آن سوفي رولد أستاذة جامعية في جامعات الجنوب السويدي – مدينة مالمو المتاخمة للدانمارك , و باحثة سويدية واسعة الإطلاّع على قضايا الإسلام والمسلمين , رسالة الدكتوراه التي أعدتها وناقشتها في جامعة لوند في الجنوب السويدي كانت عن تنظيم الإخوان المسلمين وهي متخصصة في التاريخ الإسلامي والحركات الإسلامية و الأقليات المسلمة في الغرب , وبعد ذلك نشرت العديد من الكتب عن الإسلام باللغة السويدية والإنجليزية ومنها المرأة في الإسلام , مسلم في السويد , المسلمون الجدد في أوروبا , تجارب المتحولين إلى الإسلام في الدول الإسكندينافية , الإسلام وغيرها من الكتب , في لقائنا معها تتحدث عن كيفية وصولها إلى الإسلام و تجربتها في هذا السيّاق ..
كيف إكتشفت الإسلام !
لقد إكتشفت في الإسلام مبدأ عظيما مفاده أنّ الإنسان هو الذي يجب أن يتحرك نحو الله , و يقرر الدنوّ من معبوده , لأنّ الله لا يفرض نفسه على أحد , وبالنسبة إليّ فقد ترعرعت في منطقة أوستلوند في النرويج , و كان الإعتقاد باللّه سائدا في بيتنا , ففي كل ليلة كنت أصلي على طريقتي كمسيحية بطبيعة الحال , وكان لديّ إعتقاد جازم أنّ الله يحمينا من الحروب و الحرائق , خصوصا وأنّ المنطقة التي كنت أقطن فيها تعرضّت لحريق مهول , وكنت على الدوام أؤمن بأنّ الله حق , و موجود وهو بقربنا على الدوام .
ما دمت تملكين هذا الإعتقاد بالألوهية كيف جرى تحولك إلى الإسلام إذن !؟
عندما بلغت السن السابعة عشر و تعمقّ وعيي الديني أخذت أطرح الأسئلة عن المسيحية كدين , و كثيرا ما كنت أتساءل عن سرّ تقاتل المسيحيين فيما بينهم , للأسف لقد كان البعض يستخدم الله لتقويه حكمه وسلطانه , و يستقوى به على الآخرين مثلما جرى في أوروبا في عهود ماضية , و قد فكرت مليا في مسألة الإستخدام السيئ للدين , و أعترف أنّ هذه السلبيات هي التي دفعتني إلى طرح المزيد من الأسئلة حول الديانات , و قادني بحثي إلى إكتشاف عظمة الإسلام وموضوعيته في نفس الوقت .
لقد وجدت في الإسلام كل الأجوبة عن كل الأسئلة , بل لقد توصلت إلى إدراك كنه الإسلام الذي خططّ لحياتنا أجمل وأعدل تخطيط , على سبيل المثال مفهوم الصلاة في الإسلام رائع إلى أبعد الحدود , فالإنسان يجددّ دوما علاقته بخالقه وبشكل دائم على مدار اليوم , و تفعيل العلاقة مع الله ضرورية من أجل الإستمرار في الحياة بشكل أفضل و أكمل .
وماذا عن ظاهرة الإسلام فوبيا في الغرب ! ؟
للأسف فإنّ ظاهرة الخوف من الإسلام و تحذير الناس من الدين الإسلامي باتت مسألة ظاهرة وبارزة للعيان , فقد إمتدت على إمتداد الخارطة الإعلامية الغربية , و تفاقمت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي عصفت بالولايات المتحدة الأمريكية , كما أنّ هناك أسبابا دينية و ثقافية و عنصرية وراء ظاهرة الإسلام فوبيا في الغرب , ففي الغرب يوجد ما أسميها الثقافة العنصرية أو عنصرية الثقافة وهذا المبدأ كان منتشرا في أمريكا وبريطانيا على وجه التحديد وضد فئات معينة , و في عالم اليوم باتت ثقافة الكراهية تجيّر ضدّ الإسلام والمسلمين , و الأكثر من ذلك فإنّ ثقافة العنصرية و الكراهية هي من مقومات الثقافة الغربية بشكل عام , فالغرب كان يعامل الأفارقة المسروقين من ديارهم في إفريقيا أسوأ معاملة , و لم يكتف الإنسان الغربي بسرقة الإنسان الأسود وإستئصاله من جغرافيته بل باعه للإنسان الأبيض في أسواق النخاسة في العواصم الغربية , وقد ظلت تلك الثقافة مسيطرة على المكونات العقلية للإنسان الغربي , وعلى صعيد آخر فإنّ بعض نصوص الإنجيل تفضّل الإنسان الأبيض على عديمي الإنسانية وهم السود وغيرهم في نظر هذه النصوص, إذن هذه الظاهرة موجودة في المرجعية الثقافية الغربية , و جاءت الظروف التي أعادن إحياء ثقافة العنصرية وعنصرية الثقافة في الغرب .
و مصطلح صدام الحضارات والثقافات هو مصطلح غربي بالأساس جذوره ضاربة في مفردات الثقافة الغربية .
وهذا ما حاولت قوله في كتابك : مسلم في السويد؟
في هذا الكتاب تحدثت عن كوني مسلمة في المجتمع السويدي , كيف أتعامل مع مجتمع ينتمي إلى قيم مغايرة و مفاهيم مختلفة , وركزت فيه على المرأة المسلمة التي تضع خمارا على رأسها و كيف ينظر إليها المجتمع , و ركزت فيه أيضا على ظاهرة الإسلام فوبيا , هذه الظاهرة التي تصور المسلمين في أسوأ صورة و كأنهم جاؤوا إلى الغرب للإنقضاض عليه و على حضارته .