لو أن في زمني رجوعاً لانْقلبْتُ على الخطَطْ
وصبَغْتُ أيامَ البرا ءةِ بالشَّقاوةِ واللغَطْ
واخترتُ ما اشتهتِ الطفولةُ من حلاوتِها فقطْ
ولَهَوتُ فوقَ الرَّملِ بالألعابِ أو رَكْضاً ونَطّْ
وتركتُ ما قالَ المعلِّمُ: أنتَ في الغَدِ مُغتَبَطْ
اجْعلْ غداً لكَ غايةً واليومَ جِسْراً في الوسَطْ
واحْمِلْ إليه قلبَكَ الطمّاحَ بالصبْرِ انْضبَطْ
أذْكَى بقولتِه الخيالَ فما تهيّبْتُ الشَّطَطْ
وبقيتُ بالغدِ أحْتمي ولأجلهِ يومي سقَطْ
حتى إذا وافَى غَدِيْ أضحى له غداً الْمحَطّْ
يومي، غدٌ للأمس، أعْرضَ عن مكانته، هبَطْ
أمضيتُ عمري كلَّه أبغي غداً ما جاء قطّْ
وظللتُ ألهثُ ثم ألهثُ ثم ألْ... يا لَلعَبَطْ
حتى إذا جرْيِيْ وهَى والخطْوُ أثْقلَ أو ثبَطْ
وعلمتُ أن سِهامَ عُمْري كلَّها طاشتْ غلطْ
وعلمتُ أنَّ غداً مخادَعةٌ وتسويفٌ ومَطّْ
وعلمتُ أنَّ غداً خيالٌ كان في قولٍ وخطّْ
عادتْ عيوني كي تُدارِكَ ما بِحَيْرَتِها ارتبَطْ
فإذا الذي لاقَيْتُهُ أمسٌ غريقَ الدمعِ شَطّْ
ما بينَ آتٍ في غدٍ أو رائحٍ يومي انْفرَطْ