلقي ( الجديد والمتجدد) إلى التفاعل والانفعال..
قصيدة النثر أعتبرها نصاً كتابياً معرفياً تعتمدُ الوعي والتأمل.. تماماً كما النص القرآني..
أما عن الشق الثاني من السؤال، فلا يمكنني الحديث أو التنبؤ عن مستقبل نوعٍ أدبي ( سفاح) لما يعترف به أسلافه الشرعيين بعد، فقصيدة النثر ماتزال منبوذة كونها تمردت ..
وأضيف بأن ليست كل كتابة نثرية أو منثورة بقصيدة نثر فهذه الأخيرة تخضع لشروط أقصد تشكيلات حيوية يصيغها الزمكــــاني بالاضافة إلى الرمز والادهاش مايؤدي إلى جملةٍ من التفاعلات تتأطر نهايةً باللون والضوء والظلال والصور والصوت والصمت والصدى….إلخ.
ومانراه، غالباً لايخضع إلى هذه التشكيلات إنما تقليد لتجارب حداثوية من أجل أن يُقال بأنه شاعرٌ حداثوي أو منفلت أو متمرد من أو على..
هكذا ببساطة.إن قصيدة التفعيلة كانت مستقبل الشعر العمودي، فأصبحت قصيدة النثر مستقبل قصيدة التفعيلة ولاندري ما يخبىء المستقبل.. فالشعرُ حياة،حركة دائمة، تشابك الزمان بالمكان..وباختصار فإن مستقبلها يعني مسايرتها للزمان ومعطياته..
كيف ترين مستقبل شعر الحداثة؟
أعود للقول؛ إن الواقع الفكري والحضاري الذي أدى إلى نشوء شعر الحداثة يختلف عن الذي ( أدى، يؤدي، سيؤدي) إلى نشوء شعر أكثرَ حداثةً سيحملُ بذوره من الحداثة ذاتها لكنه سيتخطاها نحو رؤى من نوعٍ جديد ربما تتكون من النظام أو اللانظام.. إنه الشعر الوحشي أو اللاشعر..إنه شعر التشظي والتحول والتجدد المستمر، شعر اللامكان.. شعر اللاانتماء..
حبذا لو ضربت مثلاً صغيراً بمقطع من شعر الحداثة و شرحت معانيه و كيفية تركيبه و جماليات صياغته وسبب اللجوء إلى هذا الأسلوب بالذات ؟
اخلع نعليكَ أنت في الوادي المقدس… هذا ماقاله الرب لموسى.. لكن مامعناه؟..
قد تفسره الغالبية بأن الرب طلب أو فرض على موسى الطهارة كونه في مكانٍ مقدس ..
أما أنا فأفسِّرُه كما يلي: ( تخلَّى ياإنسان عن أفكاركَ السابقة حين تفكِّر)
لماذا فسَّرتُه كما سبق؟.. النعل للمشي.. وفعل المشي ( كما بقية الأفعال ) يتم بموجب العقل..
إذن حين ينتعلُ العقلُ مايعيقه عن التفكير حتماً لن يصل إلى الحقيقة ( الرب)..
موسى إنسان..فخطاب الرب كان موجهاً لكل إنسان ..
وقصيدة النثر تتطلب أن نخلعَ نعالنا .. أقصد أفكارنا وماتعلمناه..
هكذا نصَّبت ذاتها إلهاً ، ففئةٌ من الناس علمت ماهيتها فآمنتْ بها..
وفئةٌ ماتزال تستنكرُ وجودها وتجادل في ألوهيتها فلم ولن تؤمن بها..
أما سبب اللجوء إلى هكذا أسلوب فأعتقد لأنها أرادت أن نشعرَ بها
بحضورها فينا.. وحلولنا فيها.. يعني التوحد ..وغير هيك ماراح نفهمها..
اخترتُ نصاً قرآنياً باعتبار القرآن من أقدم النصوص النثرية ..
