قُطنٌ حنون و دافئ في سماوات فَرْو زُجاجيّ على مدّ البصر يتكسّر بلّورها ريشَ عِفّة و كرامة و أنواراً مُتداخلة برّاقة . كنتُ في مكان حقيقي .. يوجد الآن على هذا الكوكب ! . لم يكُن هناك مَوْت أو أنّه كانَ لكنّه لا يؤلمُ و لايُقرّح اللحم الأنسي كالعادة .. فلاتتوجّسهُ ! ليس هُنا انتظار الشيطان ؛ مثل أن تنتقل من حلم الى آخر الى آخر حتى اللاّنهاية . بكلّ انسياب و رقة الفراشة ، بكلّ قوّة الخير و الحلال تنتفشُ في جنّة مُعلّقة بين كتفين .. سماءٌ و قبر وانت اللحد في الغربال تتخلّق بياضاً !. كنتُ في تلك الحقيقة ، في مكان يوجدُ على هذا الكوكب!. أمّا الألمُ فلقد استحى و ساح فضةَ مِشْطٍ عاجيّ صامد في ذلك الحُضن العظيم الملتهبُ احسانا ، و كذلك فعل اليأسُ و التشرّدُ و الانتهاء و الفاقة و العقابُ و الأجسامُ المتصادمة البلهاء و الخُبث و الشيطان الرجيم . كنتُ في تلك الخُرافة الطاهرة المُسيطرة القتّالة .. امارسُ احتضاراتٍ متتابعة ومخاضات مُتعسّرة و أتاذّى تنقيحاً و عقاباً لوجودي الآثم ، في مكان يوجد على هذا الكوكب !. و رأيتُ فيما رأيت أطفالاً يغنّون و يرقصون حُفاةً على قصدير الماء و أعشاباً و زهوراً تتمايلُ كالحريرة المُدلّلة الأبدية الفرحانة ، و سمعتُ فيما سمعت الحاناً تبعثُ على الضمأ والجوع العاري و التسوّل و البكاء الوضيع ، تجيءُ من ناحية السماء و اخرى ترفعني عن الأرض فإذ بي اُسحقُ ندىً عدَميّ لذيذ في غَيْمة ضياء ساحرة ، و فهمتُ فيما فهمت أروع شيء زجاجيّ فهمته من صُنع الله ، لدرجة انني تثلّجتُ فلَم افهمُ شيئاً ! و سبَحتُ فيما سبَحت في هواء ممزوج برائحة اللّبِّ الواجب الأصيل .. يخنُقُك و يخنُقُك حريّة النور .. حُريّة الثواب .. حُريّة الأكيد .. حُريّة النّصر !. كنتُ في حُزن ليل انثوي فظيع البراءة .. فظيع الأفكار الغريبة السعيدة .. فظيع القوانين الزجاجيّة ، في مكان يوجدُ على هذا الكوكب !. ايّ إناء كريستالي مغرور ، أيّ قوس قزح فاسِد ، أي حقيقة فاجرة وتتمادى ، أيّ غَضَبٍ فَحْمي ، أيّ أعناقٍ مُكبّلة ، أيّ معادن صامِتة ، أيّ بقاء يطوفُ و يستعبَد البكارة ..أيّ لعنة .. تحاولُ المساس تمسخُ بفِعل الحَلال ! . كنتُ في مكان يوجد على هذا الكوكب ؛في الضفائر الزجاجية الخارقة عظمة صدري وكل القبور الخائفة السحيقة تحتي ، فنَنْبتُ الى ماوراء سماء .. نَنْبتُ سعادةَ الكائن و هديّة بَقاء .. في ضفائر النور و الثلج الليلي الانثوي الحقيقيّ .. فأتلاشى .. أتلاشى .. نعيقاً .. رائحةً .. غازاً و منديلاً على عُذرية بلاطة ! .. كنتُ في شَعْرها .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية