ليس عن تلك النظرة الخاطفة ،تلقيها على كتاب وأنت تحث الخطى ... أتكلم ...بل عن اللحظات الحالمة .. تأبى أن تنتهي ... عن عينيك تدوران في محجريهما .. عن يديك تبحثان عن ذلك الكتاب بعينه .. لا تستطيع الفكاك منه !!
كتب بلا خطام يجمعها .. قد تكون روايةأو قصة، أو فكرة، أو حتى سيرة ذاتية تستشف روحك خلالها
( 1 /10 )
مالكوم إكس ... سيرة ذاتية - اليكس هاليي
" كان الأمريكيون حتى البيض منهم يقولون لي : " إنه الكتاب الذي شعرتُ بالانبهار وأنا أقرأه ! ... هل قرأته ! ... كتاب مذهل !! " من مقدمة المترجم .
لتستنهض الهمة .. وتخرج من حالة الاستلاب الروحي تجاه كل ما هو أمريكي عليك بقراءة هذا الكتاب لتعرف كيف لرجل واحد أن يحيي أمة ... كيف ينتقل الإنسان من دَرَك الحضيض إلى أسمى المراتب عندما يؤمن بفكرةٍ ليس إلا ... كيف وقد أسلم !!!
رجل النضال الأمريكي الأسود مالكوم إكس ( الحاج مالك الشباز ) لديه الكثير ليقوله لك :
(( " قُرِئَ الحكم ولم يفهم ( شورتي ) المقصود بعبارة : " في وقت واحد " فأصيب بهزة . كانت أمه العجوز قد جمعت ثمن التذكرة وجاءت إلى بوسطن وأخذت تقول له كلما زارته : " اقرأ سفر الرؤيا ( من الإنجيل ) يا ولدي وصلِّ لله " .
وَقَرَأَهُ بل ركع وصلى مثل قس معمداني ، وصدر الحكم في المحكمة الإقليمية لمقاطعة ميدل سكس - مسرح جرائمنا الأربع عشرة - فجلست أُمْ ( شورتي ) وأخذت تنتحب وتتوسل للمسيح ..
نودي على ابنها فوقف وبدأ القاضي يقرأ الحكم :
التهمة الأولى : من ثمان إلى عشر سنوات .
التهمة الثانية : من ثمان إلى عشر سنوات .
التهمة الثالثة ...
إلى أن وصل للسطر الأخير ... فصرخ شورتي وتداعى .. أسرع السعاة إليه وأسندوه قبل أن يقع ، وفي حدود ثمان إلى عشر ثواني كان قد أصبح يضاهيني إلحاداً !!! " ))
( 2/10 )
سمرقند - أمين معلوف
"والآن أَجِلْ بصرك في سمرقند ! أليست ملكة الدنيا ؟ مزهوة على جميع المدن ، وفي يديها مصائرهن " الأديب الفرنسي " إدجار آلان بو ".
تحكي الرواية التي أبدعتها أنامل الكاتب اللبناني / الفرنسي أمين معلوف عن شاغل قلوب الأدباء الغربيين " عمر الخيام " في تراجيديا عمد فيها إلى خلط الحقيقة بالخيال والماضي بالحاضر والشرق بالغرب في أسلوب مشوق عجيب يحكي فيه تلك العلاقة النادرة بين الأضداد الثلاثة : عمر الخيام - الحسن الصباح - نظام الملك !!
طوى الصباح راية جيش الظلام
فقم يا نديمي وهات المدام
وفك لنـا نرجـس المقلتين
وقم فلسوف تطيل المنام
(("انتهى إفطار رمضان بعد لأي ... فقام نظام الملك وسار بحاشيته إلى خِيَمِ نسائه يحف به كالعادة إكليل من رجال البلاط ، اقترب منه شخص ، رجل طيّب يرتدي قطعاً مرقّعة ويغمغم بكلمات وَرِعَة .. تحسس نظام الملك كيس نقوده وأخرج منه ثلاث قطع ذهبية . فلابد من مكافأة سخية للمجهول الذي جرؤ على الاقتراب منه !!
أومض بريق ، بريق نصل ، وتم كل شيء بسرعة . فما كاد نظام الملك يرى اليد وهي تتحرك حتى كان الخنجر قد خرق ثوبه وجلده واندست ظبته بين ظلوعه . حتى إنه لم يصرخ . ولم يصدر منه سوى حركة ذهول واستنشاقةٍ أخيرة . ربما استعرض وهو ينهار ، بالحركة البطيئة ذلك البريق ، وتلك الذراع التي امتدت ثم انثنت ، وذلك الفم المتشنج الذي لفظ : " خذ هذه الهدية ، إنها آتية من آلَمُوت "
عند ذاك تعالت بعض الصرخات ، وجرى القاتل فلوحق من خيمة إلى خيمة وعثر عليه . حُزَ عنقه على عجل وسحب من قدميه العاريتين ثم أُلقي في إبالة.
ولسوف يلقى في الأعوام والعقود القادمة عدد لا يحصى من مبعوثي آلَمُوت الحتف نفسه ، بفارق وحيد وهو أنهم لن يركنوا إلى الفرار أبداً طالما الحسن ( شيخ الجبل ) يُعَلِّمُهُمْ : " لا يكفي أن نقتل أعداءنا ، فلسنا قتلة بل مُدَبِّرُو موت ، إِنْ قَتَلّنَا رجلاً في العلن أرهبنا مائة ألف في السر ! "))
( 3/10 )
تلك العتمة الباهرة - الطاهر بن جلون
(( " الموت من الإمساك ، أمر ما كان ليخطر ببال أحد . فقد جرت العادة أن يقال : " الموت من الحب " أو " الموت من الجوع والعطش " .
مات ( بوراس ) لأنه لم يستطع إخراج برازه ، كان يحتبسه ، أو الأحرى قوة ما في داخله كانت تمنعه من التبرز ، فيتراكم البراز يوماً بعد يوم حتى صار صلباً كالإسمنت ، وبوراس المسكين لم يكن ليتجرأ على البوح بما يعاني .. امتنع عن تناول الطعام ، ظناً منه أنه بذلك يتخلص من كل ما راكمته معدته . إلى أن فاق الأمر قدرته على الاحتمال ، فراح يئن ويضرب الجدار بقدمين ملئها القهر . ثم ذات يوم أطلق صرخة مدوية : " إني أموت بخرائي " !!!
تمكن ( حسين ) من تفصيل ملعقة من عصا المكنسة التي كان احتفظ بها : " خذ سأرمي لك بقطعة الخشب هذه ، وحاول برفق ، وعلى مهل ، من دون أن تجرح نفسك " .
من كان يظن أن ذاك الرجل الجبلي القوي سيقضي ذات يوم وبطنه منتفخ .
كان ( بوراس ) قد شق شرجه لأنه حرك قطعة الخشب بشدة ، وراح ينزف وفي لحظة .. عاودته نوبة الحنق فأطلقها مدوّية ثم هوى على الأرض فاسترخت صارات الشرج وأخرج الجسد كل ما فيه " ))
لحظات حقيقية تكاد تجد طعم مرارتها في فمك .. تتجسد في مشهد من أحداث المعتقل المغربي الرهيب ( تزمامارت ) حينما قام عدد من ضباط سلاح الجو بتنفيذ عملية جريئة من شقين : 1- قصف الطـائرة الملكية بسـت صواريخ أُطلقت مـن سـرب F 5 .
-2- اقتحام قصر الصخيرات الملكي.
وذلك في محاولة انقلابية من وزير دفاعه محمد أوفقير ، الذي انتحر بعد ذلك وترك أسوأ صور الأسى والعذاب يعيشها جنوده من بعده مدة 18 عاماً !!
( 4/10 )
مَنْ قَتَلَ في بن طلحة
" الجزائر : وقائع مجزرةٍ معلنة " - نصر الله يوس
ألم حاد تشعر به يتنقّل بين القلب والعقل .. بين العاطفة والضمير .. تنهي الكتاب وأنت لا تزال ممسك بالصفحة الأخيرة .. لا تدري لما هي متشبثة بك هكذا !!
لقراءة هذا الكتاب لابد لك من طقوس لا تكتمل القراءة بدونها : 1- علبة من المناديل -2- صمت قاتل -3- خلوة بالنفس
-4- مصحف تطرد بقراءته هواجس الخيال !!!
في عام 1997 م ومع بداية الليل حاصر نحو 200 رجل مسلح حي بن طلحة إحدى الضواحي النائية للعاصمة الجزائرية ... ذبحوا أكثر من 400 شخص من الرجال والنساء والأطفال في ظرف 8 ساعات .. وصراخهم يشق سمع الطرق الخالية من المارة !!
بقي العسكر الذين اتخذوا مواقع لهم على بعد بضع عشرات من الأمتار مـن بن طلحة ، مزودين بمصفحات وسيارات الإسعاف في أماكنهم ساكنين ، بل منعوا أهل الجوار من نجدة السكان !!!!
(( " 3 أيام انقضت على المذبحة وها أنا وحدي أقف متكئاً على عكازي وبندقيتي على كتفي أمام المبنى الذي تسكن فيه أمي .. في برّاقي .. بعد أن رافقني إليه الملازم نفسه الذي قال لي قبل أسبوع لا أكثر ، عندما ذهبنا إليه نحن أهالي بن طلحة نسأله السلاح : ( مَلَلتُ من رؤيتكم هنا ، لا تراجعوني بعد الآن ، سأدعوكم في الوقت المناسب !! ) ثم التفت إلينا موجهاً بضع شتائم ..
لم أعد اشعر بشيء .. الخواء من حولي .. وفي داخلي .
( اذهب إلى حيث تحملك قدميك وانتقم ) هكذا قال لي شباب الحي الذين بقوا على قيد الحياة .
المنطقة كلها كانت في هيجان ، منذ أسابيع وهؤلاء الإرهابيون يذبحون المئات من الأبرياء ، يقطّعونهم إرباً ، يحرقونهم في المواقد ، بل يصلبونهم على الجدران .
كنا نعلم بما سيصيبنا ، نُحِسُّ به لكن .. أين المفر ؟.
كان لابد أن أغادر بن طلحة .. بل الجزائر كلها بعد المجزرة .. منذ ذلك الوقت وأنا مسكون بوجوه أولئك الأطفال الذي قضوا ذبحاً بالسواطير !! " ))
مقتطفات من مقدمة المؤلف الذي يعيش الآن في باريس " مدينة النور " !!
( 5/10 )
الأحلام بين العلم والعقيدة - د. علي الوردي
صاحب ملحمة / وعاظ السلاطين في كتاب عن الأحلام !!! .. ممممم
لا تزال روائع عالم الاجتماع العراقي علي الوردي ( رحمه الله ) تتمتع بذلك الزخم الجميل .. والنفس العلمي الراسخ .. إذ لا تكاد تشرع بقراءة مقدمته حتى يبدأ ظهرك بالانحناء والتقوس .. مكباً عليه بإصرار لا يُفهم على إنهاءه .. كيف لا وهو الأديب والعالم والمصلح الاجتماعي والشيعي المنصف الذي لا تملك إلا الاندماج في أطروحاته في شهوة تنسيك لذة الأكل والشرب .. بله شهوة الجنس !!
(( " التنويم الاجتماعي : لا يقتصر حدوث التنويم على شخصين ينوم أحدهما الآخر ، بل قد يكون على نطاق اجتماعي واسع وهو ما يدعى بالتنويم الاجتماعي .
وتشتد وطأة هذا التنويم عادة في المظاهرات التي تحتشد فيها جماهير غفيرة من الناس ويحدث فيها الهرج والهتاف ، وهنا نجد الأفراد الذين يشتركون في التجمهر لا يشعرون بما يفعلون ، حيث تسيطر عليهم فكرة معينة فتجعلهم يفقدون وعيهم إلا من ناحية واحدة ، هي تلك الناحية التي ينصب فيها الهتاف ، فيندفعون في أفعال مستهجنة جداً كالتعذيب والذبح والتمثيل !!
والقائمون بالمجازر أنفسهم قد لا يصدقون بصحة ما ينسب إليهم بعد انكشاف غمة التنويم ، فيظلون يدورون برؤوسهم مندهشين !!
ولا شك أن التنويم الاجتماعي له أثر بالغ في شل التفكير ، فالذي يقع تحت طائلته لا تستطيع أن تجادله مهما كان دليلك إليه صارخاً ، وإطاره العقلي مغلق يهيج كالثور إن حاولت اقتحامه !!
