استهلت يومها فرحة ، بعد أن قضت طوال الليلة الماضية في تحضير باقاتها وتنسيقها،هدايا للعشاق والحالمين ، أحسنت انتقاء فستان تناسب وألوان الورد ، تقرب القلوب وتضيء الأمل في النفوس الولهانة . على الطريق المؤدي إلى الجامعة سار عصام ونادية يتبادلان الحديث ، تلاقيا معها، ردت عليهما التحية كأنما تعرفهما منذ زمن، شرعت تعرض بضاعتها التي تملأ سلتها بألوانها البديعــة ،تقنع الشابين بضرورة شراء وردة كل منهما للآخر ، يتأمل الشاب بائعة الورد ، مبديا إعجابه بقدرتها على تسويق بضاعتها .
بعد انتهاء السنة الدراسية يعود عصام إلى بلده لقضاء العطلة الصيفية ، ليرجع لإكمال دراسته في بداية العام الدراسي ، على الطريق المؤدي إلى بيروت، يستوقف السيارة التي أقلتهم حاجز عسكري ، ينظر عصام بدافع حب الاستطلاع باتجاه الحاجز ، تبدو عليه علامات الدهشة.
دقق النظر في أفراد الحاجز العسكري ، يسترجع ذكريات الجامعة ، وفجأة ينتفض كمن أصابته صدمة كهرباء ، تتصارع في مخيلته صور عديدة ، يترجل من السيارة ويمشي باتجاه الفتاة تعتمر بزتها العسكرية ،يتردد قليلا ثم يستجمع شجاعته ويقترب منها ثم يسألها فيما إذا كانت تلك الفتاه التي قابلها على طريق الجامعة ، تتردد الفتاة وتتواصل حيرته ، بعد فتره من الصمت تجيبه بأنها فعلا بائعة الورد التي قابلها صدفة الآن ، ومن قبل في الطريق المؤدي إلى الجامعة . حقا إنها الفتاة صاحبة الأصابع الرقيقة التي لا تقوى على كسر أشواك الوردة التي حملتها وباعتها لأصحاب المشاعر الرقيقة في دروب الجامعة .ترى ما الذي بدل أحوالها ؟. بالأمس كانت تتأبط سلة تزينها ألوان الورد …!!! .
في ذلك المساء الذي باعت فبه آخر ورده لآخر عاشق قابلته ، كان بيتها ووالدها وأمها وأخواتها الصغار تحولوا كالرماد تدوسه سنابك جحافل طائرات معادية .