ابنة جلدتها الكاتبة حياة الياقوت (23عامًا)، حازت على شهادة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات من كلية الدراسات العليا من جامعة الكويت كما نالت التقديرعلى كتاباتها باللغتين العربية والانجليزية، يعرفها الكثيرون عبر موقع دار ناشري الذي تترأس تحريره وتطويره بجهودها الذاتية، تقول: "يوم أنهيت تصميم موقع الدار وحملته على الشبكة نظرت إليه وقلت: "أمامك ستة أشهر تثبت كفاءتك وإلا ستكون أثرًا بعد عين". انطلق الموقع في الرابع من تموز (يوليو) 2003 ومازال يحقق نجاحات ملموسة، رغم مساهماتها الكتابية الفعالة فهي كاتبة مستقلة لم تتفرغ لأي مطبوعة حتى اللحظة. الصحافية سمية محمد الميمني (25 عامًا)، مديرة تحرير مجلة الجامعية الكويتية سابقًا رفضت عرض صحيفة كويتية يومية، تجيد 4 لغات: اللغة العربية والانجليزية والهندية والأوردو.
آراء مباشرة تعرضها صحافيات كويتيات، طموحاتهن تنهمر من الأحداق...
[IMG]http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2004/12/thumbnails/T_451b5423-a97d-40d8-89a4-c039a52ce091.JPG[/IMG]
حياة الياقوت، حصلت على الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف، حرفها أنيق وخطواتها مدروسة، الأبواب تهتف من اجلها وتفتح، نشعر أنها تملك مفاتيح لانحظى بها، فرغم صغر سنها وتجربتها إلا انها استطاعت أن تصنع اسما جذابا، عدم ارتباطها مع مطبوعة، سؤال يرتدي بزة مثيرة، تجيب عليه قائلة: " لست ضد فكرة الارتباط مع مطبوعة والدليل أني مرتبطة منذ العام 2001 مع مجلة "الاتحاد" التي تصدر عن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، لكن يبدو أن بعض المطبوعات في عالمنا العربي الكريم هي من لديها المشكلة في الارتباط مع كاتبة مزعجة مثل حياة الياقوت".
تفسر: "دعني أشرح لك كيف أنا مزعجة فعلا من وجهة نظره: كانت إحدى المطبوعات تريد استكتابي، فطلبوا مني أن أكون واقعية. أخبروني أن لي أربع مقالات في الشهر اثنتان منها لي أسرح وأمرح كما أشاء، واثنتان للقراء. استعصى علي الفهم فاستفسرت فقيل لي: لا داعيَ أن تستخدمي كلمات فصحى غير شائعة، ولا مانع أبدا من أن تستخدمي مفردات عامية، وإذا كنت حساسة جدا من الموضوع ضعي العامية بين قوسين وكفى الله المؤمنين شر القتال... ثم عليك أن تكتبي فيما يهتم به القارئ وليس ما تعتقدين أنتِ أن على القارئ أن يهتم به فلا تنسي أن المعلن علينا رقيب عتيد".
وكانت ردة فعل حياة على العرض كالتالي: " لم استسغ الأمر، ولم يستسيغوا موقفي، فختموا المحاورة بقولهم : (إننا مؤمنون بقلمك ويسعدنا استكتابك ولكن مجانا) - وهذه طريقة شائعة جداً للتملص من الأمر- لأنّ المساحة التي سنخصصها لك كان يمكننا تخصصيها لإعلان، وأنت لا تريدين الفهم أن سيف المعلنين مسلط على رقابنا. أسررت في نفسي: (وعلى أقلامنا أيضًا؟!)".
تلقت الكاتبة الكويتية الشابة الياقوت نصائح وعظية من صحافيين كالتي يتلقى مثلها الكثير، تقول لـ (ايلاف) عنها:" وفي مرة تم وعظي بالقول إن" القارئ العربي لا يحب المرأة التي تكتب في مواضيع جادة ... من يقرأ لك يعتقد أنك "الخالة حياة" وفي الخامسة والأربعين على أقل تقدير!" وبما أنهم يعتقدون أن عقدة القارئ العربي المزعومة لن تحل قبل بضعة عقود ضوئية فإنه على الانسياق وراء ما يتوقعه مزاج القارئ من المرأة. يومها أحسست بأنه لو كان اسمي "يحيى الياقوت" بدلا من "حياة الياقوت" لقيّموني بناء على ما أكتب وليس بناء على الجنس الذي أنتمي له".
اكتشفت حياة خطوطًا ملونة لم نكتشفها بذات الدقة، تقول: " أفهم أن هناك خطوطا حمراء سياسية وأخلاقية لا يجوز تجازوها ولست أفعل ذلك، لكن ما أراه هو خطوط صفراء مفتعلة فاقع لونها تسوء الناظرين، والقارئين. ثم من له الحق أن يتحدث باسم القارئ سوى القارئ نفسه؟". تكمل حياة رأيها في بعض القيادات الصحافية: "إذا كانوا خائفين على (بزنسهم) لهذا الحد عليهم أن يعلموا أن الاستثمار الناجح استثمار بعيد المدى في مجالات غير مطروقة، لكن ماذا تفعل في بعض من لا يريدون المخاطرة ويفضلون أن يسير رأس مالهم الجبان تحت الحائط، عندما أرى عدد ومحتوى الرسائل الإلكترونية التي تصلني من القرّاء أعلم أن القائمين على هذه المطبوعات فقدوا للتو فرصة استثمارية مربحة لا لشيء سوى لأنهم يرتعبون من التغيير ويقاومونه".
وترى الكاتبة الكويتية أن الشفاعة غير الحميدة وراء تذبذب أداء الصحافة العربية، تعبر عن ما يختلجها بقولها :"مطبوعاتنا العربية للأسف لا تؤمن بشيء اسمه السيرة الذاتية أو بقراءة نماذج من مقالات الكاتب، إنها تؤمن بشيء أصغر وأكثر أناقة - وإن انمحت مؤهلات حامله - بطاقة توصية من فلان أو علان. المشكلة أني لا أعرف فلاناً هذا ولا علاناً أيضًا، والمشكلة أيضًا أني أحب أن أحمل سيرتي الذاتية وقصاصات من مقالاتي على كفي، وكثيرًا من الثقة والأمل في قلبي. من هنا وجدت أن أكون كاتبة مستقلة Freelance Writer، و مؤسف حقاً أن قلة يقدرون هذا المفهوم ويحترمونه فما بالك بممارسته".
ماذا اضافت رئيسة تحرير الأنباء بيبي المرزوق للاعلاميات الكويتيات؟ تجيب حياة على سؤال(ايلاف) قائلة: " في العالم العربي ظاهرة ملفتة وهي نجومية رؤساء التحرير إلى حد قد يزاحمون الفنانين فيه وهو أمر غير معتاد بشكل عام في الأوساط الصحافية في بقية بقاع العالم. بيبي المرزوق اختارت أن تكون رئيسة تحرير وإدارية مميزة ولم ترغب في أن تكون نجمة بالمفهوم الشائع وهذا خيارها. ما يهم هو أن ُيقدّم لنا منتج معلوماتي على مستوى مناسب من المهنية وهذا بحد ذاته إضافة لامعة في مجال يسيطر فيه الرجال على رئاسات التحرير".
حجاب حياة، ربما وراء عدم انتشارها بالصورة التي تبتغيها ونشتهيها، تقول: "صورتي تخيب آمال الكثيرين ولذلك أصر على نشرها، البعض يستغرب من كون (هذا الفكر المستنير يصدر من رأس يغطيه أكبر رمز لتخلف المرأة: الحجاب). هكذا يعتقدون، أما أنا فاعتقد العكس. أرى أني بحجابي يمكنني أن أساهم في ما يسمى في علم النفس بالـ Disillusionment أو كسر الوهم. بالله عليك، هل وجدت النسوة المتحجبات خارج إطار إعلانات المنظفات المنزلية وحفاضات الأطفال؟". تتابع دون أن اجيب: " هذه هي الصورة النمطية، وأنا أسعى لكسر كل التنميطات وقهر كل الـ"تابوهات" المفروضة على المرأة المتحجبة. أوه! هذا أيضا سبب آخر وجيه جداً يجعل بعضا آخر من المطبوعات ينفر مني. بيد أني لست ممن يحاولون هذا الصد إلى حائط مبكى. أندب حظي بطريقة إيجابية، بأن أصنع من الصخور سلما ومرتقى لأصعـّـد إلى أفق أرحب".
مساهمات المرأة سياسيا ناقصة، كيف تراها الكاتبة الياقوت وفق رؤيتها: "مشاركة المرأة الكويتية هي لعبة (شد الحبل) بين مجلس الأمة والحكومة: لطالما كانت حقوق المرأة السياسية أداة ضغط يستعملها كل طرف لمساومة الآخر. بقراءة الانفراج اللافت مؤخرا لمواقف العديد من أعضاء مجلس الأمة يمكننا الاستبشار أن حصول المرأة على حقوقها السياسي بات جد وشيك". تضيف: " لكن ما هو أهم من هذا كله هو "السقف الزجاجي" الاجتماعي الذي تقبع المرأة الكويتية أسفله، فالرائي يخيل له أنها حاضرة بينما تصطدم هي بالزجاج كلما حاولت رفع عنقها أعلى من حد معيّن. ولا حل لذلك سوى أن تنتفض المرأة الكويتية من حالة البطالة المشاركية، فالحقوق السياسة غاية وليست الغاية في سبيل خلق مجتمع متوازن ينزل كل فرد منزلته".
الصحافية سمية الميمني، قلم مفعم بالوعي والمهارة، لها مشاركات غنية اثناء ادارتها لتحرير مجلة آفاق الجامعية الكويتية، لكن موقفها واضح من عدم المشاركة في الصحف الكويتية، تقول لـ "ايلاف": "مع بداية شهر رمضان الماضي توظفت بشكل رسمي في شركة الإنماء العقارية بمنصب مشرفة علاقات عامة وإعلام فأنا أمارس الصحافة والعلاقات العامة التي لا أراها بعيدا عن الإعلام بشكل عام ولكنني (وجهة نظر شخصية) ما زلت أرفض دخول المرأة أو الفتاة في شارع الصحافة للعمل بجريدة يومية مع كل احترامي لجميع الصحافيات" . تحمل سمية الجنسية الهندية لكنها تكتب وتتكلم بثقة 4 لغات، ولدت وترعرعت في الكويت، تتكلم عن بدايتها الصحافية: "كنت أحب الكتابة بشكل عام منذ المرحلة الثانوية وخصوصا الشعر، ولكن لم أكتشف في داخلي موهبة الصحافة إلا بعد أن دخلت الجامعة حيث كنت في السنة الثانية بكلية الشريعة وقرأت إعلانا عن دورة صحافية تقيمها جريدة آفاق (وهي جريدة جامعية تصدر عن إدارة جامعة الكويت بشكل أسبوعي) فحضرت الدورة من باب الفضول لا أكثر، وكانت الدورة لمدير تحرير جريدة آفاق آنذاك ( أ. نبيل الخضر) وكان لأسلوبه المشوق دورا كبيرا في اهتمامي بالعمل الصحافي ودخولي لهذا العالم وأذكر كان ذلك في عام 1999 ومن هنا بدأت أنجرف للعمل الصحافي، وبدأت أحس أن الكتابة إدمان لا مفر منه". تقول عن أول مادة نشرت لها: " أول مادة صحافية لي كانت عبارة عن لقاء مع دكتور عناية الله ابلاغ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ونشر هذا اللقاء على صفحات جريدة آفاق بتاريخ 24/ 10/ 1999، وكان شعوري غريبا يدمج مابين الفرحة والخوف في آن واحد". وعن ردود الفعل تتدفق سمية: " تلقيت صباح ذاك اليوم اتصالات كثيرة تهنئ وتبارك لي على هذه المبادرة ومع مرور الوقت صار العمل الصحفي سهلا وممتعا جدا وأعترف أنني بدأت أهتم به أكثر من دراستي، ولكن كل هذه المجالات الصحفية كانت داخل الإطار الجامعي.
