لغطٌ غير اعتيادي في الداخل , سيّرني إليه . رأيته واقفا متكئا كتمثال من ثلج على حائط وهي ممدّة على الأريكة مقابل نافذة مطلّة على بحر وكلاهما يلوكُ الكلمات :
_ هذا لا يمنع أن .. ..
*لستَ الأمير الذي سيأتيني بفردة حذاء على قدّ أحلامي.
_ آتيك ِ بالنيل والبحر والهرم لو .....
*أنا في انتظار أمير ليس له وجود إلا في خيالي , لذلك هو حتما ليس أنت...
_ من انتِ لتتعالي عليّ.....!!
* أنا......؟!
................................ أنا جنونك .

ذابَ ثلجه فتدفق خارج الغرفة , غمر في طريقه الزهور فأورقتْ وجرف كلّ الحَصى والطحالب فاخضرّت الحقول. استبدّتْ بي رغبة جامحة لتحذيرها. قفزتُ إلى رأسها ورحتُ أنصت لتسارع أفكارها . استوت على عرش الوحدة وراحت تتلذذ باحتساء خمرة عشقها:
( الغبيّ ...متى يدرك أنّهُ ليسَ جملة اعتراضيّة في رواية عشقي بل هو العُنوان...! الحلم لا يتكرر مرّتين وهو حلمي...هو حلمي..هو حلمي ( ....

تقزز مرير سرى في عروقي . يا لها من بائسة. يجب أن أحذرها لئلا تخور إزاء اغراءاته العبثيّة . بسرعة وسوستُ لها:استيقظي من أوهام الرومانسية يا صغيرة فالحبّ فكرة لا تتحقق , بذرة طريّة لكنها لا تنمو !هيّا ..احصلي على اكتفائك العاطفي من ذاتك. دللّي نفسك بنفسك .. أشتري لك الهدايا التي تشتهين أن يباغتك بها عاشق.اروي أنوثتك بكلمات : ( يا عمري , يا عشقي ..). لا تنتظري النقاء من رجل. يا لقلبك ! بسرعة صفحتِ عن آثام حبيبك الأوّل الذي برع في اعترافاته العشقيّة لك أنّكِ سيّدة أحلامه وأنّكِ حبّه المستحيل وأنّكِ أفروديت وإنَّ وأنّ ولكنّ وليتَ ولعلّ.. حتى بدأتِ تئنين حين استيقظتِ وأنتِ في ذروة انبهارك به على نفاذ صلاحيّة الحلم! يا لقلبك .. أهكذا تصفحين بسهولة عن عبلى وليلى وسلمى اللاتي خرجن بغتة ً من قبعته , كلّ تطالب قلبه بحقها من الميراث .. كلّ لوّثت حلمك الوردي بآمالها .


***

شئ ما التصق برأسها .
• ألو ..
_ أحبّك يا مجنونة
غفتْ كلماتهُ في حضن أحاسيسها كما تغفو في حضن ورقة. صرختُ من قحف رأسِها: ( إياكِ أن تصدقي ..! )
استمرَ الترنيمُ الرّوحيّ :
- أنتِ لي ..
صرختُ بها ثانية :( أياكِ أن تصدّقي(!..
- أنتِ جنوني ..
تراختْ خلاياها..
صرختُ ثالثة :( إياكِ يا مجنونة .. إياكِ ..إياكِ ..) استرسل هو:
- أنتِ اشتعال الفكرة ووهج الابداع. أنتِ العشق والعشقُ أنتِ. أنت أنا وأنا أنت. أنت وأنا مسوّدة حبر واحد وروح واحدة . تعالي .. لا تخافي .. أدخلي روحي ..اشعلي في كل خطوة مصباحا .. وفجرّي كتابة على جسد الحنان يا حناني. تعالي , كوني جنوني. إياكِ إلا تكوني....!
كان يشدّ قلبها اليه كالحاوي الذي يسحبُ المناديل الملونة من قبعته السحريّة ببراعة حرفيّة .
راحَ قلبُها يزقزق :
( تبّا لكَ, لمَ نسفتَ الأسلاكَ الشائكة,الأسوار , والجنود من حول جنون الأنثى في عروقي..! أخبرني كيف سأتفنن الآن في إخماد اشتعالاتي (!...

***

بسطتُ أصفادي حول دماغها في محاولة مستبسلة للجمها عن الاستماع لصوته ... لكنّها ضغطت فجأة وبقوّة على صدغها . وقفتْ وسارتْ باتجاه الحديقة .. أوْرَقت الزّهور واخضّرت الحقول.
وقعتُ أنا كورقة خريف صفراء في مهبّ حبّ عاصف. وغبتُ عن الوعي .

***

تمّت وبالأحرى بدأت في :

9-1-2004

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية