حينما يكون هناك إبداع فهو ليس سوى بصمة من إبداعات الشباب،كثير من الشباب لا يعرف كيف يتخذ له موهبة ولكن في كلّ مرة نحاول أن نبرز طاقة حيوية جديدة تتميز بإبداعاتها.
مصطفى فرح شاب من مواليد 1982م تميّز وأصرّ على المحاولة إلى أن برز في مجال التصوير، ليرينا في كلّ مرة لقطة مبدعة سابقة عن غيرها.تميّز في نقل صور الطبيعة وكأننا نعيش بداخلها،فكان لنا هذا اللقاء معه .

          بداية حدّثنا عن نفسكـ ؟

 أخوكم مصطفى محمد فرح .سوداني الأصل وطالب في السنة الأخيرة تخصص علم أعصاب في إحدى الجامعات في كندا.

         كيف كانت بداياتكمـ في مجال التصوير ؟

الحقيقة منذ الصغر كان عندي احتكاك بالتصوير حيث كنت أحب تصوير رحلاتنا العائلية أو لقاءاتنا مع أصدقائنا. والتصوير بالنسبة لي طريقة لاسترجاع لحظة جميلة أو حدث غريب مررت به. واستمر الوضع على هذا الحال إلى ديسمبر 2004 عندما كنت أقوم بتغطية مؤتمر في مدينة تورنتو الكندية. وقتها ظللت أتنقل من مكان لآخر لأظفر بصور تغطي جميع وقائع ذلك المؤتمر. كنت أستعمل وقتها كاميرا فلمية وعند تحميض الأفلام خرجت حوالي 90% من الصور سوداء تماما ولم أعرف السبب وظللت أتحسر على ضياع كل ذلك المجهود. يومها قال لي أحد أعز أصدقائي "يا مصور يا فاشل" فكان لا بد أن أبرهن له أني بخلاف ذلك وأن أتعرف على سبب إخفاقي في هذه المهمة وكانت البداية الفعلية من هناك.

         أغلب الأشخاص أصحاب المواهب نجد أنّ خلفهم جنودًا مجهولين يشجعونهم ، فماذا عنكمـ ؟ ومن هم أولئك الأشخاص ؟

كان والدي حفظه الله ولا زال هاويًا للتصوير ولكنه يميل إلى تصوير الفيديو لذلك كان يقوم بتصويرنا انا وإخوتي خاصة عندما كنا صغارًا ثم يقوم بتسجيل تلك اللحظات على أشرطة فيديو نحتفظ بمعظمها إلى يومنا هذا ونشاهدها بين الحين والآخر لنسترجع ذكريات طفولتنا. وكان هو أول من اقتنى كاميرا رقمية في بيتنا ومع أنه اشتراها لنفسه الا أنها كانت بحوزتي معظم الوقت وكان ينتظر مني أن أتعلم تفاصيل تشغيلها ثم أن أجلس معه لأشرح له بعض الأمور. وأعتقد أن هذا كان دافعا لي لأتعلم أساسيات التصوير. أما الآن فنخرج سويا للتصوير عندما يحضر إلى كندا هو بكاميرته الفيديو وأنا بكاميرتي الرقمية. لذلك فأبي يحتل المركز الأول بين الذين شجعوني في هذا المجال. ولي العديد من الأصدقاء كانوا دافعا لي في هذا المجال وأحب أن أخص بالذكر كيرت ثومبسون ومحمد النجار ومعاذ تشاودري.

 

هل هناك نوع معين تفضّله في لقطاتك ؟ وما هو ؟

أميل في العادة الى تصوير المناظر الطبيعية خاصة أن البلد التي أعيش فيها الآن- كندا- تزخر بمناظر جدا رائعة من جبال ووديان وشلالات وبحيرات وأنهار. أضف إلى ذلك الفصول الأربعة بنكهاتها الخاصة.

 -          نرى أنّ الكاميرا تساعد المصوّر في اتخاذ صور مختلفة الجمال ، فهل هذا صحيح؟ (أي هل الصورة تعتمد على المصوّر أم الكاميرا ؟ )

 الاثنان مكملان لبعضهما فالمصور له دور كبير في إخراج الصورة وهو يتحمل النتيجة أولا وأخيرا قبل أن يلقي باللوم على الكاميرا. أما الكاميرا فهي ترسم للمصور الحدود لما يمكن تصويره حتى لا يحملها فوق طاقتها. فليس من المعقول مثلا أن يستخدم المصور كاميرا غير مضادة للماء للتصوير تحت سطح البحر. وبناء على ذلك فعلى المصور أن يعرف امكانيات الكاميرا التي يصور بها ونقاط القوة والضعف فيها حتى يحسن استخدامها. إلى جانب ذلك فالعدسة لها دور كبير أيضا لذلك اختيار العدسة المناسبة للشيء المراد تصويره أمر مهم للغاية.

 


-      ما نوع الكاميرا التي تستخدمونها ؟

 أستخدم كاميرا كانون 350D رقمية

والعدسات التي أستخدمها هي Canon EF-S 10-22 f/3.5-4.5

و Canon EF-S 18-55 f/3.5-5.6

 

-          ولماذا هي بالتحديد؟

اخترت هذه الكاميرا لأنها خفيفة وصغيرة في الحجم ويسهل حملها ومع ذلك فمميزاتها جيدة.

 

          هناك العديد من القضايا المطروحة على الساحات سواء محلية كانت أم عالمية ، هل ترى أنّ التصوير يخدم هذه القضايا ؟ وكيف يكون ذلك ؟ وأين أنتم منه ؟

لا شك أن التصوير له دور كبير في التعبير عن قضايا أساسية ويستحضرني في هذه اللحظة معرض للصور أقيم منذ ثلاثة أسابيع في جامعتنا لإحدى الطالبات.وكانت قد قامت بزيارة لإحدى القرى الفقيرة في واحدة من دول أمريكا اللاتينية خلال الصيف الماضي وخلال تلك الزيارة جمعت الفتيات والفتيان بين سن 14-21 وأعطت كل واحد منهم كاميرا وطلبت منهم أن يصوروا أشياء مهمة بالنسبة لهم في حياتهم اليومية. فجمعت الصور التي التقطوها وأقامت هذا المعرض لتلقي بالضوء على معاناتهم وستستخدم عوائد ذلك المعرض لمساعدة الأطفال في تلك القرية. أما عني شخصيًا فقد فكرت في الموضوع من قبل لكني لم أتخذ خطوات عملية بعد في ذلك الإتجاه.

 

           كل مصوّر أو صاحب موهبة نجد أنّ الكثير من الأمور التي تعرقل مسيرته ، فهل حصل هذا معكم ؟ وما هي تلك الصعوبات؟

            الصعوبة التي لا زالت تواجهني إلى اليوم هي كيفية معالجة الصور. في اعتقادي أن التقاط الصورة ليس من الصعوبة بمكان ولكن ابتكار طريقة معالجة للصورة باستخدام البرامج لتناسب الفكرة التي تريد أن توصلها للمشاهد هي التحدي الأكبر. بالنسبة لي أنا ما زلت في مرحلة تجارب فقد أعالج صورة بطريقة ما ثم أعيد معالجتها في اليوم التالي بطريقة جدا مختلفة لأن نظرتي للصورة تكون قد اختلفت.

           

-          برأيك هل الإعلام مقصّر في تسليط الضوء على المصوّرين ؟

          لا أعتقد أن التقصير من جانب الإعلام لأننا في عصر أصبحت الكاميرا فيه في متناول الجميع ولكن السؤال هو كيف تستطيع أن تخرج عن المألوف لتجعل الإعلام يسلط الضوء عليك؟

 

-          يُقال بأنّ موهبة التصوير هي من أكثر المواهب تكلفة ، فما ردّكم على هذا القول ؟

 بلا أدنى شك. فمن معداتها غالية الثمن إلى تكلفة التنقل من مكان لآخر إلى تكلفة صيانة المعدات في حال انتهاء الضمان كلها تعتبر جزء من الآثار الجانبية للتصوير. وهذا قد يكون عائقا رئيسيا أمام عدم خوض الكثير هذا المجال.

 

-          ما هي طموحاتكم في هذا المجال ؟

                في الوقت الحالي التصوير بالنسبة لي هواية أمارسها بين حين لآخر خاصة في فصل الربيع والصيف. أما في الشتاء فاٌقضي الوقت في تعلم طرق معالجة الصور وتتبع آخر الأخبار لأن الطقس لا يساعد على التصوير بسبب البرودة . والتصوير بالنسبة لي أيضا طريقة لتوثيق الأحداث والمواقف التي أمر بها. أما طموحي فهو استخدامها في الدعوة إلى الإسلام عبر توجيه رسالة إلى غير المسلمين. 

 

-          مصطفى ، نجد ميلكم في غالب لقطاتكم إلى الطبيعة ، فما سبب ذلك ؟

 -           قال تعالى : أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {20} فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21{. هذه هي الآيات التي أجعلها نصب عيني عندما أخرج لتصوير الطبيعة فهي دعوة للتأمل والتفكر ودليل على قدرته وعظمته سبحانه وتعالى. لذلك تجدني أميل لتصوير الطبيعة لأنها لا تحتاج إلى إضاءة مصطنعة أو إعدادات للمكان الذي سيتم فيه التصوير. فكل ما أفعله هو نقل المنظر كما هو فليس باستطاعتي أن أجمل المنظر أكثر مما هو عليه.

 

-          أين ترى نفسكـ الآن في مجال التصوير ؟

          ما زلت في خطواتي الأولى وأمامي الكثير لأتعلمه.

 

-          متى ستقرر اعتزال التصوير – لا قدّر الله - و ماذا سيكون السبب ؟

            لكل مرحلة من مراحل الحياة ما يميزها فاهتماماتي قبل عشر سنوات تختلف بعض الشيء عن اهتماماتي الآن لذلك من الطبيعي أن يأتي يوم يقل فيه اهتمامي بالتصوير.

 

-          هل من كتب أو مصادر معينة تنصح بها لتطوير مستوى المصورين ؟

 هناك مواقع عديدة لكن هذه الثلاث مواقع استفدت منها شخصيا الكثير.

-          http://www.luminous-landscape.com

-          http://dpreview.com

-          http://www.cambridgeincolour.com/tutorials.htm

 

-          هل كانت لك تجربة مع الكاميرات الفيلمية أو أنك بدأت مباشرة بالرقمية؟ و ما رأيك بالفرق بينهما ؟

            معظم الناس كانت بداياتهم من خلال الكاميرا الفلمية ولا أستثني نفسي من ذلك. الكاميرا الرقمية قد تكون أنسب للمبتدئ والهاوي لأن التقاط الصور وحذفها لا يكلف شيئا. أما الكاميرا الفلمية فيجب أن تحسب لكل صورة ألف حساب لذلك هي تكون في أيدي أمينة عندما تكون بين يدي محترف.

-          هل تحاول إيصال رسالة معينة بصورك أو أنك تهتم بها من الناحية الجمالية فقط؟

 الحمد لله الذي من علينا بنعمة البصر والإنسان لا يتوقف عادة عن تأمل كل ما حوله منذ أن يفتح عينيه في الصباح إلى أن يغمضهما في المساء. ومن الطبيعي أن يلفت انتباهه أي شيء جميل لذلك فالجمال عنصر أساسي في كثير من الصور التي ألتقطها. هدفي هو أن أجذب المشاهد ومن ثم أن أوصل فكرة وكل ذلك خلال ثانيتين تقريبًا فإن استطعت فلقد نجحت لأني أشبه المشاهد بشخص يتصفح مجلة حيث لا يقضي أكثر من ثانيتين إلى ثلاث ثوان للتمعن في كل صورة.

 

-          ما هي الصورة التي تمنيت لو كنت أنت مصورها و ما السبب؟

           صورة للمصور جون ماريوت لبحيرة ووترفاول في غرب كندا. حدث أن مررت بتلك البحيرة هذا الصيف ووقفت في نفس المكان الذي التقط منه صورته الرائعة وحاولت أن أخرج بصورة مشابهة لكني لم أفلح بالمرة. وظهر لي يومها الفرق بين الهاوي والمحترف.

-          ما الفرق بين المصورين في الساحتين العربية و العالمية؟ و ما الذي يميز و يعيب كل منهما؟ و ما المميزات التي تود للمصورين العرب أن يستفيدوا منها؟

 المصورون على الساحة العالمية لهم خبرتهم الطويلة في هذا المجال مقارنة بالمصورين العرب. وأكثر ما يشدني إليهم هو إتقانهم وإخلاصهم في الشيء الذي يقومون به. أذكر مرة قام أحد بإبداء إعجابه بصور فنانة مشهورة وقال لها : أنت مصورة رائعة. فردت عليه: لو سمحت أنا لست مصورة إنما أنا فنانة لأن ما أقوم به ليس تصويرًا إنما هو فن!

والصراحة جدًا جذبتني هذه الكلمة لإيمانها العميق لما تقوم به. أما الجانب السلبي للمصورين الأجانب فهو عدم وجود خط فاصل عندهم لما هو مقبول ومرفوض فكل شيء عندهم مقبول من باب حرية الفكر والتعبير.

بالنسبة للمصورين العرب فيواجهون عقبات كون التصوير لا زال في بدايته وقد لا يجدون الكثير الدعم الكافي لتنمية هذه الموهبة. الشيء الآخر هو قلة الموارد من كتب باللغة العربية. ومع ذلك فالمصورين العرب بدؤوا يأخذون موقعهم على الساحة العالمية بحصدهم العديد من الجوائز وإن شاء الله نسير على خطاهم.

 

-          لاحظنا أن لك اهتمام بالأناشيد الانجليزية، ألم تحاول أن تجد طريقة لتخدم بها فن النشيد بواسطة تصويرك؟

 عندي محاولة هذه الأيام للجمع بين الإثنين وإن شاء الله سترى النور قريبا.

-          هل أنت متفرغ بشكل تام للتصوير أو أن لك هوايات أخرى تشاطر التصوير، و هل بينها و بين التصوير علاقة أو أنهما منفصلان تمامًا؟

           هواياتي الأخرى هي القراءة وكرة القدم وتنس الطاولة. قد لا يوجد علاقة بين القراءة وكرة القدم والتصوير ولكن هناك علاقة بالتأكيد بين تنس الطاولة و التصوير. فالمسؤولية أولا أخيرا تتحملها أنت وحدك ولا يوجد شخص آخر لتلقي اللوم عليه في حال الإخفاق. فلا أنت تستطيع أن تلوم المضرب ولا الكاميرا.

 

-          كلمة أخيرة ؟

           أحب أن أتوجه بالشكر إلى العاملين في دار ناشري على إتاحة هذه الفرصة لي ولغيري لإبراز مواهب جديدة على الساحة ما زالت في بداية طريقها وأخص بالشكر رئيسة التحرير الأخت حياة الياقوت والأخت هنادي العتيبي معدة هذا اللقاء.

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية