(قصيدة مدوَّرة)

إليها أرسُم النجوى هلالاً ذا صباحٍ تشتهي الأعيادُ طلعتَهُ، وأُخفي هاجسَ الآلامِ أُنكرُها، فهلْ أُغلي لها الشكوى؟، وأشتاقُ الأذى مِن أجلِ عينيها التي أهوَى.. لعينيها أسرُّ الحبَّ، أفتعلُ السكوتَ وقلبيَ الظامي يُخاتلها ويجهشُ بالأنينِ، ويدّعي الخفقانَ.. روحي تدَّعي الـسكناتِ.. ليلي يدَّعي قِصَراً، وعمري يدَّعي السلوى. إليها وحدَها يربو على الإخلاص إخلاصي، وعِشقي مُنتهَى الأشياء.. يحلو لي أموتُ وتشتري دنياي دنياها.. وفيها كلُّ آمالي وإنْ ظلَّتْ تغارُ من الكتابِ بدأتُ أقرأهُ، ومِن أضغاثِ أحلامي، ومن عينيَّ حينَ أهمُّ بالمِرآةِ أَسمعُ وجهَ عاشقها، فكلُّ العمر مرسومٌ على أطراف خاتمها، ومكتوفٌ على أسوار عينيها.
إليها..للتي إنْ كانَ بحرُ العطرِ مندلقاً فمِنْ فمِها، وإنْ كانَ الهوى سِحراً فمِن أطرافِ عينيها، وإنْ ما قلتُ شعراً في سواها عاشقاً صبَّاً فأَعنيها، فكل اسمٍ لها يَـنمي وكلُّ قصيدةٍ في الحبِّ سارتْ في مواكبها، وكلُّ تميمةٍ كُتبتْ لِـتَرقيها.
إليها دمعةٌ حَرَّى تفيضُ إذا سمعتُ الآهَ من شفتينِ ساحرتينِ - آهِ كم انتشى إسمي وما زالتْ تردّدهُ – وأختلسَ البكاءَ أصيحُ: ليتَ الآهَ لي وحدي، وفاتنتي تراني العمرَ مبتسماً، ولكنَّ الذي في القلبِ في القلبِ.
إليها دمعةٌ حرّى تفيضُ إذا رأيتُ الآهَ في الشفتين، لكنْ إنْ بكتْ هزَّتْ بقايا الهمِّ في عمري، وفيها تَجملُ البلوى، وأستحلي العذابَ الـمُـرَّ شرطاً في سعادتها، فإنْ بسمتْ برئتُ بهمسِ بسمتِها، وإنْ ضَحِكتْ نسيتُ اسمي.
إليها..للتي أعني، لقلبٍ مِثلِ لؤلؤةٍ تـَلامعَ في ظلام الروحِ، للروح التي ما دمتُ أفديها بروحي هذه الأحلامُ فلأنعسْ، وهذا الأنسُ فَلأُتعسْ، وهذا القلبُ – في ذكر اسمها الميمونِ- فَليخفِقْ، وهذا الدمعُ فَليكرمْ، وهذا العمرُ فَليقصرْ.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية