صوت في الخلفية:

كنت فقيرا و غريبا و قصاصا و ممثلا و مخرجا. و حالما بهذا النيل و بحر الاسكندرية.. كنت الوحيد الذي رأي الاسكندر الاكبر يصعد من الماء و هو يركب حصانه و يدخل إلي البلاد و ينشأ مدينة الاسكندرية.. و يتجمع المصريون و يسمونه فرعون.. و يعلنون أنه إله و أن الالهة اختارته يكون أكبر الالهة.
جلس علي المقهي فتح الجريدة.. في ميدان الجيزة.. وسط زحام شديد.. إنه أكبر مكان للتلوث في العالم. صفحة الحوادث في جريدة الاخبار القاهرة يوم 9/10/2003

اعترض طالب بالجامعة الأمريكية اسمه رائف محمد قنديل موكب فتحي سرور رئيس مجلس الشعب أثناء سير الموكب من أمام منزل الدكتور بجاردن سيتي.. أوقف الطالب سيارته الجيب أمام موكب رئيس مجلس الشعب ليمنع مروره بالشارع ألقي الحراس القبض عليه و قال لهم: الشارع ملك الشعب ملك الناس و ليس ملك الحكومة.
و تمتم بكلمات غريبة فأمرت النيابة بإدخاله مستشفي الأمراض العقلية لمراقبته لمدة أسبوع.

صوت داخلي:
يا رائف يا بني. لم تفهم ان الشارع ملك الحكومة و الحكومة هي ظل الله علي الأرض..يا رائف قلت كلمات غريبة.. الدستور يقول.. الدستور يا رائف يا بني. كلام.. الوطن كلام..الوطن ليس لنا.. الوطن لهم.. كل الشعب خدم عندهم.

بجانب خبر القبض عليك عنوان آخر (السجن 3سنوات لوكيل النيابة المرتشي و تاجر.. المحكمة تقول القضاة ليسوا فوق المسائلة و المتهم أهان وظيفته و أمرت محكمة جنايات القاهرة: بمعاقبة عبد المنعم سيد وكيل نيابة الظاهر و صفوت لويس - تاجر- بالسجن المشدد 3 سنوات لتعاطي رشوة من صاحب عقار قيمتها 15 ألف جنيه).
قام من علي المقهي من الجيزة و اتجه للميكروباص متجها إلي شارع الهرم محطة التعاون و ركب و السائق يسمع أغاني شعبان عبد الرحيم أغنية أنا بكره اسرائيل.

أمس البعيد
يوم 13 أغسطس 1799

عمل المولد النبوي بالأزبكية و دعا الشيخ خليل البكري عسكر الكبير( أي نابليون بونابرت) مع جماعة من أعيانهم و تعشوا عنده.. و ضربوا ببركة الأزبكية مدافع و عملوا حراقة و صواريخ و فتح الأسواق و الدكاكين ليلا و أسراج قناديل و فيه ورد الخبر بأن الفرنسيس احضروا عثمان خجا و نقلوه من الأسكندرية إلي رشيد فدخلوا به البلد.. و هو مكشوف الرأس حافي القدمين و طافوا به البلد يزفونه بطبولهم حتي وصلوا به إلي داره فقطعوا رأسه و علقوه من شباك داره ليراه من يمر بالسوق من العامة.

أمس القريب
يوم 13 أغسطس 2003

قامت القوات الأمريكية و قوات التحالف بمعركة مع عدي و قصي صدام حسين لمدة 6 ساعات أصيب فيها مائة و خمسون جنديا و قتل عدي و قصي و حارسهما و ابن قصي.. بلغ عنهما قريبهما صاحب الدار الذي يأويهما ووضع الجثمانان في خيمة ليراهما العالم عبر شاشات التليفزيون و قبض القريب المكافأة 25 مليون دولار ثمنا لخيانته..
صوت عبرقناة الجزيرة لمواطن عراقى والله اللى قاهرنى ان الائمة بتوع الشيعة قالوا ماتقتلون الامريكان واحنا مستنيين الفتوى .

أمس البعيد
يوم 19 اغسطس1791

خرج نابليون بونابرت إلي الأزهر و ارتدي زيا إسلاميا و أعلن إسلامه فعينه الأعيان و التجار المصريون و المسلمون خليفة و أميرا للمسلمين..
المثلث السنى يقاتل فى العراق والمستطيل الشيعى يشاهد ما يحدث.. ياخيبة الامة الاسلامية قالت بائعة الزبدة فى الشارع

أمس القريب
يوم 19 أغسطس 2003 :
تم تعيين مجلس قيادة للعراق بدلا من حكومة صدام السابقة.
صدا م مات صدام حى صدام جاى صدام مو جاى بن لادن حى بن لادن مات بن لادن جاى

اليوم
نزل في محطة التعاون بالهرم..
دخل إلي شارع طارق بن زياد ليذهب إلي البنك..ليسحب بعض المال قال له الصراف انت مفلس انت مفلس ياأستاذ وعليك ديون للبنك ..ذهب للمقهى
وجد طارق بن زياد يجلس علي مقهي في ملابس رثة.
ذهب إليه و قبل يديه و سأله يا عمنا يا سيدنا يا قائدنا ما الذي جعلك في هذه الملابس.. الناس لا تعرفك دعني أقدمك لهم..جئت فى الوقت المناسب
صاح طارق: لا إنهم ليسوا أهلي و لا أهلك أنت فقط تراني لأنك تحمل دما عربيا أصيلا و قلبا نظيفا لا يراني إلا أمثالك.. أما هؤلاء.. لا..
مرت مومس في سيارة فارهة و صاحت في وجهي:
إيه دا انت واقف تكلم نفسك في وسط الشارع.
لم تراه.
قلت: حقك عليا..يا هانم.
ضحكت ضحكة خليعة..
نفس ضحكة المومس التي قابلتها في الكويت.
قالت لي و هي تمر من شارع فهد السالم 1977
- انت يا ولد.. ماشي تكلم نفسك.. ولي عن وجهي.
" جئتك يا كويت إلي جريدة القبس كي أقبض مبلغ ثلاثمائة دينار كويتي عن مقالات كتبتها في القبس ذهبت الى مدير التحرير رؤوف شحوري.. كان لبنانيا مغرورا طاووسا.. قلت له: لي حقوق عندكم أجر 20 مقالة.
قال لي انزل الحسابات. خذ حسابك. فنزلت الحسابات قالوا غدا تعال. في الغد حضرت منعني الأمن من الدخول للمبنى. رفض رؤوف شحوري أن يعطيني حقي. قالوا أن رؤوف شحورى يأخذ مرتبا ثلاثة الآف دينار في الكويت شهريا و يبيع الكتاب من امثالى من أجل صاحب الجريدة.
عشت في تلك الأيام في الكويت في حوش عربي مع مائة و ثلاثين عاملا صعيديا من أهل الصعيد من سوهاج في غرفة يسكنها عشرة..كل واحد علي سرير خشبي.. مقبرة.. لها نوافذ..حوش غريب.. رؤوف شحوري ينام في برج ضخم في مجمع عائشة السالم..على الخليج..أموالي في خزنة الجريدة.. يأخذها ضمن مرتبه آخر الشهر..
صليت كثيرا .. بكيت كثيرا.. كتبت رسالة إلي الله.
و قذفت بها إلي الخليج.. الكسول .. الخليج الدافيء.. الخليج الأكثر ملوحة و الأكثر حزنا و الأكثر هما و الأكثر ثراء و الأكثر فقرا.
آه يا خليج المواجع كم عذبت فهد العسكر شاعر الكويت و بدر شاكر السياب..وهانذا اعذب فيك
كتبت رسالة إلي أخي رمضان أشكو له ما حدث لي من صدمة.. بعد أسبوع وصلني الرد يوم 5/7/1977
أخي السيد،
الحياة يا أخي كما قلت سابقا ليست بدار مقام و ليست هي القمة.. قمة الطموح و غايته يقول الرسول عليه الصلاة و السلام: اللهم لا تجعل الدنيا مبلغ علمنا و كل همنا.. فالحياة معبر طريق يوصل إلي النهاية.. أدعو الله أن تكون بخير..إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا..
و في كل الحالات الرزق مقدر و هو بيد الله وحده فهو رب الكافر و المؤمن و ما من دابة على الأرض إلا و علي الله رزقها يعلم مستقرها و مستودعها
و يقول الرسول عليه السلام: لو توكلتم علي الله حق التوكل ليرزقكم الله كما يرزق الطير فهي تغدو خماصة و تعود بطانة ..
قل رب ادخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا. و قل جاء الحق و زهق الباطل.
رسالة طويلة تشد أزري بكلمات الله و رسوله و الحكم كانت بردا و سلاما.

اليوم
إلتفت لغبار سيارة المرأة المومس و دخلت البنك بالفيزا كارت.. وضعت الكارت .. خرج الكارت.. الكارت لا يسحب.. قال ليس لديك أموال.. سحبت كل أموالك..
هذا أنت بلا أموال. لاحساب جارى ولافيزا كارت. يا قلبي المفعم بالآف الأناشيد و الأغنيات يا نساء العمر الجميل هأنذا فقيرا مفلسا بلا مال.

