فيضٌ من الحناءِ والصفصافِ
حملَ الرفاتَ كغصنِ وردٍ طافِ
ومدامعٌ من قلبِ كل مشيّعٍ
غسلتْ دروبَ البيدِ والأريافِ
حملوك في المهجِ الكليمة تارةً
أو في المواجع.. لا على الأكتافِ أرأيتهم؟ في الكونِ بثوا حزنهم
والحزنُ يستعصي على الإيقافِ
حتى الذين استوقفوكَ وعارضوا
أهدوكَ دمعَ الحقِّ والإنصافِ
كل البلادِ بكتْ عليكَ بحرقةٍ
والشعب جاوز فيك كل خلافِ
فظلامُ موتك حطَّ فوق عيونهم
لا فرقَ بين مؤيدٍ أو جافِ
إن أعرض الشعراءُ عنكَ وما رثوكَ
وما بكتكَ قصائدٌ وقوافِ
فاحزن عليهم، إن فيهم غيرةً
فلقد رثتكَ مدامعُ الآلافِ
ملكَ الصمودِ، وفي الصمودِ بطولةٌ
لا تزعجنَّكَ لعنةُ الإجحافِ
فليخسأوا، وليرجمنّكَ بالحصى
من كان منهم كاملَ الأوصافِ
بيروتُ تعرفُ كيفَ كنتَ أميرَها
يوم انتصرتَ لحسنها الشفافِ
وعلى مشارف عيلبونَ بعزةٍ
زينتَ وجه الأرضِ بالأطيافِ
ملكَ الصمودِ، رحلتَ يومَ كريهةٍ
وتركتَ فينا باقةَ الأهدافِ
وتركتَ أحداقَ الرجالِ كئيبةً
وتركتَ ماء النهر دون ضفافِ
وتركتَ أبياتَ القصائد مُرةً
وحروفها مهزوزةَ الأطرافِ
وتركتَ زهرَ اللوزِ يندبُ حظه
وقلائدَ الزيتونِ دونَ قطافِ
وتركتني.. والحزنُ يخنقُ فكرتي
خنقاً، ويؤلم أضلعي وشَغافي