انطلقت الشاحنة مسرعة نحو معسكر " صرفند " التابع للقوات البريطانية في جنوب فلسطين ، وزاد السائق من سرعتها حين بدأت الحجارة تانهال عليها من سكان القرية التي كانوا يمرون بها ، وراح يصرخ في العمال قائلا:-
- كفوا عن مداعبة سكان القرية ،فهم لا يحتملون المزاح .
- كووك.....كووك .
قال احد العمال مرة أخرى واختبئا بين الإقدام داخل الشاحنة ،فتوالت رشفات الحجارة نحوهم ،حتى ابتعدت الشاحنة عن القرية وانحرفت يمينا نحو الطريق الرئيسي .
ساال السائق اليافاوي عن معنى كلمة "كووك"، فأجابه الشخص الذي كان يجلس بجانبه بان لكل قرية لقب أو حكاية ، وكووك هذه هي لقب قرية "بربره " ،التي يغضب سكانها حين يناديهم احد بهذا اللقب ، فيتشاجرون معه .او يرجمونه بالحجارة .
والحكاية هي أن احد السذج من أهل القرية دفن كنزا في الرمال ، ووضع علامة له غيمة في السماء ، وصادف ذلك مرور غراب من فوقه فقال مخاطبا الغراب :-
-أنت شاهد أنني دفنت الكنز هنا .
صاح الغراب:
- كووك ...كووك .
فانصرف الرجل مغادرا المكان بعد أن ردم الحفرة التي وضع بها الكنز، وظن أن الغراب قد وافقه على ما قاله .
كان "مصطفى " يشعر بالضيق حين عبرت السيارة بوابة المعسكر،لكنه انصرف كعادته إلى عمله.مثل بقية العمال ، وراح ينظف عنابر الجنود ويجمع القمامة منها و يلقيها في مكب النفايات .
وفجأة سرت همهمة بين العمال حين لاح لهم الضابط الانجليزي "طومسون " من بعيد، وهو يلوح بعصاه التي ثبت برأسها سكينا ماضيه ، ولما اقترب منهم توقف العمال عن العمل ولم يكترثوا له ، وحين هاجمهم كعادته ، اندفع " مصطفى " نحوه كنمر مفترس ، وبطحه أرضا وراح يحكم الخناق حول عنقه بكلنا يديه .فسارع الجنود الانجليز لإنقاذ " طومسون " الذي غادر المكان مطاطا رأسه ، فيما اقتيد " مصطفى " إلى السجن بتهمة التحريض على الثورة..