1-توجس:
يزف نسيمك الفردوس أطلالا
إلى عرس الضيا المقهور
يفاجئني الربيع عباءةَ جرداءْ
فأنظر في غياهب موتي المعلن
ويُدخِلُني ..
طقوسَ الوهم والأرزاء 2-عزف اّخر:
قومي ذات كرى
ـ والعازف يتدثر بالشوق ـ
أعطينا من كفيك الماء الثجاج
هأنذا أقف ببابك يأخذني العبقُ الوهاجْ
أسأل أبوابك
نبض جدائلك الحبلى
وأحاور نجماتكْ
من يجهلُ مشرق شمسكْ
طلْعةَ نورِكْ
وعذوبةَ لفتاتِكْ؟
فلماذا يفتضُّ الصمتُ بكارةَ كلماتِكْ ؟
3التائه والصحراء:
غيرك يقعي في مملكة اليأسْ
يعبرُ فاصلة الويلِ
ويدخلُ في جَدَلِ الرَّمْلِ
وفي فَرْوِ الرأسْ
هجَّ حمامٌ من قفصِ الصدرِ مساءْ
حط على شجرة إثلٍ فرعاءْ
...
أنفخُ في البوق عشيا وصباحا
بطبولٍ في القلب المملوء جراحا
أخفي ظمأً لا يرويه الماءْ
...
حدوةُ فرسٍ تملأُ عينيَّ
فوقَ رمالِ الصحراءْ
وأصابعُ كفٍّ ..
فوقَ الجُدُر الملساءْ
(أغشيةُ مُخاطٍ في الصوتِ الأجوفْ
تقَطعُهُ باستهزاءْ )
هذي نخلتنا الفرْعاءْ
من يَقدِرُ أنْ يجتَثَّ النخلةَ في القيْظِ
ومن يُلقي في بيْداءِ الحسْرَةِ
عُمراً ناءَ بحَمْلِ الأهْواءْ ؟
حدِّقْ علَّكَ تُبصِرُهُ في الليْلْ
يمشي يتَقصَّى البُعْدْ
ويُعيدُكَ للمهدْ
يهربُ من قاموسِ الفَقْدِ
وفي يدِهِ ماءُ الوعْدْ
اَسألُ:
منْ سيُعيدُ لنا أثمارَ النهرِ
ويفْرحُ بالنَّصْرِ
ويُلقي أوراقَ الفضَّةِ
في بابِ القمرِ
الزَّهْرْ
ويهُزُّ النخلةَ تُمطرُنا بالثمَرِ المُرّْ؟
(هأنذا أسقيكُم منْ ماءِ النهرْ)
4-أغنيةٌ أُولى إلى مكَّةَ:
ألقتْ في الأرضِ خميرتَها
رفعتْ في الليلِ عقيرتَها
هذا الماءُ الوقَّادْ
(هلْ يُعطيها الأحفادْ؟)
يُشعلُ في رحمِ الأرضِ / الأُنثى الأمجادْ
هذي جذوةُ أشواقي تتشهَّى
أنْ تُبصر في الأفْقِ الأفْياءْ؟
هلْ يتخَفَّى فينا النُّسْغُ / الجُرحْ؟
أنتظِرُ بلا منٍّ أعينَهم
تمتلئ بآفاقِ الميلادْ
هلْ تخشين عذاباتِ الملحِ
فتجرعُ روحي من نخْبِ هزيمتِكِ الملتاعةِ صبْحاً
وعشِيًّا؟
هذي ليلتُنا الليْلاءُ بلا
صُبْحِ
أوْ
فتْحْ !!
5-سنابل للبوار:
سنابلُ الأوهامِ مُثقلهْ
بالوعدِ، والعطاءْ
والشمسِ، والحدائقِ الغنَّاءِ، والسحابهْ
وشهوةِ الكتابهْ
وعنْ جيوشِ الرملِ والجرادِ غافِلهْ
والسُّوقُ ، والألوانُ ، والشفاهُ ذاهلهْ
ها أنتِ يا مدارجَ النُّهى
تَنْسَيْنَ فِطنةَ الخطابهْ
ودفْقَةُ النجابهْ
.. تضيعُ في البوَارِ
والرياحُ قاتِلهْ
6- بدر:
وقفتْ مكةُ
أوسعَنا شاعرُها قوْلاً
عنْ صاحبةِ الأوْجِ
وفاتنةِ الحـجِّ
وغَنَّى شعراً أبلقْ
لكِنَّا
إِذْ فاجَأَنا جيْشُ مُحمَّدْ
خفْنا
وجَرَيْنا
لمْ نتبيَّنْ بعْدُ الأسبَقْ
7- مرثِيَةٌ للوقتِ الميِّت:
مكةُ
...
تلك غيومكِ نافِرةٌ فوقَ جبينِكْ
وسمائي غاضبةٌ ومُكللةٌ
بالورد الأسودْ
(هذي أنتِ مسيِّجةٌ خفقانَ القلب
وضوؤكِ يتقاطعُ
في إشراقته الأخرى)
حشرةُ وقتِكْ
تنخُرُ ذيل طوواويسِ الصمتْ
توعدني بالموتْ!
8-أُحُد:
مائي الذي لمْ تحتضِنْهُ جبالك الفيحاءُ
أوريحُ الصَّبا
متدفِّقًا يهْوِي على هامِ الرُّبا
لمْ يستبِحْ مائي هجيرُكِ أوْ رمالُكِ
لمْ تضِعْ منا فضاءاتُ الرؤى
مُتخاصِراً والريحَ
تملؤُ اُفقكَ الورديَّ ألحانُ السَّما
والدرْبُ متسعٌ لمُهريْنا
وعصفورانِ في أُفْقِ الخميلةِ
يمرحانِ
يُغرِّدانِ
والفجرُ متسعٌ لحُلم أحبَّتي ،
والصولجانْ
في شَعرِكِ المفروقِ ، بسمتُكِ الظليلهْ
(هلْ يختفي في الفجر حُلمانا ، ونفْتقِدُ الطفولهْ؟
والسنبلُ الذهبيُّ يستهوي عصافيرَ القبيلَهْ)
...
عصفورُكِ الجوَّابُ يتْلو في استفاقَتِهِ
إضاءاتِ القرونْ
عصفورُكِ المسكونُ بالوجعِ المُقدَّسِ
ينْتَضِي سيْفَ الجنونْ
والليْلُ يصرخُ في العروقِ
وبيْن رعْشاتِ السكونْ
الليْلُ ـ منتفِضًا ـ يُرافقُ حُلْمَهُ
فمتى يكونْ؟
فمتى يكونْ؟
...
الصَّخرُ قَيْظٌ ، والمدى نارٌ ، وتَعْتَرِكُ الجِبالْ
والعاشقُ المسكونُ بالوجعِ القديم
مضى تُراودُهُ الظلالْ
لم يسْترحْ
مازالَ يُشقيه الخيالْ
مازال يحلمُ هاذياً
والحلمُ يُسكِتُهُ سؤالْ
فشِعابُ مكةَ لاتزالُ عصِيَّةً
والجُوعُ يُفْرِغُ ما تُحمِّلُهُ السِّلالْ
والقَلْبُ يُشْقيه المَآلْ !
9-ذاكِرةٌ للصهيل:
أطلِّي على ضفة الغيْمةِ المرمريَّةِ
قومي ـ مَعَ الصُّبْحِ ـ
هذا المَدَى
يُطْرَقُ الآنَ ، فوقَ الصَّواري ...
صهيلُ الخيولِ
صهيلُ الغيومِ يُقرْقرُ
فوقَ نهاية صـمتي الملبَّدِ
في مُدُن الشَّوقِ ـ ياللبراري ...!
مفجَّعةً في الأصائلِ
طمْثُكِ ـ ياعذبةَ الوجهِ ـ ضرَّجَ مدرجةَالأُفْقِ
إني تخطَّيْتُ عُرْيَكِ، وشمَكِ، شمسَكِ
أدلُفُ للنهرِ، نارنجةُ الليلِ
أُطلقُها في فواتِحِ صمتِ المغني
بليْلِ انتظاري
وأحرث بحرَكِ، أهطُلُ في الفجْرُِ
طقْساً من الضوءِ في ثنياتِ الغُبارِ
أُغربلُ موسمَكِ السرمدِيَّ
أُقبِّلُ هذا النَّدى المُتوهِّجَ بالشعْرِ
والأغنياتِ الضَّواري
... ضِياعُكِ كان الغِيابَ ...
يُداخِلُ شرْنقةَ اللهْوِ، هيَّا ادخُلي
والْعبي
فقدْ حاصرَ الوقْتُ شريانَ صمْتي
لماذا إذنْ كنتُ أبْكي
على هجعةِ الروحِ ؟
هذي الأبابيلُ ..
ظلَّتْ تُشاكِسُني في المداخِلِ
ذاك حنيني يُفجِّرُ هذا التَّشَظِّي
بدهْرِ انشِطاري ...!
أيفْجؤهُ راعِفًا
قبْضةً منْ نهارِ ؟
...
وهبْتُكِ نبضَ المساءِ الذي لا يعودُ
وأشعلْتُ فيكِ حروفَ النواميسِ
عودي إليَّ من الحرْبِ صَرْحًا ومأوى
وغُصْناً يُفاجِئُني بالثِّمارِ
وناراً تُطَهِّرُ طعناتِ جرحٍ
يُسائلُ منذُ قديمٍ عنِ العُشْبِ
قبل انزياحِ الغُبارِ
...
تعاليْ إلى العاشقِ الصَّبِّ
قولي حكايا النهارِ البعِيدِ
أعيدي إلى الرَّمْلِ أشجارهُ الوارِفهْ
وَغُضِّي عنِ الخيْلِ عيْنا
فهذا الهشيمُ يُباغِتُ أحْلامَنا الرَّاعِفَهْ
بذُلِّ انْكِسَارِ
10-لافِرار:
تعاليْ هنا أشْعِلي نارَ عشْقِكِ
في بُؤْرةِ الليْلِ ،
أيتُها اللفْظَةُ الماكِرهْ
تعالَيْ بلدغتِكِ الأنثويَّةِ
صُبِّي على النارِ بعضاً من الزَّيْتِ
غيْبوبةُ الصمْتِ تنْفُخُ قُدَّامَ روحي التَّهاويلَ
تبعثُ نبْضَ القصائدِ ليْلاً من الوهْمِ في الذاكرهْ
(لماذا تُروِّضُ خيلَ الصباحِ
وتصنعُ للوهْمِ جُنْحًا من الرِّيحِ
تنْشرُهُ في البلادِ ،
وتنْضبُ جنَّتُكَ العامِرَهْ ؟
...
لماذا تُبادِلُ هذي الصغيرةَ
عنْ عُرْسِها المُشْتَهَى بالخُواءِ ؟
وكيْف تُنبِّهُ أفْياءَ روحِكَ صُبحاً
إلى ظِلِّها الخِصْبِ
كيْفَ تُعابِثُ أنهارَها
بالرمالِ / الدِّماءِ ؟
وكيْفَ تُراوِدُها كلَّ صُبحٍ
ببدرٍ كذوبِ الضِّياءِ ؟
11-الأشواق المكَّيَّة:
خيالُكِ جاء دفَّاقًا ، أيا فتَّانةَ الصَّوْتِ
يُفاجِئُني بلفْظٍ أخضر النبراتْ:
"متى تأتي ؟"
أراكِ بجانبي ألْقيْتِ غُلَّ البُعْدِ والصَّمْتِ
ويخرُجُ جسمُكِ الوهَّاجُ فجْراً في غُلالتِهِ
فأهتفُ: يا خيالَ العاشِقِ المجنونِ
كمْ تهْوِي بكَ السَّكراتُ للموْتِ ؟
...
أفاطِمُ كمْ هنا أمْضَيْتُ منْ أعوامْ
بعيداً عنْكِ
أُغنِّي ـ يائساً ـ وحدي ، على فَنَنِ
فهلْ فاز الغريبُ الصَّابِرُ النَّهَّامْ ..
بتمْرِ الشامِ ..
أوْ عِنبٍ من اليَمَنِ ؟
...
خيالُكِ جاءَ دفَّاقأ، على متْنٍ من الأحلامْ
يميلُ عليَّ، يمنحُني عطاءَ الوعْدْ
وليْلُ الشِّعْرِ يحْجبُني
ونبضُ الصدْرِ يُؤْنِسُني
أنامِلُ وردةٍ حمْرا .. على أُذني
هديلُ حمامةٍ يجتاحُ أسواري،
ويُمْتِعُني
فأسْهرُ هائماً لمطالِعِ الفجْرِ
وأهتِفُ: ياسَنَا عُمْري !
بعيداً عنْكِ أمضغُ شارداً فِكَري
بلادٌ بيْننا: بحْرانِ منْ ليْلٍ ومنْ جمْرِ
بلادٌ بيْننا: جَبَلانِ منْ شوْقٍ ومنْ شِعْرٍ
...
...
"متى تأتي ؟"
"أراكَ بجانبي ألْقيْتَ غُلَّ البُعْدِ والصَّمْتِ" !
12-العودة إلى النبْع:
في حِضْنِكِ الأكْوانُ
والإيمانُ
والأشواقُ تهتفُ بي:
إلى القمرِ الوَديعْ !
في وجْهِكِ الصدقُ الذي
لمْ يستطِعْهُ العاشقُ المذّعورُ
من رَهَقِ الحقِيقَةِ
منْ نداءاتِ الربيعْ
ودَمي المُشَرَّدُ في حدائقِك الصبيَّةِ
صاهِلٌ في حَمْحماتِ الشوقِ
يشهدُ ذاهِلاً:
أبْصرْتُ خوْفَكِ في الصَّقِيعْ !
وحَلَلْتُ من توِّي بأرْضكِ
مورِقَ الخَطَرَاتِ
لي نبْعٌ يُحاوِرُ أصْلَهُ وعْدأً
وذي روحي ، تُدحرِجُ خطْوَها المُلْتاعَ
في ثلْجِ المداخلِ
أرْتقي ،
أشدو ،
أتِلْكَ جداولُ الإيمانِ في عيْنيْكِ
عَذْبُ رحيقِكِ الممزوجِ بالدَّمِ
والدموعْ ؟
أمْ ذي رجاحةُ غُصْنِكِ
المسْكونِ بالحُسْنِ البديعْ ؟