صعد وعائلة أكمة قريبة من البيت، الأرض بساط سحري أخضر، أخصبها موسم المطر الغزير هذا العام ، انتشر عطر الأزهار البرية ونباتات الميرمية التي نبتت بين شقوق الصخور وعلى حواف الأشجار والعرائش البرية الأولاد يمارسون شقاوتهم تحت العرائش والأشجار الباسقة
تمازجت أصوات حفيف الأشجار مع حركة الريح الخفيفة وتغريد وزقزقة الدوري في حين راحت زوجته في تحضير الشواء اضطجع على فرشة الإعشاب فسيطرت عليه رغبة قوية للنوم لم يقو على مقاومتها وعيناه مثبتتان في سماء الأشجار المتعانقة
تراءى له كلاب ضالة تنهش بطن حصان ميت وفرس تئن من الألم بعدما اقتلع حافرها ورجال غريبو الوجوه يتقدمون في ساحة يعتلون خيولا جهنمية يطحن تحت أقدامها الضخمة جثثا متناثرة وفي احد زوايا الساحة أحد الجرحى يئن فيتقدم منه فارس أعور ويهشم رأسه بدبوس ثقيل، وفي مكان غير بعيد ينصرف فارس كريه الوجه إلى اقتلاع سنا ذهبية من فم جثة بعد أن صحح وضعها
جثة أخرى تطفو على سطح مياه آسنة وقد انكفأت على قفاها وفي أحدى قدميها حذاء صنع يدويا من الكاوتشوك ،في حين بدا المكان مغشى بالضباب وأرضه مغطاة ببساط اصطناعي من شظايا الجثث وكرات سوداء .
احتبست أنفاسه من هول ما رأى إذ لم تسلم أشجار الصنوبر التي تطايرت أغصانها و انغرست في جذوعها بقايا جثث وآثار النصال .
تراكض الأطفال من كل أرجاء المكان والتصقوا في حضنه، فرك انفه ليحاول التميز بين ما راوده من أفكار سوداء وما حدث في مكان قريب قطع شلال الرؤايا.فقد تهيأ لزوجته انه مستريح فتركته لسلطان النوم قبل أن يندفع الأولاد إلى حضنه .... . سكبت زوجته إناء الماء على النار وجمعت الإغراض وخاطبته قائله:
-هيا بنا إلى البيت فهذا المكان غير آمن.