ما تقييمك للنشر عبر الإنترنت؟ وهل يتعود قارئ الشعر العربي على القراءة غير الورقية؟
قياساً إلى النشر الورقي، أصبح النشر الالكتروني ضرورة لكسر القيود والحواجز اللامنتهية التي يعانيها المبدع والفنان والاديب والمفكر والمثقف والمجتمع العربي عموماً..
فالنشر الالكتروني يوطد العلاقة بين المثقفين والشعوب والدول مايرفع من قيمة الانسان والثقافة على حدٍّ سواء [url]
لي رأيٌ سجَّلتُه في موقع صحيفة الحقائق بالاضافة إلى آراء بعض الأصدقاء فيما يتعلق بالنشر الالكتروني
أما عن قارىء الشعر واعتياده القراءة الالكترونية فهذا يعود إليه أقصد إلى رغبته ..
وأعتقد أن الورق فيه ما يثير الحواس ويشعل الرغبة بالقراءة..
ما رأيك فى التواصل والاتصال بين المبدعين العرب عبر الشبكة؟
هو ضرورةٌ وحاجة لأنه يُسهِّل تبادل الأعمال ووجهات النظر والآراء والنقد مايدفعهم إلى الارتقاء بأعمالهم وأيديولوجياتهم أيضاً مايؤدي إلى مايسمى صناعة الابداع وليس إلى الابداع الصُنعي ( المزيف) كما هي الحال حين ينعزلون وأعمالهم..
يلاحظ عليك اهتمامك بالتفاعل مع القرّاء والرد على تعليقاتهم، في حين يتجاهل كثير من الكتّاب قرّائهم. كيف ترين الموضوع؟
سبق وأجبت عن هذا السؤال في صفحة الموقع.. لكن لابأس من الاضافة،للكاتب خصوصيته في التعامل مع النص أو القارىء وبما أن الكاتب العربي مشهورٌ ببلاغة الكتابة وليس بكتابة البلاغة فربما لهذا السبب يتجنب الرد..
ماذا تحملين لوطنك الصغير سورية ولوطنك الكبير العالم العربي والإسلامي؟
العالم العربي و( الاسلامي) هو بلدي الذي أحمل له الكتابة، ذلك الجدل المتناهي واللامتناهي في قضايا الانسان ووجوده الغائب في محارق جهل التراجيديا المجتمعية من خرافةٍ وتعصب وعادات وتقاليد و…
أحملُ كتابة التشرد والتشظي والاختلاف والتمرد على المسكوت عنه والمنفي إلى متاهات الضياع....
والله يستر..
كثر الحديث عن الإصلاحات، فكيف ترين السبيل إليها؟ قرار وشراكة من الخارج أم أن النيات الحسنة الداخلية كافية؟
بالقضاء على التخلف الفكري ثم بمكافحة الفساد العام الذي أطاح بمؤسسات الدولة والمجتمعات العربية..
ثم بالتنمية في كل المجالات .. النيات الداخلية الحسنة أثبتت عجزها بل عدم تفاعلها مع الاصلاحات
كون الأخيرة لاتخدم مصالحها لهذا لابد من قرار ودعمٍ خارجي وقبل ذلك من قرار داخلي أقصد قرار الشعوب ورغبتها بالتطور والتنمية وإلاَّ كان الحديث عن الاصلاح مجرد فقاعات هواء..
متي نطلق علي من يكتب أنه كاتب بحق ؟
حين لانُطلِق على من لايكتب بأنه كاتب.. ههااااا.. لغز بس حقيقة..
كل كاتب يود أن تبقي كتاباته في وجدان الشعب تؤثر فيه، فما هي الخطوات المنهجية اللازمة لذلك ؟
قبل الحديث عن الخطوات يجب أن نعرِّفَ الوجدان وفلسفياً هو الشعور بالمتعة أو الألم، وهو نوعٌ من الحالات النفسية المتأثِّرة بالمتعة أوالألم يقابلها حالاتٌ أخرى تمتاز بالمعرفة أوالادراك..
