في يومٍ منَ الأَيَّامِ ، كانَ هناكَ فتىً ، اسْمُهُ سميرٌ . خرجَ سميرٌ ذاتَ صباحٍ يَمشِي ، فصادَفَ قِطَّةً جميلةً ، حَيَّتْهُ القِطَّةُ قائلةً: " صباحُ الخيرِ يا سميرُ ، إلى أينَ أنتَ ذاهبٌ؟"
قالَ سميرٌ : " إنَّنِي ذاهبٌ لأُفَتِّشَ عن مستقبلي"
سألتِ القِطَّةُ: " هلْ أستطيعُ مُرَافَقَتَكَ؟"
أجابَ سميرٌ: " نعم ، إذا رغِبْتِ بذلك!"
سارَ سميرٌ و القِطَّةُ قليلاً فصادفَا الكلبَ الوفِيَّ. حيَّاهُمَا الكلبُ الوفيُّ و قالَ:
- صباحُ الخيرِ ، إلى أينَ أنتُمَا ذاهبانِ؟ قالَ سميرٌ:
- إنَّنا ذاهبان نُفَتِّشُ عن حظِّنَا.
سألَ الكلبُ:
- هلْ أستطيعُ مُرافَقَتَكُمَا؟
أجابَ سميرٌ :
- بالتَّأكِيْدِ ، يُمْكِنُكَ مُرافَقَتَنَا .
و سارَ سميرٌ و القِطَّةُ و الكلبُ .
بعد قليلٍ صادَفُوْا البقرَةَ الحَلُوْبَ، فقالَتْ:
- صباحُ الخيرِ ، إلى أينَ أَنْتُمْ ذَاهِبُوْنَ؟
قالَ سميرٌ:
- نَحْنُ ذاهِبُوْنَ نُفَتِّشُ عن حظِّنَا.
سألَتِ البَقَرَةُ الحَلُوْبُ:
- هَلْ يُمْكِنُنِي مُرافقَتَكُم؟
أجابَ سميرٌ:
- بِالتَّأكِيدِ ، يُمْكِنُكِ مرافقَتَنَا.
و سارَ سميرٌ و القِطَّةُ و الكلبُ و البقرةُ .
و بعدَ قليلٍ صادفُوا العَنْزَةَ ذاتَ اللِّحيةِ الشَّقراءِ فقالَتْ :
- صباحُ الخيرِ ، إلى أينَ أنتُم ذاهبونَ؟
قالَ سميرٌ:
- نحنُ ذاهبونَ نُفتِّشُ عن حظنا.
سألَتِ العنْزةُ ذاتُ اللِّحيةِ الشَّقراءِ:
- هلْ يمكنُنِي مرافقتَكم؟
قالَ سميرٌ:
- بالتَّأكيد ، يمكنكِ مرافقتَنا.
و سارَ سميرٌ و القطَّةُ و الكلبُ الوفيُّ و البقرةُ الحلوبُ و العنزةُ ذاتُ اللِّحيةِ الشَّقراءِ .
و بعد قليلٍ ، صادفوا الدِّيكَ يصيحُ على غُصنِ شجرةٍ ، فقال:
- صباحُ الخيرِ، إلى أينَ أنتُم ذاهِبونَ؟
قال سميرٌ:
- نحنُ ذاهبونَ نفتِّشُ عن حظنا.
سأل الدِّيكُ:
- هل يمكنني مرافقتَكم؟
أجابَ سميرٌ:
- بالتَّأكيدِ ،يمكنك مرافقتنا.
و سارَ سميرٌ و القِطَّةُ و الكلبُ و البقرةُ و العنزةُ و الدِّيكُ ، و سارُوا ، و سارُوا ، و هبطَ الظَّلامُ ، فأسرعُوا ، و ساروا ، و ساروا إلى أنْ وجدُوا أخيراً منْزلاً ، يظهرُ بصيصٌ من النُّورِ من نوافذِهِ بِخُفُوْتٍ ، لأنَّ ستائرَهُ كانت سميكةً جداً ، فقالَ سميرٌ:
- لا تتكلموا ، و لا تتحادثوا، و لا تُحدثوا ضجيجاً ، ريثَما أستطلعُ البيتَ.
و ذهبَ سميرٌ على رُؤُوْسِ أصابِعِ قدمَيْهِ نحوَ البيتِ، و نظرَ من النَّافذةِ!
( هل تعلمونَ ماذا شاهدَ سميرٌ ؟ )
شاهدَ سميرٌ بعضَ الرِّجالِ جالسين حولَ الطَّاولةِ ، يَعِدُّوْنَ كمِّيَّةً كبيرةً منَ النُّقودِ!
عادَ سميرٌ إلى أصدقاْئِهِ ، و شرحَ لهمْ خِطَّةً ، إذا نفَّذُوهَا بدِقَّةٍ ، سيهرَبُ الرِّجالُ منَ البيتِ ، لأنَّهم لُصُوْصٌ ، اعتادُوا الاجتماعَ هنا في البيتِ البعيدِ، لعدِّ النُّقودِ.
قالَ سميرٌ:
- عندما أعُدُّ : " واحد ، إثنان ، ثلاثة " ترفعُونَ أصواتَكُم بأقْوى استطاعَتِكم ، وتُحدِثُونَ ضجَّةً عاليةً.
بعدَ قليلٍ ، قالَ سميرٌ: " واحد ، إثنان ، ثلاثة."
فبدأتِ القِطَّةُ تَمُوْءُ مواءً حاداً ، بأعلى صوتها: مياو مياو مياو......
و بدأ الكلبُ يَنْبَحُ نِبَاحَاً ، بأَعلى صوته: عاووو عاووو عاووو.....
و بدأتِ البَقَرَةُ تخورُ خُوارَاً ، بأَعلى صوتها ، خااااء خااااء خااااء.....
و بدأتِ العنزةُ تَثْغُو ثُغاءً ،بأعلى صوتها: ثااااء ثااااء ثااااء.......
و بدأَ الدِّيكُ يصيحُ صياحاً ، بأعلى صوتِهِ: كوكو كيك كوكو كيك كوكوكيك....
و بذلك أحدَثَ الجميعُ ضَجَّةً عظيمةً ، أرعبَتِ اللُّصوصَ ، فهربُوا من المنزلِ بسرعةٍ.
بعد ذلك ، دخلَ سميرٌ و أصدقاؤه إلى المنْزلِ ، و نامُوا نوماً هانِئَاً.
نامَتِ القِطَّةُ على الكُرسيِّ الهزَّازِ.
و نامَ الكلبُ تحتَ الطَّاولةِ ،
و نامَتِ العنزةُ أعلى السُّلَّمِ الْمُؤَدِّي إلى الطَّابقِ الثَّاني،
و نامَتِ البقرةُ في غُرفَةِ المؤُوْتَةِ ، حيث الرُّطوبةُ و الاتِّسَاعُ.
و نامَ الدِّيكُ على سطحِ المنزلِ ،
أمَّا سميرٌ ، فأطفَأَ الضَّوءَ ، و ذهبَ إلى الفَراشِ ونامَ.
و خلالَ دقائقَ ، صارَ البيتُ مظلماً، و هادِئَاً ، فقرَّرَ اللُّصوصُ العودةَ إليهِ ، و لكنْ قبلَ ذلك أرسَلُوا أحدَهُم ، ليستَطْلِعَ البيتَ ، و يُطَمْئِنَهُمْ.
ذهبَ اللِّصُّ بِهدُوْءٍ ، و خِفَّةٍ ، قدْرَ استطاعَتِهِ ، و دخلَ البيتَ لِدقيقةٍ واحدَةِ فقط، إذ غادَرَهُ بِسِرعةِ البرقِ خائفاً ،و هو يلْهَثُ بصعُوبَةٍ ، و قالَ لرفاقِهِ:
- لا ترسِلُوني ثانيةً ، إلى هناك! إنَّه مكانٌ مُرْعِبٌ جداً.
سألَهُ أحدُهُم:
- هلْ جلسْتَ على الكُرسيِّ الهزَّازِ؟
أجابَ:
- نعم ، حاولْتُ الجلوسَ على الكُرسْيِّ الهزَّازِ ، لكِنَّ امرأةً عجوزاً وخزتْني بسنانيرَ الصُّوفِ .
( في الحقيقة ، لا يوجدُ امرأةٌ عجوزٌ ، بل كانَتِ القطَّةُ !)
و سألَه لِصٌّ آخرُ:
- و هلِ اقتربْتَ من الطَّاولَةِ؟
أجابَ:
- نعم ، اقتربْتُ منَ الطَّاولةِ ، و نظرتُ في الظَّلام تحتَها، هل تعرفونَ ماذا وجدْتُ؟
قالوا بصوتٍ واحدٍ:
- ماذا وجدْتَ؟
أجابَ:
- وجدْتُ رجلاً عجوزاً ، يحاولُ إِمساكي بكَمَّاشَتِهِ الحادَّةِ.
( في الحقيقة ، لم يكنْ رجلاً عجوزاً ، بل كانَ الكلبُ!)
و سألَ لِصٌّ ثالثٌ:
- ألَمْ تصعدْ إلى الدرجِ ؟
أجابَ:
- نعمْ ، كنْتُ صاعداً السَّلالِمَ ، إلى الدَّورِ الثَّاني، عندَما ضربَتْنِي امرأةٌ ساحرةٌ بِمِكْنَسَتِهَا، فوجدْتُ نفسي مَرْمِيَّاً ، عندَ أسفلِ الدَّرجِ.
( في الحقيقةِ ، لا يوجدُ ساحرةٌ ، بل كانَتِ العنزةُ)
و قالَ له لصٌ آخرُسائلاً:
- لِمَ لَمْ تَذْهبْ إلى غُرفةِ المؤونَةِ ، لتُحضِرَ لنا بعضَ الأشياءِ؟
قال:
- ركضْتُ نحو غرفة المؤونةِ ، فوجدْتُ رجلاً ، يكسِرُ الحَطَبَ فيها، و عندما رآني ضربني على رأسي بالفأسِ.
( في الحقيقةِ ، لم يكن رجلاً ، بلِ البقرةُ)
فسألَهُ الجميعُ :
- و ماذا فعلتَ إذن؟
فأجابَ و هو يبكي:
- الأغربُ من هذا كلَّه ، سمعْتُ من السَّطحِ صوتَ رجلٍ يقول:" اقذُفُوا بهذا اللِّصِ لي، اقذفوا بهذا اللص لي." فخفْتُ و نَزَلْتُ ، و أسرعْتُ إليكم.
(في الحقيقة ، لم يكنْ على السَّطحِ رجلٌ ، بل كان الدِّيكُ)
خافَ اللصوصُ من دخولِ المنزل فغادرُوه إلى الأبد، و بقيَ فيه سميرٌ و أصدقاؤه يعيشون ما طاب لهم العيشَ فيه .