ألقيت هذه القصيدة في المهرجان الاحتفالي الذي أقيم في مدينة نابلس إحياء للذكرى المئوية الأولى لميلاد شاعر فلسطين الراحل الكبير إبراهيم طوقان.
ما طَـوَاكَ الرَّدَى وَلا النِّسْـــيَانُ - يا مَنَـاراً .. تَزْهُو بِهِ الأوْطَانُ
نَفْحَةٌ مِن رُؤاكَ تَسْكُنُ فِينَا - فَوْحُها عَاطِرُ الشّذا رَيَّانُ
يَنتَشِي الفُلُّ حِينَ تُـذْكَــرُ .. والجُـورِيُّ يَصْبُو .. وَيَضْحَكُ الرَّيحَانُ وَالحَسَاسِــينُ فِي فَضَاءاتِهَا تَصْدَحُ شَوْقَاً .. وَتَرْقُصُ الأغْصَـانُ
مَطَرَاً أَخْضَرَ الرُّؤى تُنْزِلُ الشِّعْرَ قَوَافِيكَ .. فَالمَدَى بُسْتَانُ
وَالبُحُورُ الغَنَّاءُ أَعْرَاسُ عِشْقٍ - وَالقَوَافِي العَصْمَاءُ غِيدٌ حِسَانُ
أَيُّهَذا الحَادِي .. رَحَلْتَ إلَى الذِّكْرَى .. وَمَا حَطَّ رَحْلَهُ الرُّكْبَانُ
حَاضِرٌ أَنتَ لا تَغِيبُ عَنِ البَالِ .. مُقِيمٌ .. مُقَامُكَ الوِجْدَانُ
لَكَ فِي كُلِّ مُلْتَقَىً ذِكْرَيَاتٌ - لَكَ فِي كُلِّ دَارَةٍ خِلاَّنُ
جَبَلُ النَّـارِ لا يَـزَالُ عَلَى العَهْدِ .. وَشِــيبُ الأَجْيـَـالِ والشُّبَّانُ
وَفِلَسْـطِينُ لا تَخُونُ هَوَاهَا -لَكَ قَلْبٌ فِي عِشْقِهَا وَلِسَانُ
أَلمَغَانِي مَفْتُونَةٌ بـِـكَ عِشْــقاً - أَلرُّبَى والمُـــرُوجُ والشُّطْآنُ
وَرُبـُــوعُ الشَّآمِ تَهْتِفُ فِي الذِّكْرَىَ .. وَيَشْدُوكَ أَرْزُهُ .. لُبْنَـــانُ
وَالعِرَاقُ الجَرِيحُ .. لَمْ تُنْسِهِ الوُدَّ جِرَاحَاتُهُ وَلا العُدْوَانُ
إنَّ "بِيـضَ الحَمَائِــمِ" اليَـوْمَ نَشْــوَى - وَالهَوَى فِي عُيُونِهَــا نَشْـوَانُ
قَدْ بَلَغْــتَ "السِّمَاكَ" يَشْهَدُ هَذا الجَمْــعُ فِي عُرْسِـــهِِ .. وَهَذا المَكَانُ
فَارِسَ الشِّــعْرِ مَا تَرَجَّلْـــتَ يَوْمَاً - وَقَلِيلٌ .. فِي سَاحِِِهِِ الفُرْسَانُ
لَكَ فِي سَالِفِ القَضِيَّةِ آيَاتُ نَضَالٍ مَا نَالَ مِنْهَا الزَّمَانُ
لَكَ فِي العِشْقِ وَالجَمَالِ فُتُوحَاتٌ .. وَأَنْتَ المُتَيَّمُ الوَلْهَانُ
هَكَذَا الشِّعْرُ رَوْضَةً هُوَ يَغْدُو – يَوْمَ يُغْنِيهِ شَاعِرٌ إنْسَانُ
يَا أَبَا جَعْفَرٍ غَدَا مَوْطِنُ الإسْرَاءِ نَهْبَاً تَعْثُو بِهِ الغِرْبَانُ
وَرِحَــابُ الأَقْصَــى تَئِـنُّ وَتَدْمَى - أَثْخَنََتْها الجِــرَاحُ والنِّيـــرَانُ
"أَعْوَلَ النَّاقُوسُ" الحَزِينُ عَلَى القُدْسِِ .. جَرِيحَ الهَوَى .. "وَنَاحَ الأَذَانُ"
لَمْ تَعُدْ وَحْدَهَا الثُّلاثَاءُ حَمْرَاءَ .. فَتَارِيخُ جُرْحِنَا طُوفَانُ
سَـيِّدُ الدَّارِ فِي الشَّـــتَاتِ بِلا دَارٍ .. وَيَهْنَــا بِدَارِهِ القُرْصَـانُ
طَـالَ مِشْــوَارُ رَكْبـِـهِ رَافِعَ الهَامَةِ مَا نَالَ مِنْ عُلاهُ هَوَانُ
هُوَ لِلْبَاغِي وَاقِفٌ لا يُبَالِي - مُؤْمِنٌ شَفَّ قَلْبَهُ الإيمَانُ
وَحْدَهُ لَمْ يَعُدْ لَهُ مِنْ نَصِيرٍ - يَوْمَ أَنْ خَانَ عَهْدَهُ الإخْوَانُ
لا يَهَـابُ الرَّدَى إذَا "عَبَسَ الخَطْبُ" .. وَلا اغْتَالَتْ رُوحَهُ الأَحْزَانُ
لِفِلِسْــطِينَ عِشْـــقُهُ .. شَـوْقُهُ .. تَرْحَالُهُ .. مَا تَغَيَّـــرَ العُنْوَانُ
أَنْتَ أَلْهَمْتََــهُ عِنَادَ التَّحَدِّيٍ - فِي خُطَاهُ .. مَهْمَا طَغَى الطُّغْيَانُ
يَا أَبَا جَعْفَرٍٍ" سَـلامٌ عَلَى ذِكْرَاكَ .. مَا صَابَحَ الحِمَـى كَـــــــــرَوَانُ
إنَّ ذِكْــرَاكَ سِــيرَةٌ لِلْعُلا.. إكْلِيلُ غَارٍبِهِ يَتِيهُ البَيَانُ
إنَّ ذِكْــــرَاكَ أَبْجَدِيَّةُ عِِشْـقٍٍ .. بِأَزَاهِيرِِهَـا المَدَى .. يَـزْدَانُ
هَانِئَـــاً فِي عُـلاكَ .. تَخْــلُدُ صَوْتَاً - لَـكَ تُصْغِي القُلُوبُ وَالآذَانُ
مَوْطِنِي مَوْطِنِي .. وَلَيْسَ سِوَاهُ - وَطَنَاً سَيِّدَاًعَلَيْهِ الرِّهَانُ