وبموجبه فهناك أربعة تصنيفات من الكتابة ( كاتب ـ نص ـ متلقي) وهي:
الكتابةـ المتعة/ الكتابة ـ الألم/ الكتابة ـ المتعة المصحوبة بالمعرفة/ الكتابة ـ الألم المصحوب بالمعرفة..ومن خلال هذه التصنيفات الأربع يتمكن أي كاتب من التأثير في الوجدان العام ( السائد أو المرغوب)..
القضية الفلسطينية هل استحوذت على الأدب العربي وعلى المشهد السياسي. هل ترينها قضية من القضايا أم أنها القضية؟
هي مجرد قضية مثلها مثل بقية القضايا الشائكة في العالم العربي والاسلامي وما أكثرها..
ولو كانت ( القضية) لكانت انتهت الاشكالية منذ زمن بعيد ، حتى الآن لاعودة لللاجئين والمنفيين، لاسلطة
فلسطينية وطنية تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني ، لايوجد تضامن عربي ـ عربي لدعم حركات التحرر
الوطني إلاَّ بالكلام، ماذا قدمت الجامعة العربية للقضية العربية الفلسطينية؟..
لو كانت ( القضية) لما ظهرت الأزمة العراقية وربما في الغد الأزمة أو القضية الخليجية ..
ثلةٌ تتاجر بالوطن والشعوب تحت اسم ( القضية) والراهنُ واضح والقادم أعظم..
وكل قضية والشعوب العربية بخير..
كيف ترين دور الدين في الحياة؟ هل تفضلينه شأنا فرديا أو شأنا عاما في الحكم والسياسة والمجتمع؟
من الطبيعي أن يكون الدين شأناً فردياً كونه يمثل العلاقة بين الرب والعبد لكن أن يتحول إلى ظاهرة دياناتية
هذا مايرفضه الشرع الالهي وكذلك العقل.. لأنه في هذا التحول يقفد جوهره أو معناه الحقيقي فيصبح حينذاك ديناً ساسياً أو أيديولوجية سياسية، وفي الدين ليس هناك من تسييسٍ أو أدلجة لأن ذلك يشكل خطراً كبيراً يهدد أمن واستقرار المجتمعات ( ابن لادن نموذجاً).. لهذا أفضِّلُ أن يبقى شأناً فردياً لاعلاقة له بمؤسسات الدولة ..أما عن دوره في الحياة فهو يعلم الانسان كيف يتناغم وينسجم مع القوانين الكونية تلك التي تقول بأن الكون كله في حركة دائمة…
تقولين (قد لا نختلف ولكننا لن نتفق) هناك قول يقول الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. فكيف يمكن التوفيق بين هذين القولين؟
بطبعي، أميلُ إلى زعزعة العبارة ؛ فشكلاً وشكلانياً قد تتشابه وجهات النظر والآراء ووو.. لكنها لن تحملَ مضموناً أو جوهراً واحداً.. هذا ماقصدته بمقولتي ، إذ لكلٍّ خصوصيته حتى لو كان المظهر واحد..
كل الكتب لها شكل واحد( غلاف، صفحات، فهرس، ووو) لكن مضمونها يختلف..
الانسان له شكل واحد ( رأس، أطراف، جذع ووو) لكن الجوّاني أيضاً يختلف..
ليس تشاؤماً مالمسته من مقولتي.. والخلاف لن يفسد للود قضية..هااا
ماهي أسباب تدني الحوار في مجتمعاتنا العربية؟ وماهي السبل والطرق للإرتفاع بمستوى الحوار والنقاش؟
حوار المجتمعات/ مجتمعات الحوار…نحن نعمل على العبارة الأولى بدل الثانية ، نتبادل السائد والمألوف والبائد والمُكرَّر والمستهلَك لهذا تدنّى بل انعدمَ الحوار..
بالاضافة إلى التعارض الايديولوجي الثقافي السياسي، فما أنتجه الأسلاف لم يعد قادراً على الاجابة عن أسئلة الواقع وتفهم مشكلاته فبقي الواقعُ واقعاً إلى أن حلَّ الفساد العام ..
ومن سبل الارتقاء به أولاً إيجاد لغة مشتركة بين المتحاورين إذ ليس من الطبيعي أن يتحاورَ الأصولي مع العلماني، أعتقد أن فكرتي واضحة،( الانفتاح الفكري) هو تلك اللغة المشتركة التي قصدت .
ثانياً ؛ الابتعاد عن الديني والدياناتي والمذهبي والطائفي والقومي ووووكل مايوصل الحوار إلى الجحيم أو إلى اللاحوار.. وأخيراً أعتقد أننا بحاجة إلى أن نفهم ذواتنا.. نعرف أين نحن وماذا نريد وكيف نحقق مانرغب به وماهي إمكاناتنا وهل نملك الارادة ومن قبلها الرغبة فالرب لن يغيِّرَ مابقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.. لاخلاصَ لهذه الأمة إلاَّ باللجوء إلى العقل أقصد (التفكير لا التكفير)..
تقومين بالترجمة من اللغة الفرنسية إلي العربية والعكس فهل هناك مشكلات مثل إزاحة لجماليات الشعر العربي أو الفرنسي كل على الآخر ؟
بالتأكيد، فاللغة الفرنسية جميلة ،تحب الاختصار أوالاختزال ( التكثيف) بينما العربية أيضاً جميلة لكنها تحب
الاسهاب والاطناب..
مثال جداً بسيط؛( في الفرنسية) حين يكون هناك تعداداً نضع فواصل بدل تكرار حرف الواو
هذه الفواصل تجعلكَ تقبض على المعنى بشكلٍ عميق لكأن هذه الفواصل تنبهكَ إلى التوقف من أجل تفهمٍ أكثر عمقاً ( كتّاب الحداثة ينتهجون ذلك).. بينما تكرار الواو لايخدم المعنى الحقيقي للجملة ..
أيضاً توضُّع الأفعال في الجملة أوالمقطع له تأثير جماليٌّ على المعنى والشكل ، ففي الفرنسية قد تجد
مقطعاً كاملاً وبالنهاية الفعل على عكس العربية..
وتفاصيل أخرى لا أحب ذكرها هنا حتى لايتحول الجواب إلى درس أو محاضرة..
الفرانكوفونية، ماذا أخذنا منها وماذا أخذت منا؟
الفرانكوفونية/اللغة الحية/ تصنيف الشعوب وفق اعتباراتٍ لغوية/ دمقرطة الثقافة أو لامركزيتها…
كل ذلك تعنيه هذه العبارة. أما عن الايجابيات التي اكتسبناها منها؛
1ـ الانفتاح على ثقافة الآخر..
2ـ التعددية الثقافية بمعنى أن الثقافة أصبحت تعبيراً عن التنوع والاختلاف.
3ـ الاعتراف بالآخر
4ـ الحرية الفكرية.
5ـ انتشار الأدب العربي بين فئةٍ واسعة من القراء والمثقفين في فرنسا..
6ـ ازدياد أعمال النشر والترجمة ..
7ـ ظهور أدب عالمي يشمل آداباً قومية ووطنية نتيجة لهذا التقارب بين الشعوب.
8ـ إلغاء مركزية أو هيمنة ثقافة الدولة الواحدة.
9ـ التجديد والتغيير في أعمالنا الابداعية فنيةً كانت أوأدبية..
أما عن الشق الثاني من السؤال ( الفرانكوفونية ماذا أخذت منا)..
فأعتقد أنها في الأصل كانت ردة فعلٍ لمواجهة الثقافة الأمريكية التي بدأت تشكل خطراً على الوجود الفرنسي(العالمي).. ففرنسا، مادياً ومعنوياً دعمت، اهتمت، ساهمت، منحت، وعملت أكثر مابوسعها للمحافظة على وجودها أو حضورها من خلال اللغة.. هذا هو الهدف المباشر للفرانكوفونية .