لاتنسى الكويتية ابتسام الفواز عندما استضافتها القناة السادسة في (جنوب فلوريدا) التابعة لشبكة ان بي سي قبل عامين: "حضرت الى الاستوديو للحديث عن المرأة في الشرق الأوسط، كنت سعيدة للغاية من سياق الحوار لكن فرحتي لم تكتمل عندما سقط كوب العصير الذي أمسكه على ملابسي في مشهد على الهواء، كنت ارتجف حينها وعندما أتذكر الموقف".
تقول ابتسام أنها تتمنى أن تهتم الكويت والدول العربية بتدريب الكوادر النسائية أكثر: "الاستحقاقات المقبلة شائكة، التدريب والتطوير سيجعلنا افضل ان شاء الله".
حققت الكويت تقدما أكثر من معظم دول الخليج من حيث تحسين وضع المرأة وتأمين المساواة بين الجنسين. وللنساء نسبة مرتفعة من المشاركة في قوة العمل، كما يتمتعن بحماية وفيرة حيال التمييز ضدهن. والقضية الرئيسية موضع القلق العالمي في هذا الصدد هي عدم حصول المرأة الكويتية على حق التصويت.
[IMG]http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2004/12/thumbnails/T_c3634f43-0806-451b-a0f9-f85e95a10835.JPG[/IMG]
مستقبل مشبع بالأمل ينتظر الكويتيات
صدّقت الكويت على "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" سنة 1994، وتحفظت على ما يتعارض منها مع الشريعة الإسلامية. ورفضت الكويت أيضًا قبول مرجعية آليات حل النزاع العالمية التي نصت عليها هذه الاتفاقية. ويحظر الدستور الكويتي التمييز على أساس الجنس. وأحكامه في هذا الصدد مطبقة بوجه عام.
كانت الكويت مؤخرًا موضع اهتمام عالمي بخصوص حق الاقتراع للنساء. فقد أصدر الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح في أيار(مايو) 1999 مرسوما يمنح بموجبه النساء حق الاقتراع والترشح في الانتخابات النيابية المقررة لسنة 2003. ولكن مجلس الأمة عطّل هذا المرسوم في تشرين الثاني(نوفمبر) 1999 من خلال تصويت متقارب (32 صوتا ضد و 30 صوتا مع). وما تزال هذه المسألة موضع خلاف في الكويت اليوم. ويجادل معارضو حق المرأة في الاقتراع من الإسلاميين والتقليديين بأن تعريض النساء للحياة العامة من خلال التصويت سوف يقود إلى انحلالهن أخلاقيا. وكان مؤيدو منح حق التصويت للمرأة أقلية بين النواب المنتخبين. ولكن الوزراء الحائزين على مقاعد نيابية شكلوا كتلة مساندة للأمير.
يشارك ثلث النساء الكويتيات تقريبا في قوة العمل. وتعمل الغالبية العظمى منهن في القطاع الحكومي. وتحصل النساء، بوجه عام، على أجر متساو مع أجر الرجل في الوظائف المتماثلة في القطاعين العام والخاص. وقد ازداد حضور المرأة الكويتية في سوق العمل باطراد في العقد الأخير، ويفترض أن يستمر في التزايد مستقبلًا .