تؤكد نتائج الدراسة التي اجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن اعتبارات المشاركين في الانتخابات الرئاسية قد اختلفت عن اعتباراتهم في الانتخابات المحلية، ففي الرئاسية أراد الناخبون رئيساً قادراً على تحسين الوضع الاقتصادي والعودة لعملية السلام، أما في المحلية فأراد الناخبون مرشحاً نزيهاً بعيداً عن الفساد. ففي الانتخابات الرئاسية كان محمود عباس هو المرشح الأقدر على التجاوب مع اعتبارات الناخبين، أما في الانتخابات المحلية فقد كان مرشحو حركة حماس هو الأكثر نزاهة وبعداً عن الفساد، فيما تخلى الناخبون عن مرشحي حركة فتح لاعتقاد معظم الناخبين أن مرشحي فتح قد يكونون ملوثون بالفساد.
وجاء هذه النتائج بعد تحليل ثلاث إستطلاعات للرأي أجريت يوم الانتخابات لاستطلاع مواقف الناخبين الفلسطينيين ومحاولة إستقراء النتائج قبل ظهورها.
من هم ناخبي عباس وما هي مشكلتهم الأهم؟
وعن مواصفات ناخبي محمود عباس فترى الدراسة المقارنة أنه عباس حصل على أصوات أكثر في قطاع غزة، مقارنة بالضفة الغربية، كما حصل على أصوات أكثر بين الأقل تعليماً، والموظفين، والعاملين في القطاع العام، والمتزوجين والأكبر سناً، والأكثر تديناً والأكثر تأييداً لعملية السلام ومؤيدي فتح.
المشكلة ذات الأهمية الأولى بالنسبة للناخبين في الانتخابات الرئاسية هي تفشي البطالة وانتشار الفقر (33%) يتبعها استمرار الاحتلال وممارساته اليومية (31%) ثم انتشار الفساد وغياب الإصلاح الداخلي (26%). كما يعطي ناخبي عباس أهمية أكبر لمشكلتي البطالة والاحتلال.
عن دوافع اختيار هم لمرشحهم في الانتخابات الرئاسة أعطى الناخبون أهمية أولى لقدرة المرشح على تحسين الوضع الاقتصادي (23%) يتبعه القدرة على التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل (19%) ثم القدرة على فرض النظام والقانون (16%)، ثم القدرة على حماية حقوق اللاجئين في المفاوضات (14%)، ثم القدرة على الحفاظ على الوحدة الوطنية (12%) ثم جاء في المرتبة السادسة الانتماء السياسي بنسبة 10%، وأخيراً في المرتبة السابعة القدرة على ضمان استمرار الانتفاضة بنسبة لم تتجاوز 4%. تظهر النتائج أن ناخبي محمود عباس يهتمون بشكل خاص بقدرته على تحسين الاقتصاد ودفع عملية السلام.
وتظهر نتيجة الدراسة أن النسبة الأكبر من المشاركين في الانتخابات الرئاسية تعتقد أن القرارات المصيرية يجب أن تكون بيد رئيس السلطة (35%) فيما تعتقد نسبة من 30% أن هذه القرارات يجب أن تكون بيد المجلس التشريعي الفلسطيني و12% تريدها بيد مجلس الوزراء ورئيس الوزراء، و8% تريدها بيد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير و7% فقط تريدها بيد المجلس الوطني الفلسطيني.
وبعبارة أخرى، يمكن القول أن الأغلبية الساحقة (77%) ترى أن القرارات المصيرية يجب أن تكون بيد أطراف في السلطة الفلسطينية فيما تريدها أقلية من 10% بيد أطراف في منظمة التحرير الفلسطينية.
وتلفت النتائج إلى أن الأغلبية (64%) تريد إعطاء رئيس السلطة سلطات أوسع من سلطات رئيس الوزراء فيما تريد نسبة من 23% إعطاءهما سلطات متساوية ونسبة 7% تريد أعطاء رئيس الوزراء سلطات أوسع من سلطات رئيس السلطة. تنطبق هذه النتائج على كافة الناخبين بغض النظر عن المرشح الذي صوتوا له لكن ناخبي محمود عباس (76% مقابل 57% من ناخبي البرغوثي) تريد إعطاء رئيس السلطة صلاحيات أكبر.
وتشير الدراسة أن أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين (76%) تريد من الرئيس المنتخب التفاوض مع إسرائيل بشأن خطة فك الارتباط الإسرائيلية و19% تريد منه عدم التفاوض بشأنها. كما أن أغلبية من 61% تريد منه تطبيق خطة خارطة الطريق مقابل 26% تريد منه عدم تطبيقها.