هل على من يترجم الشعر أن يكون شاعرا وعلى من يترجم القصة أن يكون قاصا وهكذا؟
بالتأكيد، فالشاعر وحده هو القادر على ترجمة الشعر ( روحاً وشكلاً ) وكذلك المحافظة على جمالية البنية ككل. الشيءُ ذاته ينطبقُ على القصة والرواية ووو.. بمعنى آخر يجب أن يكون المترجِم متخصصاً وإلا فقدَ
النص الأصل جماليته فإما يضيع المعنى أو يتشوَّه الشكل أو الحالتيْن معاً..
يتحكم في الكتابة ما يسمي بالمشهد سواء كان شعرا أو رواية أو قصة هل تختلف آليات القص حسب موقع القاص من بؤرة الحدث ماهو تعليقك؟
بالتأكيد تختلف آلية السرد بين روائي يقف خلف الأحداث أو يلاحقها واصفاً شخصياته من الخارج
( الروائي العليم بكل شيء) وبين آخر يقدم الأحداث أو يقودها من خلال رؤيته الذاتية والداخلية
( الروائي الشاهد على الحدث أو المساهم فيه)..
النوع الأول غالباً مايعتمد السرد الموضوعي ، ففي رواية ( كانديد) لفولتير تكشفت لنا حياة الأبطال
( كنيغوند، العالِم بانغلوس، الدرويش التركي، السيد تاندر تان ترونخ وآخرون) وصراعاتهم الداخلية ليس من خلال سردٍ قدمه فولتير إنما من خلال المنولوج الذي صاغه على ألسنة شخصياته تاركاً لها حرية البوح بما يدور في دواخلها..
إن قدرة فولتير على فهم العالم الموضوعي لم تدفعه إلى سرد مونوتوني معلوماتي إنما وظف هذا الفهم وفق رؤية فنية كانت أكثر إقناعاً للقارىء..فالشخصيات التي قدمت مشكلاتها مع الواقع كشفت عن البنى الفكرية والأخلاقية لمجتمعٍ بأسره دون أن نلمح أي أثرٍ للروائي..
أما النوع الثاني فيعتمد السرد الذاتي والذي يحتوي بالضرورة على صوت الروائي أو حضوره الكلي ..
ففي روايته الأخيرة ( بدايات) استطاع معلوف أن يرصد وبدقة بالغة حياة أسلافه معتمداً الطريقة التعددية في عرض الحقائق وتفسير الأحداث على ألسنة الشخصيات وذلك من خلال سردٍ ذاتي معلوماتي مثيرٍ
ـ بالنسبة لي ـ للملل والسأم.. فالبرغم من اعتماده تعددية الرواة وكذلك الحوارات المتبادلة لتوجيه الوظيفة السردية كان صوته أوحضوره طاغياً..
الرواية تسمي رواية لأن كل شخص فيها يروي عن نفسه ، من السيد المحترم الذي يفتتح لنا كل الروايات بعبارات ما، ثم نبحث عنه فلا نجده ويسمى لدي النقاد الغلابة الراوي العليم ببواطن الأمور فما رأيك؟
هذا برأيي من سمات الرواية الناجحة التي تشد القارىء ( المثقف الناقد ) وتخلق لغة حوارية بينها وبينه.. فقارىءٌ اليوم يختلف عن قارىء الأمس الذي اعتاد الفرجة على الأحداث دون مشاركة منه في تفسيرها مكتفياً بالتسلية والحيادية في استقبال الفعل ورد الفعل…
لكن وكما تعلم بأن المكان وتشكيله يعتمد على الوصف وهذا الأخير يعتمد صوت الروائي الذي قتلته
ربما باستخدامكَ تقنية مناسبة( وقلما نجد ذلك) كالابتعاد عن التفاصيل الدقيقة الشاملة للمكان، أو كالتعامل بوعي شديد مع الزمن.
كيف وجدتك الرواية ؟ وكيف وجدت ما تبقى في نشاطك الفني والثقافي بالقياس إليها ؟ هل الرواية صلب النص أم أن النص خرج عن مألوف الشكل الروائي ؟!
يبدو أنني كنتُ أبحثُ عنها .. ههههااااااا..
ومن خلال تجربتي الشعرية وحالياً الروائية وجدتُ أن العمل الروائي من الأنواع الأدبية الأكثر صعوبة كونه يتطلب التوفيق بين العاطفي والموضوعي ( العقلاني) وبصراحة أكثر أجدُ نفسي عاجزة عن التحكم بهذا العالم المختلف تماماً عن الشعر ..فالجانب الذاتي والشعوري ليس حراً في الرواية كما هوعليه في الشعر..
عن الشق الثالث للسؤال ، فأتركه للقراء إلى حين صدور الرواية بداية العام..
هل يوجد خلط بين الحب والجنس في مجتمعاتنا أو لنقل في أدبنا؟ ولماذا؟
إذا كان العربي حتى الآن ما بيفهم شو يعني الجنس فكيف له أن يميز بين الحب والجنس؟..
بالتأكيد هناك خلط واضح، فالحب في مجتمعاتنا يعني الجنس والعكس صحيح،
هذا الخلط يعود إلى رواسبَ ثقافية تراكمت في الفكر العربي الذي يمتاز باستقالةٍ مؤبَّدة إلاَّ فيما يتعلق بالشبقية أوالشهوانية التي يعتبرها حباً ( لخللٍ أو قصورٍ فكري وعاطفي وجنسي) أفرزه الاسلام السياسي والايديولوجي الحاكم.. بالاضافة إلى أن كل ممنوع( برَّاني) يتحول بالضرورة إلى مرغوب(جوَّاني) ودون التعرف والاعتراف بهذا الجواني لن نتمكن من التحكم بالبرَّاني أقصد ( التسامي والارتقاء)..
كان لك مقاربة تحدثت فيها عن الاسلام والعلمانية لكنكِ أنهيت المقال حول امكانية الحديث عن اسلام علماني ، وعلمانية اسلامية .قد يختلف البعض معك ويرى أن العلمانية تنفع في أوربا ، لكنها لاتنفع للشعوب التي ترزح تحت نير الفقر والاستعمار المختلف بأنواعه. هنالك من يقول أننا بحاجة الى اسلام صرف ، اسلام صافي ، اسلام بعيدا عن افتاء كل من هب ودب فيه،، لأن تصدر الجميع للحديث عن الاسلام وباسم الاسلام هو الذي أوصلنا لهذه المرحلة . فما رايك؟
أعتقد أنني لم أتحدث أوأطالب بعلمانية غربية إنما باسلام علماني/علمانية اسلامية أي ماقصدته أنت فيما يلي (نحن بحاجة الى اسلام صرف …………….. المرحلة)…
هل الشعر بالنسبة إليكِ تعبيرٌ عن الحياة أو بديلٌ عنها؟
يقال وراء كل شاعر عظيم ألم عظيم أو حب عظيم مادور الحب والألم في شعرك؟
لاحظتُ في شعرك حالة من التمرد اللغوي والشعوري هل تتمردين على الورق أو في الحياة؟
هل شعرك مرآةٌ لذاتكِ أم إنه الوجهُ الآخر؟
لازم حبتين شوكولا بالأول..
الشعر ياندى بالنسبة لي تعبيرٌ عن الموت/بديلٌ عن الحياة..
أما عن الحب ـ الألم/ الحب الأليم والمؤلِم/الألم المحبب أوالمحبوب.. سمِّه ماشئتِ،
هو توأمٌ يحيا أزليته المؤبدة في رحم قصائدي.. وفهمكِ كفاية..
عن التمرد وكما الأطفال فأنا أتمرد في كل شيء وعلى كل شيء ومن أجل لاشيء..
وعن آخر سؤال فحسب المزاج .. (أحياناً) تكون قصائدي هذا الوجه الآخر لكنها (غالباً) أنا..
كلمة في الختام؟
تحياتي للأخت حياة (راعي هذا الحوار) ولكل المشاركين ..
طرح الأسئلة:
أسامة الماجد
أسامة غريب
أيمن اللبدي
حياة الياقوت
د. الأحمد
صلاح والي
علي البطة
محمد سعيد الملاح
محمود الأزهري
ناصر ثابت
ندى الدانا