يقولُ بكبرياءٍ .. نَحنُ من عَكّا
وعكّا اليومَ مأسورَة
مكبّلةُ الرّؤى الخضراءِ ..
رهنُ القيدِ مخفورَة
وتفلتُ دمعةٌ حَرّى
يضيءُ لهيبُها الذِّكرى
وتنهمرُ الحروفُ الجامحاتُ ..
على لسانِ أبي
مجنحةً بنارِ الشَّوقِ ..
نارِ الكبرِ والغضبِ يقولُ أبي
وكانَ أبي وجدِّي
يركبانِ البحرَ ليلَ نَهارْ
فجدّي كانَ بحاراً
يُحبُّ البَحرَ والإبحارْ
لهُ في البَحرِ تاريخٌ وفلسفةٌ
لهُ فيهِ حكاياتٌ .. لَهُ أسرارْ
وكنتُ أنا وريثَهُما
ولكنْ شاءتِ الأقدارُ ..
أن لا أكملَ المِشوارْ
يقولُ أبي
ولدتُ هناكَ في عكّا
أنا ما زلتُ أذكُرُها
خريطتُها على جُدرانِ ..
هذا القلبِ محفورَة
بموجِ العشقِ مغمورَة
وذاكرتي بها رغمَ ..
السّنينِ السَّودِ مَعمورَة
تعشعشُ في مخيّلتي
تصولُ تَجولُ بينَ ..
بيوتِها البيضاءِ .. أخيلَتي
تعاشرُني أزقّتُها / حواريها
مراكبُها تُغادرُ ..
قبلَ أن تصحو عيونُ الفَجرِ ..
رافعةً إلى العاطي أياديها
وحينَ تَعودُ غانمةً
سُويعاتِ الأصيلِ إلى مَوانيها
يقولُ أبي
وعكّا ربَّةُ السّورِ الّذي ..
ما زالَ يَروي قصّةَ الإصرارْ
وعكّا لا تُطيقَ العارَ ..
يشهدُ سجنُها المحزونُ ..
عطَّرَ بالعُلى والمجدِ ..
ساحتَهُ دمُ الثُّوارْ
وصوتُ مؤذّنٍ في مَسجدِ الجَزّارْ
يُنادي للصّلاةِ هناكَ ليلَ نَهارْ
وشيخٌ يقرأُ القُرآنَ ..
في الآصالِ والأسحارْ
وأسمعُها تُناديني
وتَهتفُ بي صباحَ مَساءَ :
لمّا ينتَهِ المِشوارْ
يقولُ أبي
هوَ التّاريخُ عمَّدها ..
مُظفّرةً ومَنصورَة
وخطَّ المجدُ صورتَها
وأنزَلَ في عيونِي هذهِ الصُّورَة