واعتبر البرغوثي خلال المؤتمر الذي عقده في مركز الإعلام الفلسطيني بمدينة البيرة في السابع والعشرين من أيلول بمناسبة مرور أربعة أعوام على انتفاضة الأقصى التي انطلقت في الثامن والعشرين من أيلول عام 2000، أن قرار محكمة لاهاي التاريخي أعاد القضية الفلسطينية إلى المربع الأول، والعقوبات التي فرضتها بعض الدول على إسرائيل بدأت تعطي مفعولها، متوقعا أن يشهد العام الخامس للإنتفاضة أكبر تصاعد عالمي ضد إسرائيل وأوسع حملة عالمية لمقاطعتها.
[IMG]http://nashiri.net/aimages/barghouthi.jpeg[/IMG]
مروان البرغوثي وأضاف البرغوثي "أن قرار لاهاي الإستشاري أوضح أن كل دولة ملزمة أن تعمل ما في وسعها لتزيل الجدار وتغير الحالة القائمة في الأراضي المحتلة وهو ما فتح الباب على مصراعيه لفرض عقوبات على إسرائيل، وأن قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس حسب القانون الدولي هي محتلة ، مذكرا أن الجمعية العمومية أيدت القرار بأغلبية 160 عضوا مقابل 6 أعضاء عارضوه.
وفي تحليله وتوقعاته للعام الخامس من الإنتفاضة رأى البرغوثي أن العام الخامس من الإنتفاضة سيكون مختلفا عن سابقيه، وهناك خمس اتجاهات رئيسية أصبحت واضحة أبرزها هيمنة الرواية الإسرائيلية على الإعلام العالمي إلى درجة أنها أصبحت تتسلل إلى الإعلام العربي، بفعل الإستثمارت الضخمة في هذا المجال والمستوى العالي للتنظيم، وازدواجية الخطاب الفلسطيني، والأحداث الجارية في العراق، وتقاعس عدد من الأطراف الدولية أمام الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة أعطاها شعورا بالحصانة.
أما الإتجاه الآخر الذي بدى واضحا وهو موت عملية السلام، بعد انتقال إسرائيل إلى حرب شاملة اقتصادية وسياسية وعسكرية تشنها على الشعب الفلسطيني، أن ما يجري حاليا هو عملية ضم واستيلاء شاملة على أراضي الضفة الغربية، ومعالم هذا الاتجاه هي رفض أي حلول بما في ذلك خارطة الطريق، ورفض التعاطي مع أي طرف فلسطيني، وإفشال أي محاولات لوقف إطلاق النار، وبدأ تنفيذ خطة شارون لتحويل غزة إلى سجن.
أما التطور الثالث اللافت فهو حدوث تحولات داخلية فلسطينية بارزة، أهم معالمها تغير توازنات القوة السياسية داخل المجتمع الفلسطيني والقيادات السياسية، عبر إطفاء قيادات سياسية وخاصة قيادات أوسلو، وأبرزت الإنتفاضة قيادات جديدة أصبح لها وزن وثقل كبير، وتحول داخلي نحو الكفاح الشعبي المدني المقاوم.
أما الجانب الذي يليه فهو التحول على الصعيد الدولي حيث يمكن الحديث عن تحول كبير، سيقود إلى تصاعد حملة عقوبات ومقاطعة ضد إسرائيل. أما الاتجاه الأخير أنه لا يوجد حل عسكري للصراع القائم وأن إسرائيل فشلت في إيجاد حل عسكري للانتفاضة.
وذكر البرغوثي أن الانتفاضة بدأت بفعل الإستفزاز الإسرائيلي المتمثل بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون للمسجد الأقصى المبارك قبل أربعة سنوات،و سعي إسرائيل المتواصل إلى تدمير إمكانية قيام أي دولة فلسطينية، وسيعيها إلى تقليص ما عرض عليهم كمكان لإقامة دولة فلسطينية مستقلة من 45% في عام 1947 إلى 23% عام 1967 وهو ما طمح الفلسطينيين أن يكون دولتهم المستقلة، إلى أقل من 18% بمشروع باراك في عام 2000، إلى أقل من 11% فيما يطرحه شارون كنتونات وبستنتونات مقطعة الأوصال.
واعتبر البرغوثي أن الانتفاضة كانت قرار فلسطيني بإنهاء حالة وقف الصراع من جانب واحد جاء بعد سبع سنوات من أوسلو، واصلت خلالها إسرائيل عمليات الاستيطان وفرض الأمر الواقع، كان لابد للفلسطينيين من أن يردوا، وبالتالي ولو لم تقم الإنتفاضة قبل أربعة أعوام لكان يجب أن تقوم اليوم، فالانتفاضة رد فعل طبيعي وشرعي لشعب يتعرض للسلب والنهب.
ورأى البرغوثي أن نتيجة أفعال شارون هي مقتل واستشهاد 4342 فلسطينيا وإسرائيليا قتلوا خلال الانتفاضة الحالية، و58% ألف إسرائيلي وفلسطيني جرحوا، 29 ألف فلسطيني أصبحوا دون مأوى، 65% من الأطفال الفلسطينيين يعيشون دون خط الفقر،و انتشار سوء التغذية بين الأطفال الفلسطينيين لتصبح مماثلة لما هو موجود في صحراء أفريقيا، والدخل القومي الفلسطيني انخفض بنسبة 50 %،كما أن إسرائيل لأول مرة في تاريخها منذ عام 1948 تشهد هجرة مضادة أكبر من عدد الذين يأتون لإسرائيل.
وفي عرضه للإحصائيات أكد البرغوثي أنه خلال الانتفاضة الحالية قتل 3334 فلسطينيا مقابل 1008 إسرائيليين وهذا الرقم الإسرائيلي الرسمي أما الرقم الحقيقي فهو 950 إذا تم استثناء الفلسطينيين الموجودين في الداخل، حيث قتل أكبر عدد من الفلسطينيين في الشهرين الأولين خلال الانتفاضة الشعبية، وموجة القتل الجديدة كانت في اجتياحات مدن الضفة الغربية، والآن نشهد الارتفاع الثالث، ومن المتوقع أن نشهد ارتفاع قد لا يقل عن هذه الاتفاعات في عمليات اجتياح من المحتمل أن تنفذها إسرائيل لقطاع غزة لتكرر عملية الاحتلال كما فعلت في الضفة.
وعن الشهداء الفلسطينيين ال3334 منهم 18% كانوا من الأطفال تحت عمر 17 عاما، 82% كانوا من المدنين الذين لم يشاركوا في أي نشاط شعبي أو مسلح،و60 % أصيبوا بالرصاص الحي، و20% أصيبوا بالرصاص في الرأس، ونسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء.
وحول تفسير هذه الأرقام يتضح أن إسرائيل تقتل ثلاثة فلسطينيين يوميا دون تتوقف على مدار الـ1450 يوما الماضية، هذا الرقم هائل بالنسبة لعدد السكان، فلو فرضنا أن لدينا عدد سكان الولايات المتحدة لكنا نتحدث عن سقوط 175شخصا يوميا، ولكان عدد الشهداء 256.387 ، وعدد الجرحى 4 ملايين و74 ألفا، أما لو كان لدينا عدد سكان بريطانيا لكنا نتحدث عن 35 شهيد يوميا، و51 ألف شهيد بصورة عامة وما لا يقل عن 823 ألف جريح.
وأوضح البرغوثي أن 621 من الذين استشهدوا هم من الأطفال الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية بدم بارد ، منهم 411 طفل أصيبوا بالرصاص الحي،و 20 أصيبوا بالرصاص في الوجه أو الرأس أو العنق، أي أن القصد القتل حيث أنه ليس من السهل إصابة الرأس دون تحديد الهدف بشكل جيد.
ويضيف البرغوثي في إحصائياته أن 331 طفل قتلوا في قطاع غزة من بين الأطفال الشهداء، وتشير الإحصائيات إلى أن هناك نسبة عالية من الذين استشهدوا تحت عمر خمس سنوات عددهم 90 طفل، و95 أخرين من الشهداء من عمر 6-10 سنوات، وعدد يفوق 250 من عمر 11-15 عاما وهو أعلى نسبة من الذين استشهدوا أعمارهم من 16-17 عاما.
ويستنتج البرغوثي أن 621 طفل من الشهداء هي وصمة عار في جبين إسرائيل، التي لن تستطيع أن تجد مبررا لقتل الأطفال، مشيرا أنه لا يمكن تبرير ذلك بالأخطاء، أو أن العملية غير مقصودة.
وأوضح البرغوثي بالأرقام والإحصائيات التي عرضها للصحفيين أن إسرائيل تسعى لقتل الفلسطينيين في حال نفذوا عمليات عسكرية ضدها أم لم ينفذوا، معتبرا أن الفترة الممتدة من أذار الماضي إلى آب الماضي وأنه رغم إغتيال الشيخ ياسين وعدد من القادة الفلسطينيين البارزين ورغم عدم حدوث أي عملية عسكرية داخل إسرائيل، خلالها قتلت إسرائيل 361 فلسطينيا في الفترة التي تصاعد فيها الكفاح الشعبي الفلسطيني غير العنيف خصوصا ضد الجدار مقابل 3 مدنيين إسرائيليين من أصل 31 إسرائيليا قتلوا.
وأوضح البرغوثي أن 45% من الشهداء الفلسطينيين خلال نفس الفترة كانوا مدنيين، لترتفع النسبة من قتيل إسرائيلي مقابل ثلاثة شهداء فلسطينيين إلى قتيل إسرائيلي مقابل 12 شهيدا فلسطينيا، وهذا يدل أن وجود وقف إطلاق نار أو عدمه ستستمر إسرائيل في قتل الفلسطينيين.
وأشار البرغوثي إلى الاعتداء الصارخ على المدنيين في رفح، حيث استشهد خلال مظاهرة سلمية 14 فلسطينيا بقصفهم بصواريخ الدبابات والطائرات، وهؤلاء الشهداء من بين 75 شخصا قتلوا خلال عملية رفح.
ورأى البرغوثي أن الانتخابات الفلسطينية المقبلة تعتبر تطورها هاما بالنسبة للفلسطينيين، مشيرا أن الانتفاضة الحالية تلد التيار الديمقراطي الفلسطيني وهو تيار ثالث وسيكون قوي جدا في المرحلة القادمة، وهذا اتجاه سياسي له أهمية كبيرة جدا، مطالبا المواطنين بضرورة التسجيل في الانتخابات المقبلة.
وقال البرغوثي أن الانتخابات المقبلة هي خير ضمان للحفاظ على شرعية المشروع الوطني الفلسطيني، وللإصلاح الداخلي، وهي فرصة للفلسطيينيين لتجاوز أوسلو، حيث يتم تسجيل الفلسطينيين فقط لأنهم فلسطينيون دون تدخل إسرائيل، وهذا تجاوز لأسلو.
واعتبر البرغوثي أن القانون الجديد الذي سيقر في المجلس التشريعي يعني إنهاء أي إملاء إسرائيلي على الفلسطينيين في موضوع الانتخابات، التي تعتبر فرصة لتكريس الشرعية الفلسطينية وتفويت الفرصة على إسرائيل في أن تملي علينا من يقود الشعب الفلسطيني.