بعض أصدقائي لا يعجبهم الأمر .. لكني لا أخبر أبي بذلك.
يظل أبي يراقبنا طوال الوقت مثل حارس أمين.. وأراه يهتم بأصدقائي كما يهتم بي.. وهذا يسعدني.. فلو أحضر لي شيئاً مثل أكياس بطاطا (شبس) أو حلوى أو بسكويت يحضر لكل الأصدقاء الذين معي مهما كان عددهم...
اعتدت على هذه الحال ولم أعترض.. بات الأمر طبيعياً بالنسبة لي، وكان آباء أصدقائي فرحين بذلك ويطمئنون بأننا لن نتعرض لسوء...
ومرة أخذنا أبي الى حديقة عامة كبيرة.. وفيما نلعب سمعنا صياح صديقنا علي الذي كان من أشد المعترضين على ذهاب أبي معنا لأننا باعتقادهم لا نأخذ حريتنا باللعب..
وفي يوم ارتفع صوت علي بصرخة مدوية.
علي صديقي وقع من أعلى لعبة كن يتأرجح بها, فسقط على يده وانكسرت عظامها.. فصار يصرخ من الألم...
بادر أبي إلى الاتصال فوراً بالإسعاف وطلب من علي ألا يحرِّك يده أبداً.. تمدد علي على الأرض وهو يبكي من الألم.. وجلسنا إلى جانبه نحاول أن نهدئه ونواسيه.. فتجمع الناس حوالينا.. ولما وصلت سيارة الإسعاف قام المسعفون بوضعه داخل السيارة لنقله إلى المستشفى فوراً، وركبنا نحن في سيارة أبي نسابق السيارات خلف سيارة الإسعاف وأبواق سيارتنا تشق الطريق، وظن الناس أن أبي هو والد علي من شدة ما كان قلقاً ومتوتراً ويسابق الريح من أجله... حتى أنه نسي أن يتصل بأسرة علي.. وأنا وأصدقائي كنا خائفين ولا نعرف كيف نتصرف.
مضى وقت لم نستطع فيه أن نكلم أبي.. حتى خرج عليّ من غرفة العمليات ويده كلها محشورة في قالب طيني ناصع البياض.. والطبيب يقول لا خطر عليه ويمكنه الخروج من المستشفى.. فشكر أبي الطبيب وأنهى معاملات المستشفى.. وسجل الأمر على أنه حادث طبيعي..
كان علي ممتناً لأبي وآسفاً لأنه لم يكن يحب بقاء والدي معنا في رحلاتنا ونزهاتنا..
شكر علي أبي على ما فعله فجاوبه: المهم سلامتك.. وأوصلنا علياً إلى منزله بسيارة أبي وفوجئ جميع أفراد أسرته بما حدث.. وشكروا والدي كثيراً... وكنت فخوراً جداً... وظلَّ كلُّ أصدقائي يتحدثون عن الحادث لعدة أيام حتى وصل الخبر إلى إدارة المدرسة فقررت تكريم أبي على موقفه النبيل...
فخورٌ أنا بأبي صغيراً وكبيراً.. وأولادي هم أيضاً فخورون بجدهم..
لكنه ما زال يظن أني صغير رغم أني تخرجت في الجامعة واشتغلت.. وتزوجت وأصبحت أباً لأولاد وبنات..
بالمناسبة... أنا اليوم أخرج معهم ومع أصحابهم الصغار في أيام العطل..
مع رأيكم يا أصدقائي بقصتي مع أبي؟
مع السلامة..