غسل وجهه وعلق ابتسامة على وجه الصباح ، وقصد باب الله .
ما تزال في ذهنه أوجاع تطفو على قسمات الوجه الحليق ، بعد أن فقد طوال سنتي الانتفاضة عمله ، وارتعاشات الشفاه ، عندما كانت زوجته منى تساهر المساء لتنوم الصغار ، تهدهدهم بأغنيات حزينة ذابلة ثم تتوسد ذراعها بعد ان أخذ منه التعب كل مأخذ .
وقبل ان يعود في المساء باغته جندي طالبا بطاقته مخاطبا إياه :-
- أنت مطلوب يا حسن .
صوت من الخلف
- ستذهب معنا قي نزه .
في انتظار مدفع الإفطار ومساء رمضاني ينقضي ، أزاحت الحاجة هادية القلق ، وأطفأت نارها الهادئة أسفل طبخها الذي نضج .
قفز قلبها عندما سمعت دقات على الباب ، اندفع الأولاد عند فتحها الباب وعلى محياها روح البشارة 000 لكنها وجدت الأولاد وناقصين واحد فقفزت الدموع من عينيها ، لقد تطابق الحدث مع الحدس لدى هادية عندما سمعت في المذياع اسم ولدها الشهيد بشير.
تسلقت شفتها ابتسامة فاترة ،بعد أن أفرغت شيء من الأسى على الزمان الذي مضى كنا صغار نسابق نساء الحي في حمل الجرار الى رأس النبع الصافي ،نصطاد السرطان الجميلة لقد صدق المثل القائل " مياه النبع الصافي خطر على الأسماك " فقد كنا نرى السرطانات في أسفل ماء النبع .
أما اليوم فالصدأ يملأ القلوب والمياه التي تصل الصبايا الكسالى عبر الأنابيب، ذهبت الأيام التي كنا نعطش فنشرب الماء بطعم الطين وأوساخ الشوارع ، تقلب شفتيها في تبرم وتتذكر عندما كانت وصحبها من الصبايا يطرطشن وجوههن بالماء على العين التي استولى عليها المستوطنون .
- بقوة وجبروت العم سام ، أضافت الحاجة هادية والأسى يطفح على وجهها.