(إلى قريتي .. التي هجرتني من ست وعشرين سنة)
(1)
كانتْ يَدُها ..
ـ ما أجملَ يَدَها! ـ
تنسلُّ من الأَجَمَةِ،
تحملُ عشبَ فراديسِ النشوةِ بلِقائي!
تعرفُ كيفَ تُلامسُ نبْضي ..
وزنابقُها تتفتَّحُ في الفجْرِ ..
لزخَّاتِ المَطَرِ! (2)
كان الشَّجَرُ العالي .. يسْتهْوي زقْوَ عصافيرِ الماءِ
وكانتْ تُغْويني
وأنا أتبعُها في ضوْءِ القمرِ الغائبِ ..
خلفَ سحابٍ يتتَابعُ،
في صحْراءِ العشقِ وحيداً، أمْضي
لا نورَ بأُفْقي ..
لا موسيقا تصْدحُ في هذا الجوِّ الغَجَري!
(3)
ـ لنْ أَنْكَأَ جُرْحَ الأمْسِ
فهأنذا أسمعُ صوتَكَ
يا …
هلْ تبْداُ قصَّةُ جُرْحٍ .. آخرَ
عمَّ يتساءلُ رأسٌ يشتعلُ ضُحىً
بالدَّهشةِ وغُبارِ السَّفَر؟
(4)
كيف تُضيءُ حجارةُ شطْآني
في هذا البرْدِ القارسِ
في ظلِّ مساءاتٍ معتمةٍ .. حولي ..
ماذا ترْجو ..
منْ شَغَفِ النهْرِ لأشْواقِ الشَّجَرِ؟
(5)
ها أنْتِ تبوحينَ بلفْظي المكْنونِ
ودُرِّي المخبوءِ
وصوْتُ سقيفتِكِ الموحشِ ..
يقْرؤني، مسْكوناً بالعجْزِ ..
يُسامرُني وطيوري المائيّةُ ..
تهجسُ بالحُزْنِ .. وتُطلقُ للرِّيحِ عَنانَ الشَّجَرِ!
(6)
ها قدْ بُحَّ الصَّوْتُ
لماذا تشتعلينَ حنيناً
وأنيناً
للإيلامِ، وللفقْدِ
لماذا يرْتعِدُ الماءُ بكوبي هَلَعاً؟
هأنذا أسقُطُ بينَ غِياضِ الوقْتِ ..
وصحْراءِ النُّذُرِ!
(7)
.. ولماذا ظلَّ دمي ـ في كيْنونتِهِ الأولى ـ
يصْعدُ أشجارَ الوهْمِ ..
يُغنِّي، ويُغنِّي ..،
(لا يتعبُ! .. كمْ غَنَّى!)
ما زالتْ شُرْفتُها تخضرُّ ..
بعْشْبِ فراديسِ الوحشةِ!
…
يا … كمْ تتشوَّقُ هذي الصَّحْراءُ ..
الآنَ لزخَّاتِ المَطَرِ!