وبخصوص مسألة عسكرة الانتفاضة فينقسم الناخبون إلى قسمين متساويين، حيث أن 46% تريد منه وقف العسكرة مقابل 46% لا تريد منه وقف العسكرة. يزداد التأييد بين ناخبي أبو مازن للتفاوض حول خطة فك الارتباط (80%) وتطبيق خارطة الطريق (69%)، أما بالنسبة لوقف عسكرة الانتفاضة فإن أغلبية ناخبي عباس (54%) يؤيدون وقفها.
تظهر نتائج الاستطلاعات التي أجريت يومي الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أن المشاركين فيها لا يختلفون عن المشاركين في الانتخابات الرئاسية من حيث تحديد المشكلة الأهم التي تواجه الفلسطينيين اليوم، تذهب النسبة الأكبر (35%) لمشكلة تفشي البطالة وانتشار الفقر يتبعها الاحتلال وممارساته (34.5%) ثم انتشار الفساد وغياب الإصلاح (23%).
ظهر المشاركون في هذه الانتخابات في الضفة الغربية اهتماماً أكبر بالاحتلال (37%) مقابل المشاركون في قطاع غزة (31%) فيما يظهر المشاركون في قطاع غزة اهتماماً أكبر بانتشار الفساد (26%) مقابل المشاركون في الضفة الغربية (20%).
ويعطي المشاركون في الانتخابات المحلية أهمية قصوى لنزاهة المرشح وبعده عن الفساد، حيث يرى 71% هذا العامل "مهم جداً"، وترتفع نسبة الاعتقاد بأن هذا العامل "مهم جداً" في قطاع غزة حيث تصل إلى 78% مقابل 66% في الضفة الغربية، يأتي في الأهمية العالية الثانية العامل المتعلق بدرجة تعليم المرشح (64%)، ثم درجة تدينه (51%).
ترتفع النسب لهذين العاملين في قطاع غزة لتصل إلى 70% للتعليم و58% للتدين (مقابل 59% للتعليم و46% للتدين في الضفة الغربية). ثم يأتي في الأهمية العالية الرابعة موقف المرشح من العملية السلمية (41%) ثم في الخامسة انتماؤه السياسي (26%) وتأتي العلاقة العائلية والشخصية في المرتبتين الأخيرتين (18% و16% على التوالي).
تظهر النتائج أن اعتقادات المشاركين في الانتخابات المحلية حول قضية الفساد وقد كانت الحاسمة في اختيارهم للمرشحين. كان هذا هو العامل الأهم في الاختيار كما أشرنا إليه سابقاً. وعند سؤال الناخبين عما إذا كان مجلسهم المعين الراهن فيه فساد أجاب 61% بالإيجاب (ترتفع النسبة في قطاع غزة إلى 73% مقابل 52% في الضفة الغربية). أما عند سؤالهم عما إذا كان المجلس المنتخب الجديد سيحارب الفساد فإن 93% أجابوا بالإيجاب
وفيما أظهرت نتائج الاستطلاع حصول حركة حماس على أغلبية الأصوات في قطاع غزة، فإن الناخبين صرحوا في الوقت ذاته بأن تعاطفهم السياسي ليس بالضرورة مماثلاً لطريقة تصويتهم، فمثلاً بينما حصلت حماس على حوالي ثلثي المقاعد في قطاع غزة فإن نسبة من 27% فقط صرحت بأنها مؤيدة لحركة حماس فيما صرحت نسبة من 37% بـأنها مؤيدة لحركة فتح.
أما في الضفة الغربية فبلغت نسبة التعاطف مع حركة فتح بين المشاركين في الانتخابات المحلية 39% مقابل 20% لحركة حماس. وحتى عند سؤال المشاركين عن الحزب أو الحركة التي ينتمي إليها المرشحون الذين صوتوا لهم فإن نسبة من 30% قالت بأنهم من حركة فتح فيما قالت نسبة من 19% بأنهم من حركة حماس.
تظهر النتائج وجود تأييد واسع (70%) بين المشاركين في الانتخابات المحلية للعودة الفورية للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين فيما تبلغ المعارضة لذلك 27%. ومن الواضح بالتالي أن الموقف من العملية السلمية لم يكن هو العامل الأهم في اختيار المرشحين وهو ما أشرنا إليه أعلاه حيث جاء في المرتبة الأولى نزاهة المرشح وبعده عن الفساد وجاء موقف المرشح من العملية السلمية في المرتبة الرابعة.