أمس

رسالة في 26/12/1993
من مكناس
الاستاذ/ السيد الفنان الإنسان.
تحية، و بعد،
لقد جاء الحق و زهق الباطل "إن الباطل كان زهوقا"
هذا ما قاله لي أحد الأصدقاء في الهاتف ليهنئني بنجاحي في رسالة الدكتوراة بميزة حسن جدا.
بعد مناورات و سوء نية كانت تعرقل السير العادي لتقديم أطروحتي الجامعية. و بعد صبر طويل, و معاناة مريرة, و بعد صمت حكيم ضبطت فيه أعصابي جاء الحق, فتبينت الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ و جاء تاريخ المناقشة الاثنين 20-12-93 حيث دامت المناقشة أكثر من ست ساعات بحضور أكثر من ستمائة طالب و أستاذ و محام و أعيان مدينة مكناس و مثقفين كان هذا الحضور دعما نفسيا لي حيث دافعت بالتراكم الذي أتوفر عليه من خلال ربع قرن من الممارسة المسرحية. دافعت بوعي و صبر علي أطروحتي التي وجهت لها انتقادات أهمها أنها كتبت بلغة شعرية أبعدها عن اللغة العلمية.. و أنها تكتب من الذاكرة دون الاعتماد علي المصادر و المراجع الكافية.. بعد دفاع مرير قلت في نهاية مداخلتي ما قاله الفيلسوف اليوناني"أنني أعلم بأنني لا أعلم".. إن كلمة الحق حق, و الكتابة الموضوعية حق, و الدفاع عن الحقيقة حق, و هذا تشبعت به طوال حياتي لأنني لا أداور و لا أراوغ إنني شفاف في سلوكي و في كتابتي, و في حبي للناس. و هذا سبب العداء الذي يحمله ضدي مستترا وراء الاقنعة الملونة بالحالات و الظروف و اللحظات.
لقد جاء الحق. و الآن يبدأ مشوار جديد في العمل من أجل مسرح عربي حيث الإبداع و الابتكار والدفاع عن الثقافة.
أخوك: عبد الرحمن بن زيدان
مكناس / المغرب

اليوم:
عدت إلي محطة الجيزة.
ركبت السوبر جيت إلي الإسكندرية.
قابلت أخوتي. أهلي. أصدقائي و أهمهم محمد مختار صديقي القديم بارك الله فيه أصبح مليونيرا و صاحب مصنعا كبيرا للألبان. كنت أبحث عن من يقرضني عشرة الآف جنيه.. جلس مختار.. ضحك معي.. دعاني علي كيلو كباب .. حكي لي قصة أزمة البنوك و أنه طلب من البنك خمسة مليون جنيه سلف.. فقال له مدير البنك خذ عشرة مليون يا حاج عشان البنك يمشي حاله و تنشط حركة الاستثمار و رأس المال.
قلت له أريد عشرة الآف جنيها قرضا (سلف)
تنحنح.. اعتذر.. مال بالكرسي.. و اعتذر.. ذهبت لمحطة الرمل.. إلي السنترال و اتصلت بأحمد العدسانى في الكويت صديقي المليونير..ياعدسانى عايز 500دينار سلف اعتذر و قال أنه يبني بناية(عمارة ضخمة) و عشرة الآف جنيه يعني خمسمائة دينار يتعبوه.
وقفت علي كورنيش شاطيء بحر الاسكندرية.
أبول علي بحر الاسكندرية
وجدت بجواري يقف عبد الله النديم يبول أيضا تأييدا لي
و بيرم التونسي يبول أيضا
و سيد درويش يبول أيضا..وابراهيم عبد المجيد وتوفيق الحكيم
وقف طابور طويل يبول علي بحر الاسكندرية.. الاسكندرية مبولة المبدعين
صاح ابني محمد: شوف يا بابا قناة الجزيرة جايبة خبر أن القذافي هيدفع اتنين مليار دولار لأسر ضحايا لوكيربي.
قلت له: قل للقذافى إبي يريد اتنين ألف دولار لانى من ضحايا الابداع والموقف الشريف فى الوطن العربى قل له ابى يحتاج الفين دولار شهريا فقط ليبدع و يكتب.. ضحكت نانسي عجرم و هي تغادر مصر .. لقد أعطاها الملك أربعين مليون دولار لتغني له أربع ليالي فلماذا لا تضحك.. قمت توضأت و استغفرت و صليت فأنا لا أحب الغناء للملوك.. و ختمت القصة..سألتني ابنتي غيداء : يا أبي تحدثت عن الأمس و اليوم فما بال غد؟
قلت لا أعرف أين هو الغد..
أمس أم اليوم أم الغد
اليوم أمس أم الغد
الغد. أمس. اليوم ..
أم
غد اليوم أمس
تنهيدة

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية