حَسَّانٌ و مَحمُودٌ صديقانِ حميمانِ(1) ، يَحترمُ أحدُهُما الآخَرَ .
كانَ حسَّانٌ يُحِبُّ قِـراءَةَ القِصَصِ و الأَشعارِ، و كانَ يكتُبُ أحياناً بعضَ القصائدِ الشِّعريَّـةِ الجَميلةِ. أمَّـا محمودٌ ، فكان يُحبُّ اللَّعِبَ كثيراً بِكُـرَةِ القدَمِ . كان يلعبُ كلَّ يومٍ بالكرةِ في الشَّـارع ، أمامَ منْـزِلِهِ القريبِ من منزلِ صديقِهِ حسَّانَ.

قامَ محمودٌ ذاتَ مرَّةٍ بزيارةٍ غير مُـتـَوَقَّـعَةٍ لصديقِهِ حسَّانَ ، فوجدَهُ يقرأُ في كتابٍ زاهي الألوانِ (2) ، جـميلِ الصُّور.
فقالَ لَهُ:
" اتركْ هذا الكتابَ الجميلَ ، و دعْنَا نَخرجُ للشَّارعِ كي نلعبَ قليلاً"

تعجَّبَ حسَّانٌ من طلبِ صديقِهِ الغريبِ ، خاصَّةً بعدَ أنْ رآهُ ينظرُ بعينينِ حادَّتَينِ تِـجاهَ كتابِهِ ، حتَّى أنَّـه خافَ للحظةٍ أنْ يَخطفَهُ منْهُ و يهرِبَ بِـهِ.

أجابَ حسَّانٌ بابتسامةٍ:
" عُذْرَاً يا صديقي ، لا أستطيعُ الخروجَ معكَ الآنَ! "

سألَ محمودٌ نفسَهُ :
" كيفَ لا يستطيعُ ، و ليسَتْ إحدى رِجلَيْهِ مكسورةً و لا يديهِ ، و هو الآنَ بصحَّـةٍ جيِّـدةٍ ، و غيرُ عليلٍ! (3)"
ثُمَّ اقتربَ من صديقِهِ و همسَ بأُذُنِـهِ:
" هيه يا صديقي ، لا تَـتَصرَّفْ و كأَنَّـكَ مريضٌ ، كيفَ لا تستطيعَ اللَّعِبَ ، و أنتَ و-الحمد لله – بصحَّـةٍ مُمْتازَةٍ؟"

اعتدلَ (4) حسَّانٌ ، ثم نـهض عن كرسِيِّـه وقالَ لِصديقِهِ:
" اسمعْ يا صاحِبِـي ، إنَّـه وقتُ الْمُطالعةِ الْمُفيدةِ الآنَ ، و لا أستطيعُ الإخلالَ ببرنامجي(5) اليومي! هل فهمت؟ "

ردَّ محمودٌ سريعاً:
" وما هي المطالعةُ المفيدةُ؟"

جلسَ حسَّانٌ على كُرسِيِّهِ ، و دعا صديقَهُ للجلوسِ على الكرسيِّ الأُخرى و قالَ :
" في وقتِ المطالعةِ أقرأُ بعضَ القِصصِ المفيدةِ للأطفالِ."

نظرَ محمودٌ حواليه ، ثمَّ صرخَ بصديقِهِ متعجِّـبَاً:
" لكنَّـني أعرفُ أنَّ الطَّـعام هو الشَّـيءُ الوحيدُ الذي يُفيدُنَا كي نكبرَ"

ضحِكَ حسَّانٌ و أخذَ يربتُ (6) على كتِفِ صديقِهِ و قالَ :
" صحيحٌ أنَّ الطَّـعامَ يفيدُنا ، لأَنَّـهُ يجعلُنا نَـنْمو و نكبرُ أكثرَ فأكثرَ، لكِنَّ مطالعةَ الكتُبِ المفيدةِ المخَصَّـصَةِ للأطفالِ تجعلُنا نفهمُ الأشياءَ أكثرَ فأكثرَ."

سألَ محمودٌ بتَعَجُّبٍ:
" و ماذا نفهمُ منَ الكتُبِ! ألا تَكفينا كتبُ المدرسةِ؟"

أجابَ حسَّانٌ:
" طبعاً كتبُ المدرسةِ تفيدُنا ، و هي كتبٌ تعليمِيَّـةٌ أساسيَّـةٌ لنا ، أمَّا كتُبُ المطالَعةِ فهيُ تُزيدُ من فهمِنَا للحياةِ ، فنستطيعُ بِها التفريقَ بين الصَّالحِ و الطالحِ (7) .

جلسَ محمودٌ بِهدوءٍ ، و هو يُـفكِّـرُ ملِـيَّـاً (8) بكلماتِ صديقِهِ الحبيبِ ، و قالَ هامساً:
" حقاً!"
قالَ حسَّانٌ :
" بلى ، إذا قرأْتَ كُـتُـباً عديدةً ، تصبحْ أكثرَ ذكاءً و فِـطنةً (9) ."
قالَ محمودٌ :
" إذنْ ، سأقرأُ كثيراً، فأنا أُحبُّ القِصصَ "
قال حسَّانٌ مَسْروراً جِدَّاً :
" نعم يا صديقي ، هناكَ وقتٌ للقِراءةِ المفيدة ووقتٌ آخرَ للَّعبِ !"




معاني الكلمات الجديدة :


(1) حميم :هو الشخص القريب الذي تودُّه و يودُّك.
(2) زاهي الألوان: ( زها اللون صفا و أضاء) أي صافي الألوان مضيؤها.
(3) عليل : مريض ، جمعه أعلاء.
(4) اعتدل في جلسته : استقام و سوى جلسته ، أي جلس منتصب الظهر.
(5) البرنامج اليومي : هو الخطة التي يضعها المرء لتنظيم ساعات يومه ، وقت محدد للدراسة و آخر للراحة، و ثالث للمطالعة ، و رابع للعب...الخ
(6) يربت على كتفه:يضرب على كتفه بهدوء دون إيلام، لتهدئته.
(7) الطالح : عكس الصالح ، أي الرديء الذي لا يصلح لشيء.
(8) يفكر ملياً : أي يفكر بعمق و بدقة.
(9) الفطنة : الذكاء و سرعة البديهة.
أسئلة و تساؤلات:

1- من أعجبك في القصة أكثر؟ حسان أم محمود؟
2- هل أعجبك محمود في نهاية القصة؟ لماذا؟
3- هل تقرأ القصص ؟ هل تقرأ الأشعار و الأناشيد؟
4- هل تحب أن تنظم وقتك؟ هيا إذن ضع مخططك لهذا اليوم!
5- هل تعرف كيف يخطط حسان برنامجه؟ أم تظن أن أحداً ما أكبر منه ساعده في البداية؟
6- هل استفدت من القصة؟ كيف؟

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية