سِرْبُ النّوارسِ في السَّمَا يَتَكَسَّرُ
والجَوّ بالفــُـلِّ البهــيِّ مُعَطَّـرُ

 

حتى الغـمامُ تَبَـسَّمَتْ قَسَمَاتُهُ
والغيثُ يَهْمِي، في الدُّنَا يَتَحَدَّرُ

والشمسُ مَدَّتْ بالحنـانِ أياديــًا
دِفءٌ أَشِعَّتُهَا، وحُبٌّ مُسْــفِــرُ

 

وعلى ارتدادِ المـاءِ صورةُ مُتـْرَعٍ
بالحزنِ، فاضَ، وبالحنينِ مُـكَدَّرُ!

لم يُعْفِهِ من حُزْنِهِ: وردٌ، شذى،
ضَحِكُ التلالِ، وثـوبُـهُنَّ الأخضَـرُ

 

حتى الطيور، ولحنهنّ جــوارسٌ

أضحى كوجدانِ البغامِ، وأعسرُ!

يهديهِ زَهْرُ الرَّوضِ أروعُ مَشْهَـدٍ

بالحسنِ يحكي، ينثني، يتَبخـتَرُ!


لكنَّ عَينَ القلبِ كبَّلَها الأسى!

صُرِفَتْ, وأُعْمِيَ طَرْفُهَا، لا تُبْصِرُ!


أيكونُ صدقي، والوفاءُ جريمةٌ؟!

أُسْقى بها مُرًّا، وكم أتحسَّـرُ!


يا صاحبي، والروحُ أضناها العنا

والعينُ يسقيها الحنينُ فَتمطرُ!


أولم نكن يا صاحبي بدر الدجى؟!

نورُ الليالِي، مسكهنَّ الأذفرُ؟!


أولم نكن عندَ الشِّدادِ فوارسًا

نلجُ الحمى بعزيمةٍ لا تُقْهَرُ؟!


أولم يُجَمِّعنا الوِفَاقُ لياليًا

نهفو، ويحملنا بساطٌ أخضرُ؟!


أولم يكن عَهْدٌ تآخينا به؟

مَن حـَلَّ موثِقَنا الذي لا يُصْهـَرُ؟!


أولم يكن درْبُ الجِنانِ طريقنا

للخيرِ نَسْعى, للفضِيلَةِ نَنْشُرُ؟!


أولم نكن؟ أولم نكن؟ أولم نكن؟!

وارتَدَّ صوتي بائسًا يتَحَسَّرُ!


يا صاحبي ماذا دهاك؟! وما جرى؟!

أفلا أجبتَ؟! لعلَّ قلبي يَعْذُرُ


شَرُقَتْ بِسُؤْلِي الروحُ، فاضَ بدمعها

ذكرىً لأيامٍ، فهل تتذَكَّرُ؟


أيامَ كان صَفَاؤنا في بَسْمَةٍ,

في جلسةٍ, وسَعَادةٌ لا تُحسَرُ


نبني, نخططُ, نعتلي بنفوسنا

للآخرين عـــزائِـــــمٌ تَـــسْتَنْفِرُ



أين ارتحلتَ؟ أنا ببابي واقفٌ

أترَقَّبُ العهدَ القديمَ. وأنظرُ!


في كل يومٍ أستفيقُ بجعبتي

أملٌ بلـُقيـًا، أو بِحرفٍ يُسْفِرُ!


ويمر شهرٌ، والشهور تتابعتْ

وأنا، وروحي، والفؤادُ، تَصَبُّرُ!


وأعود أسألني: تراها زلةٌ

مني، أَغـَابتْ طيفهُ؟! ... لا أذكر!


لا أذكرنَّ سوى العهودِ تَوَثَّقَتْ

بالنصح، بالذكرى، إذا نَتَعَثَّرُ!


وتكون مرآتي النقية دائمًا

وأكونُ مثلكَ مخلصًا، بل أكثرُ!


يا صاحبي ماذا دهاك؟ وما جرى؟!

فلمثلِ بـُـعدك إنني أتفَطَّرُ


قد كنتُ زاهيَةً تَهَلَّلُ نضرةً

تسبي العيون بِحمرةٍ إذ تُزهرُ


أصبحتُ صفراءً ذوتْ أوراقُها

عُنُقٌ تَلَوَّى، قَدُّهَا يَتَكَسَّرُ!



أيكون صدقي, والوفاء جريمة؟!

أُسقى بها مرًّا وكم أتحسَّرُ!



قلبي رسالتهُ المحبَّة صوبكمْ

وقلوبكم بِيـَدَيْ ملِيكٍ أكبَرُ!


لا، لستُ أملكها، ولستُ بمقحمٍ

نفسي، إذا ما روحكم تتذمَّرُ!!


*
*
*
*
*


الكونُ واسعةُ المدى أطرافُهُ

طرفي رفعتُ، فإذْ بِنَفسي تُسفرُ!


ربَّاهُ حسبي أنت، ملتجئي، كما

أني بهديِكَ -يا مليكي- أُنصَرُ


أرسلتُ قلبي للسماءِ، فأشرقتْ

روحي، ووجهي في الترابِ مُعَفَّرُ!
:

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية