تغتسل المدينة كجميلة على شاطيء مسحور، وقد أحاطت بها هالات ملونة، إنها أقواس قزح التي لا تظهر إلا في مثل هذا اليوم، هذا اليوم ترقب الملائكة أفعال البشر، وتنكشف فيه الأسرار، نعم هذا الجمال الذي تتمتع به المدينة يكاد يأخذ بلباب العقول، زاد تهاطل الأمطار على نحو لم تعتاد عليه على امتداد المواسم، ومعه زاد حيرة حكماء المدينة، ويختلط الأمر على كهنة وسدنة المدن المجاورة، ترى ما الذي حدث اهو الغضب أم زيادة النعم...؟ . ما أشبه اليم بألامس عندما استباح فيه الغزاة ثغور المدينة في أحد أطرافها البعيدة وفاجأ الغزاة الحامية في المكان، وكان معهم واحد من الحكماء، ساقوه ومن معه إلى حائط قريب، ثم أوقفوهم جميعا وأطلقوا عليهم نيران حقدهم، سقط الجميع مدرجين بدمائهم، بما في ذلك الحكيم الذي تظاهر بالموت وقد تلطخت جسمه بدماء الآخرين، أراد الغزاة بعد ذلك تأكيد موت ضحاياهم، فأطلقوا نيران حقدهم من جديد ولكن هذه المرة على رؤوس الضحايا، وأيضا في هذه المرة لم يصب الحكيم.
أما في هذا اليوم، يوم اغتسال الجميلة، ألقى فيه غريب شظية أدمت قدمها في يوم المطر المقدس الذي استجابت فيه ألآله لدعاء الحكماء فتكاثر المطر، فهذه الأقدام التي رسمت باللون الأحمر القاني على أرض المدينة الطاهرة وتشربه ثراها، يحتاج حتى لا تدنسه أقدام غريبة لفعل الاهي، ولذا جاءت الأمطار غزيرة لتغسل هذا الوجع.
b