في يوم من الأيام كان هناك هضبة ، و كان فوق الهضبة بيت صغير جميل جداً، له باب صغير أخضر اللون ، و له أيضاً أربع نوافذ ذات أبواب خضراء.
كان يعيش في المنزل ديك و دجاجة و فأر صغير.
في الهضبة المقابلة القريبة من الضفة الثانية للنهر كان هناك منزل آخر. كان منزلاً بشعاً ، بابه لا يغلق جيداً ، و نافذتاه مكسورتان. و كان يعيش فيه ثعلب كبير وسيِّء مع أبنائه الثعالب الأربعة السيئين. في أحد الأيام قال الثعالب الصغار لأبيهم: " نحن جائعون جداً".
قال الأول : لم نأكل شيئاً البارحة.
وقال الثاني: و أكلنا القليل فقط ليلة أول أمس.
قال الثالث: أكلنا نصف دجاجة قبل ثلاثة أيام.
قال الرابع: و لم نأكل سوى بطتين صغيرتين قبل أربعة أيام.

بدأ الثعلب الكبير يفكر بمكر و دهاء و هو يهز رأسه.
بعد قليل قال الثعلب السيء بصوت غليظ:
-في الهضبة المقابلة بيت جميل ، يعيش فيه ديك كبير.
صرخ اثنان من الثعالب الصغيرة بصوت عالٍ:
- و يعيش هناك فأر كبير أيضاً.
و صرخ الثعلبان الآخران بفرح و خبث:
- و تعيش هناك دجاجة حمراء أيضاً.
عندئذ قال الثعلب الكبير السيء:
- إنهم لذيذون جداً. سآخذ الكيس الكبير معي و سأضع فيه الديك و الدجاجة و الفأر، ثم أعود إليكم لنتناول جميعا طعاماً لذيذاً.

خرج الثعالب الصغار و رقصوا بانتظارالوليمة، بينما حمل الثعلب الكبير الكيس الفارغ على ظهره و توجه نحو الهضبة المقابلة.

خلال هذه الفترة، ماذا كان يجري بين الديك والدجاجة و الفأر؟؟
يبدو أنه لم يكن يوماً جيداً بالنسبة للديك والفأر!
استيقظ الديك في الصباح و قال:
- ياله من طقس حار!
و استيقظ الفأر في الصباح و قال:
- ياله من طقس بارد!
إذن كان مزاجهما متعكراً، فنزلا منزعجين إلى المطبخ، ثم إلى خارج البيت ، حيث كانت الدجاجة تنظف بسعادة و نشاط حول البيت.
سألت الدجاجة: من سيجمع الحطب من أجل الموقد؟
أجاب الديك: لا أستطيع فأنا متعب.
و أجاب الفأر: و أنا لا أستطيع لأنني متعب أيضاً.
فقالت الدجاجة: لمْ تعملا اليوم شيئاً كي تتعبا أيها الكسولان، أنا سأجمع الحطب إذن.
و ذهبت الدجاجة و جمعت الحطب، في حين كان الديك و الفأر جالسين دون عمل. و حين عادت الدجاجة بالحطب سألتهما: و الآن من سيذهب إلى النبع ليجلب لنا الماء كي نشرب جميعاً؟
قال الديك و الفأر بصوت واحد: لا نستطيع.
فقالت الدجاجة: إذن أنا سأذهب إلى النبع وأجلب الماء.
و ذهبت الدجاجة الحمراء إلى النبع و أحضرت جرة ماء عذب، ثم وضعت قليلاً من الماء ليغلي على النار، و سألت:
- و الآن من سيُعدُّ طعامَ الإفطارِ؟
فردَّ الديك و الفأر بصوتٍ ناعسٍ معاً:
- لا نستطيعُ.
فقالت الدجاجةُ النشيطة:
- أنا سأعدُّ طعامَ الإفطار لكم أيضاً.
و أعدت الدجاجة الصبورة طعام الإفطار وتناول الجميع طعام الإفطار معاً، و خلال تناول الطعام تناثر بعض فتات الخبز حول المائدة ، فاتسخت الطاولة و الأرض و سألت الدجاجة من جديد:
- من سينظف الطاولة و الأرض بعد الطعام؟
أجاب الكسولان: لا نستطيع.
قالت الدجاجة: أنا سأفعل كل شيء!
و قامت الدجاجة بتنظيف الطاولة و الأرض وحول الموقد ، ثم قامت بتنظيف الأطباق والمطبخ، و عادت لتسأل الديك و الفأر الكسولين:
- من سيرتب الأسرَّة التي نمنا عليها؟
فأجاب الديك و الفأر بصوت واحد كالعادة: لا نستطيع.
فقالت الدجاجة : أنا سأرتب جميع الأسرَّة .
صعدت الدجاجة النشيطة إلى غرف النوم لترتب الأسرة ، بينما جلس كلٌ من الديك و الفأر على كرسيه الهزَّاز و نام مسترخياً بكسل و لا مبالاة.
في هذه اللحظات كان الثعلب الكبير قد وصل قمة الهضبة، و دخل حديقة البيت و نظر من النافذة، ثم دقَّ الباب.
فتح الفأر عينيه بتكاسل و سأل:
- من سيأتي في وقت كهذا؟!
قال الديك الكسول:
-إذا أردت معرفة الطارق، اذهب إلى الباب و انظر بنفسك!
ظن الفأر أن ساعي البريد بالباب، و أنه ربما يحمل رسالة له، فأسرع و أزاح المزلاج الذي كان يقفل الباب ، قبل أن يتحقق من هوية الطارق، و فتح الباب ليفاجأ بالثعلب الماكر الكبير و هو يقفز للداخل و قد ارتسمت ابتسامته الخبيثة على وجهه.
صرخ الفأر:"ساك...ساك..ساك.." و حاول القفز إلى المدخنة. خاف الديك وصاح:"كوكو...كوكو...كوكو.." و قفز إلى ظهر الكرسي، لكن الثعلب ضحك بصوت عال وماكر وهو يمسك بالفأر بذنبه و يلقيه في الكيس، و لم يتعب بالإمساك بالديك أيضاً فوضعه مع الفأر في الكيس.
سمعت الدجاجة المسكينة الضجة فأسرعت ونزلت إلى الصالة، لتجد نفسها بين يدي الثعلب الذي قبض عليها و وضعها مع الآخرين في الكيس.