كنت أتحدث ذات يوم مع شاب في الكاظمية عن بشاعة تلك العادة التي يطلقون عليها اسم " التطبير " حيث يجرح بعض الشيعة رؤوسهم بالحراب ، وكان الشاب يصغي إلى ما أقول حتى حسبته اقتنع بصحة رأيي .
ثم أتيح لي بعد ذلك أن أرى الشاب نفسه في عاشوراء وهو يشهد موكباً من مواكب التطبير . ولم يكد يلمحني من بعيد حتى خلت الشرر يتطاير من عينيه ، إذ كان واقعاً تحت تأثير التنويم الاجتماعي وقد خلب لبه منظر الدم وزعيق الباكين !!
ولا حاجة بي للقول أني أطلقت ساقي للريح مخافة أن يدركني الشاب فيمسك بتلابيبي ويفعل بي ذبحاً وتمثيلاً !! " ))
( 6 /10 )
من سواد الكوفة إلى البحرين
" القرامطة من فكرة إلى دولة " - مي الخليفة
الإنصاف عزيز .. وهو كالمشي في حقل من الألغام إنْ سلمت إحدى رجليك .. فلا تعرف مصير الأخرى !!
" الإهداء : إلى روح الحسين بن منصور الحلاج وإلى جميع المتهمين بجريمة الانتساب إلى فكر القرامطة وحركتهم !! "
بهذه الكلمات ابتدأت مي الخليفة كتابها المثير للجدل .. التي حاولت فيه المشي على الجمر ما استطاعت .. ولقد نجحت في ذلك أيما نجاح على الأقل بالنسبة لي !!
ملقية بأحجار التساؤل متتابعة .. لا تتيح لك الفرصة لالتقاط أنفاسك :
•ما الذي أدى بالقرامطة إلى الإلحاد والإسلام لم يمض عليه ثلاثة قرون ؟
•لماذا تصدت الأقلام للكتابة عنها وسُخّرت خزائن المال والسلاح لمقاومتها ؟
•لما نصبت المشانق لأتباعها ؟ وغض الطرف عن غيرهم ممن فاقهم إلحاداَ ؟
•لماذا أحرقت مؤلفاتهم واحترقت معها أفكار العلماء والشعراء ممن جرؤ على الاقتراب منهم ؟
(( " هذا داعية قرمطي فاعرفوه !!
ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه في كل حالٍ أيها الرائي
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إيـاك إياك أن تبتل بالمـاء
المكان: سوق بغداد .
الزمان: عام 301 هـ في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله .
المتهم: الحسين بن منصور الحلاج الذي جيء به إلى بغداد وهو مشهور على جمل ووراءه غلام له على جمل آخر والمنادي ينادي عليه: "أحد دعاة القرامطة فاعرفوه" .
ثم يودع السجن ويجلس الوزير لمناظرته ويصدر حكمه قائلاً : " هذا شخص لا يقرأ القرآن ولا يعرف الحديث ولا الفقه واللغة ولا الأخبار ولا الأشعار " !!
كانت التهمة الرئيسية أنه داعية قرمطي يحوز رقاعاً يدعو فيها الناس إلى الضلالة ويستخدم الرموز في كتابته !
ثم أَمَرَ به فصُلِب حياً ثلاثة أيام بهدف الإشهار لا القتل الذي نُفِّذَ على ذات الصليب بعد ثماني سنوات من اعتقاله !!
الغريب أن إقامة الحلاج بالسجن والتي دامت 8 سنوات كانت فرصة مناسبة للتأمل والكتابة وجمع المريدين من طلاب المعرفة !
عقدت المحاكمة .. برئاسة أبو عمر الحمادي المالكي وكان اختياره رئيساً يعني الحكم على الحلاج بالإعدام فالمالكية لا تجوز لديهم توبة الزنديق أصلاً بعكس المذاهب الثلاثة !!!
كما أُقصي المعارض الحنفي أبو جعفر البهلول الذي اعترض على قتل الحلاج
ما لم يقر على نفسه بالزندقة ! وكذلك ابعد الحنابلة لعدائهم السافر للدولة وتعاطفهم مع الحلاج !! ولم يُسْتَدْعَ قاضٍ شافعي خوفاً من تأثره بالفتوى السابقة لكبير قضاة الشافعية ابن سُريج الملقب بـ ( الشافعي الصغير ) والذي خفي أمر الحلاج عليه فرفض أن يقول فيه شيئاً !!!!!
وكما كانت حياته مثيرة للجدل فكذلك وفاته .. إذ كان يترنم مصلوباً .. فلما قطع السياف يده مسح بها جبهته وقال : " ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !! ".
وعندما ثنّى الجلاد برجليه أنشد :
اقتلوني يا ثقاتي إن في قتلي حياتي
ومماتي في حياتي وحياتي في مماتي
إن عندي محو ذاتي من أجلّ المكرمات
فاقتلوني واحرقوني بعظامي الفانيـات
ثم مروا برفاتي في القبور الدارسات
تجدوا سر حبيبي في طوايا الباقيات
( 7 / 10 )
المحنة - بحث في جدلية الديني والسياسي في الإسلام - فهمي جدعان
من منا لا يستميت في الدفاع عن آرائه والذود عن حياضها .. جُلُنا ذاك الرجل الذي يعتقد ثم يستدل كما يقول الأصوليون !!
نزاهة كاتبنا ستصدم من أَلِفَ بيئة الخمول والسكون .. من تربى على ثقافة العوائد كما يقول ابن تيمية !!
فما ترى القارئ سيفعل أمام تخاذل العلماء عن نصرة إمام أهل السنة والجماعة ( أحمد بن حنبل ) !!
وهل تراه سيفرك عينيه وهو يقرأ الروايات التي أَسْنَدَتْ للإمام أحمد بن حنبل إيوائه محدثاً علوياً وهو من روي عنه بأكثر من طريق في مسنده حديث : " لعن الله من آوى محدثاً " فضلاً عن مناصرته لفتنة أحمد بن نصر الخزاعي !!
ألغاز لن تمحى من الذاكرة إلا باستشعار نظرية أن الديني ( النظري ) شيء والسياسي ( الواقعي ) شيء آخر ولا دخل البته لقاعدة تباين رأي الراوي وروايته !!
كتاب لكل الفصول .. هو الوصف المناسب للبحث الذي يتطرق لمحنة خلق القرآن من كل الزوايا .. معتمداً فيه على المراجع المعتزلية والسلفية تاركاً للقارئ تلمس طريقه عبر أكثر من 500 صفحة !!
(( " أما علي بن المديني فقد كان أحد أئمة الحديث في عصره والمقدم على حفاظ وقته " ولكنه لم يقو على المحنة فأجاب فطرحت في داره رقعة فيها شعر حملها إلى أحمد بن أبي دؤاد وناوله إياها :
يا ابن المديني الذي شُرعت له دنياً فجاد بدينـه لينـالها
ماذا دعاك إلى اعتقاد مقالة قد كان عندك كافراً من قالها
أمرٌ بدا لك رشده فقبلته أم زهرة الدنيا أردت نوالـها
فلقد عهدتك لا أبا لك مرة صعب المقادة للتي تدعى لها
إن الحريب لمن يصاب بدينه لا من يرزئ ناقة وفصالـها
........................
لقد كان أحمد بن حنبل بمثابة القوة المضادة غير الطيّعة لسلطة الدولة الأصلية ، وقد كان يعلم أن المصدر الرئيسي لقوته يكمن في العامة .
فكان يقيس حركاته وسكناته في ضوء ما يترتب على هذه الحركات والسكنات من تأثير على الناس ، لقد كان يمثّل المقاومة التي لم تقف عند المصابرة وإنما تعدتها إلى نصرة الخزاعي وإلى التحالف مع دعاة مناهضين للدولة .
أما الخليفة فلم يكن ينظر بعين الرضا إلى هذه الآلاف من العامة التي يَأْلَفُون مجالس يزيد بن هارون أو أحمد بن حنبل أو يضطربون ويهيجون لمرأى جثة أحمد بن نصر الخزاعي ورجال الخليفة ينزلونها من مواقع الصلب ، ألم يقل المأمون مرةً إذ نظر إلى مجلس يزيد بن هارون : " هذا الملك " !! ))
السياسي في مقابل الديني ... ليت قومي يعلمون !!!
( 8 / 10 )
الحرية أو الطوفان - د. حاكم المطيري
تحتاج لـ .. شبكة .. تصيد بها علامات التعجب التي تحلق حول رأسك وأنت ممسك بدفتي كتابنا !!
لم تتخيل الأوساط الثقافية والفكرية أن كتاباً بهذا الحجم والموضوع سيخرج ذات يوم من رحم العباءة السلفية ..لا سيما وقد اعتورته الأقلام النقدية بالتحليل والبيان على كافة المستويات المرئية والمقروءة والمسموعة من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر ( كما يقول عبد الناصر ) !!
بدأ المؤلف كتابه بأسئلة مدببة ضخمة فاجئ بها عقل القارئ، كما أشار إلى ذلك فهمي هويدي في إحدى مقالاته بقوله: " لقد طرح الدكتور المطيري في مقدمته أسئلة ما خطر لي يوماً أن تكون شغلاً لأحد القيادات السلفية ". !!!
(( " - ما طبيعة الدولة الإسلامية؟ وهل للإسلام نظام سياسي واضح المعالم ؟ وهل بالإمكان بعث هذا النظام من جديد ؟ وهل نحن في حاجة إليه ؟
- ما العلاقة بين المجتمع والدولة ؟ وما ومدى تدخلها في شؤون المجتمع ؟
- ما الحقوق السياسية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية ؟
- كيف تراجع الخطاب السياسي الإسلامي ؟ وما أسباب تراجعه ؟ وما علاقة الفقه السياسي بالواقع ؟ وما أثر هذا الفقه على ثقافة المجتمع ؟
- كيف بدأ الإسلام دينًا يدعو إلى تحرير الإنسان من العبودية والخضـوع لغير الله - عز وجل- إلى دين يوجب على أتباعه الخضوع للرؤساء والعلماء مهما انحرفوا وبدلوا ؛ بدعوى طاعة أولي الأمر؟
- لِمَ لَمْ يعد أكثر علماء الإسلام ودعاته اليوم يهتمون بحقوق الإنسان وحريته والعدالة الاجتماعية والمساواة.. إلخ، وهي المبادئ التي طالما دعا إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة، وأكدها في المدينة، وهي التي أدت إلى سرعة انتشار الإسلام في العالم كله؛ إذ رأت الأمم أنه دين العدل والمساواة والحرية والرحمة؛ كما قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " [ الأنبياء : 107] ؟!
كيف تم تفريغ الإسلام من مضمونه، فصار أكثر الدعاة إليه اليوم يدعون الناس إلى دين لا قيمة فيه للإنسان وحريته وكرامته وحقوقه، إلى دين لا يدعو إلى العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية، بل يرفض تغيير الواقع ويدعو إلى ترسيخه بدعوى طاعة ولي الأمر؟!!
- كيف ندعو شعوب العالم الحر الذي تساوى فيها الحاكم ولمحكوم حيث الشعب يحاسب رؤساءه، وينتقد علانية ويعزلهم بطرح الثقة بهم، ولا يستطيع الحاكم سجن أحد أو مصادره حريته أو تعذيبه ؛ إذ الحاكم وكيل عن المحكوم الذي يحق له عزله ؛ إلى دين يدعو أتباعه اليوم إلى الخضوع للحاكم وعدم نقده علانية ، وعدم التصدي لجوره ؛ والصبر على ذلك مهما بلغ فساده وظلمه ، إذ طاعته من طاعة الله ورسوله ؟ كما يحرم على هذه الشعوب الحرة أن تقيم الأحزاب السياسية أو تتداول السلطة فيما بينما لو دخلت في الدين الجديد ؟ " ))
الأجمل من كل ذلك النظريات المدهشة ( وإن اختلفت معها ) التي توصل إليها المؤلف حيث قسّم الإسلام إلى ثلاث حقب أساسية :
1 - الدين المنزّل : وتشمل مرحلة النبوة والخلافة الراشدة .
2- الدين المؤوّل : وبدأت هذه المرحلة بانتهاء الخلافة الراشدة وانتهت بسقوط الخلافة العثمانية في عشرينيات القرن الماضي .
3- الدين المبدّل : العصر الحاضر الذي نعيشه !!
ختم د / حاكم كتابه بكلمات تهتز لقوتها وشجاعتها جنبات الكتاب :
" وليس أمام الأمة للخروج من هذا التيه سوى الثورة أو الطوفان ! ".
( 9 / 10 )
أرض السواد - عبد الرحمن المنيف
الريـحُ تصرُخُ بي : عـراقْ
و الموجُ يعولُ بي : عـراقْ ، عـراقْ ، ليسَ سِوى عراقْ !
البحرُ أَوسَـعُ ما يكونُ ، و أنتَ أبعـدُ ما تكونُ
و البحرُ دونـَكَ يــــا عـراقُ .
( بدر شاكر السياب )
سفر كرنفالي يغوص بك في أعماق المجتمع العراقي قبل أكثر من 100 سنة ، دولة نامية تتصارع عليها القوى العظمى في مشهد يعيد نفسه الآن بعد قرن من زمن الرواية !!
أرض السواد = أرض الخيرات والثروات ، جاهد المؤلف ونجح .. حينما أقحمك في جو العراق .. فتارة أنت في الرصافة ناحية بغداد الشرقية ... وطوراً أنت في الكرخ ناحية دار السلام الغربية !!
لا وجود للطوائف في هذه الرواية بل المجتمع نسيج موزاييك .. اختلف ليزدان !!
" راح تعترف يابن ستين ... ؟!!!
الفصول التي تلت ذلك تروى بأشكال عديدة ، وأغلب الأحيان متعارضة .
قيل إن الآغا سيد عليوي لم يحتمل الكلمات التي قالها الشاذ حمادي ، فقد أخرج مسدسه على الفور وأفرغ رصاصاته كلها في رأسه وصدره ، وهكذا انتهى .
وقيل إن حمادي لم يقتل بالرصاص ، أو في تلك الليلة ، إذ تركه عليوي بضعة أيام ورجع إليه في إحدى الليالي ، وأخذ يتفنن في تعذيبه .
قيل إنه استعمل سكيناً صغيرة كان يقلّم بها أظافره عادة ، إذ أخذ يقطع أجزاء من جسد حمادي ، بدأ بالأشياء البارزة ، قطع الأذن اليمنى ، قطع جزءاً من الأنف ، قص إصبعين ، الإبهام والوسطى من يده اليسرى واستمر يقطع !!
كان يلعب بالقطع المقصوصة ، يرميها في الهواء ، يحاول أن يدخلها في فوهات الجسد ، يدوس عليها ، والرجال حوله ينظرون في صمت .
حين بلغ حمادي مرحلة قاربت النهاية أهوى على رأسه بالبلطة ذاتها فشق الرأس نصفين ؟!!! " ))
( 10 / 10 )
التشريع الجنائي الإسلامي - عبد القادر عودة
كامل الدسم .. إن كانت هذه العبارة تحمل أي مضامين سلبية لأصحاب الوزن الزائد .. فهي هنا .. في هذا الموضع بالذات .. لا تحتمل إلا المدح ولا شيء غيره !!
قاض .. خطيب مفوه .. علم فكري .. أحد أعمدة الإخوان .. قتل شهيداً في سبيل مبدأ آمن به ..
ليست هذه كافية للتعريف بالكتاب الذي عقمت أرحام القانونيين بعده ليصيغوا بحثاً على منواله !! سنوات عديدة أمضاها رحمه الله ليبين لنا من خلاله عظمة الإسلام وتشريعاته مقارنة بالقوانين الوضعية كافة وهو الذي درس منهاجاً مدنياً خالياً من التأصيل الشرعي !!
(( " سيرى القارئ حين أقارن بين الشريعة والقوانين الوضعية أني إنما أقارن بين قانون متغير متطور وبين شريعة نزلت منذ 13 قرناً لم تتغير ولم تتبدل ، شريعة تأبى التغيير والتبديل لأنها صنع الله الذي أتقن كل شيء.
سنرى عندها أن القديم الثابت خير من الحديث المتغير على الرغم مما انطوت عليه من الآراء والنظريات .
وليعجب من شاء كما يشاء من هذا القول ، فإن الحق في هذه الأيام أصبح غير مألوف بحيث يعجب منه أكثر الناس ، ولكن هذا العجب لن يستبد بمن كان له عقل يفكر ، ويقدر ، ويقارن ، ويوازن ، حسبه فقط أن يقرأ ما بين دفتي الكتاب " ))