عندما جلست الحاجة هادية كعادتها اليومية على شرفة بيتها ، وهو حوش قديم يتكون من عدة منازل تؤوي قرابة الستين فردا ، هذا البيت الذي يربض وسط غابة من الأسلاك الشائكة بعد أن شاءت الأقدار أن يمر الجدار بقربه .
قالت الحاجة هادية والتأثر الشديد باد على وجهها:-
- هذا الوضع لم يحدث في التاريخ ، نحن نعيش كالعصافير في قفص في خوف ورعب وألم . أخذت الحاجة هادية تراقب حركة الذهاب والإياب من بين مربعات الأسلاك التي تعلو الجدار ثقوب مجنونة تحبس الأرواح ، ولكن لم تستطع احتباس نظرات الحاجة التي تخللت هذه الثقوب رغم آلات القهر وروحها تكاد تنفطر على ما يحدث أمام عجز نظراتها الحزينة .
لحظة فرح من حياة رفح
لحظات تعيدها لذكريات حزينة معتقة لازمتها بعد رحيل حفيدها اثر رصاصة عمياء على مشارف مخيم رفح.
- هذا هو صباح العيد الثاني بعد رحيله الأليم.
تتابع الحاجة هادية - وقد أخذت روائح الحلوى تستوطن الأجواء- مهمات كبيرة تقع على عاتقها فهي مكلفة بنشر ابتسامة الصباح على شفاه الأطفال رغم قتامة ما تعتمر نفسها من أحزان، وبعد ذلك تذهب برفقتهم إلى قبر الشهيد وليقرأ الجميع على روحه الفاتحة.
الحاجة هادية تحاول صنع لحظة فرح في أجواء المدينة الحزينة تشق طريقها عبر الألم وتطفي ناره.
تغرق في الدعاء أن لا تعكر أجواء الصباح طلقات سوداء تقطع عليها فرحه الأطفال وطقوس العيد.