أخرج الثعلب حبلاً طويلاً و ربط به الكيس، ثم وضعه على ظهره، و انطلق إلى أسفل الهضبة متجهاً إلى منزله ، حيث ما يزال الثعالب الأربعة الصغار يرقصون بانتظار الطعام اللذيذ.

قال الديك المحبوس في الكيس: ياليتني لم أكن كسولاً.
و قال الفأر المحبوس في الكيس: ياليتني لم أكن كسولاً و ليتني كنت حذراً.
قالت الدجاجة الذكية المحبوسة في الكيس معهما:
-يمكنكما الآن إصلاح أخطائكما، لاتحزنا،لم يفت الوقت بعد، انتبها لما سأقوله لكما: لدي الآن محفظتي التي أحملها دوماً، و فيها مقص و كشتبان و إبرة و خيط. بعد لحظات سترون ماذا سأفعل.

بعد لحظات شعر الثعلب الكبير بالحر الشديد لأن الشمس كانت حارة ،فأحس بالتعب وأن الكيس ثقيل جداً على ظهره .فقرر الاستراحة في ظل الشجرة والنوم قليلاً. فوضع الكيس المربوط جانباً وغط في نوم عميق.
عندما سمعت الدجاجة الحمراء شخير الثعلب أخذت المقص وقصت ثقباً صغيراً في الكيس وهمست بصوت ناعم :
-أخرج أيها الفأر بسرعة من الثقب واجلب حجراً كبيرأ بحجمك وعد إليَّ.
خرج الفأر ثم عاد بحجر ثقيل جداًسحبه خلفه إلى الكيس وساعدته الدجاجه والديك لإدخاله إلى الكيس. ثم قصت الدجاجة الثقب أكبرفأصبح باستطاعة الديك الخروج منه وقالت له :
- أخرج بسرعة أيها الديك واجلب حجراً بحجمك، هيا، هيا.
و خرج الديك من الكيس ثم أحضر حجراً بمثل حجمه، و ساعدته الدجاجة و الفأر لإدخال الحجر إلى الكيس.
ثم خرجت الدجاجة و أحضرت حجراً كبيراً بحجمها، و وضعته في الكيس، و أخرجت من محفظتها الإبرة و الخيط و الكشتبان.
أدخلت الخيط في ثقب الإبرة و خاطت الفتحة بأسرع ما استطاعت من سرعة، و عندما انتهت من خياطة الكيس هربت مع الديك و الفأر بسرعة كبيرة إلى بيتهم و أغلقت الباب وأوصدوه بالمزلاج.
نام الثعلب طويلاً تحت الشجرة، و استيقظ متأخراً فقال لنفسه:
- لابد أنني تأخرت عن البيت، يجب أن أسرع.
و حمل الثعلب الكيس الثقيل على ظهره و نزل الهضبة حتى وصل إلى النهر، نزل في الماء ليقطع النهر، فغمر الماء رجليه ثم ركبتيه، و لما كان الكيس ثقيلاً جداًعلى ظهر الثعلب، سقط الثعلب في الماء العميق، و لم يستطع الخروج من الماء أبداً. و لم يره أحد بعد ذلك. أما الثعالب الأربعة فقد ناموا دون عشاء.
و في البيت الصغير الجميل على الجبل أصبح الديك و الفأر نشيطين مجتهدين ، لا يحبان الكسل، ويساعدان الدجاجة الذكية بجمع الحطب و جلب الماء من النبع، و يشاركان أيضاً في تنظيف البيت. و هكذا صار بإمكان الدجاجة الاستراحة أحياناً بفضل التعاون و الحب بين الجميع.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية