الحقيقة المرّة التي يجب أن نقبلها على مضض هيّ أنّ الصحافة العربية لا يمكن إدراجها في أي خانة سلطويّة فلا هي سلطة رابعة ولا سلطة عاشرة ولا تملك أدنى سلطة على الإطلاق , وعندما قيل للصحافة سلطة فلأنهّا تستمّد قوتها وشرعيتها من القارئ الذي يدمن قراءتها , لكن ما هو عدد القرّاء في العالم العربي , وكم تسحب أكبر جريدة عربية في الوطن العربي ! الإحصاءات الأخيرة والدقيقة لا تبشّر بالخير على وجه الإطلاق , بينما في السويد حيث أقيم يبدأ السويدي حياته الصباحيّة بقراءة الجريدة ورغم سيطرة الحاسوب و شبكة المعلوماتية على تفاصيل الحياة إلاّ أنّ الصحافة الورقيّة ما زالت حاضرة بقوة مؤثرّة وفاعلة وضاغطة على كل الحكومات .
في كتابه الذي يحمل عنوان الفتوحات الإسلامية في فرنسا و إيطاليّا وسويسرا في القرن الثامن والتاسع عشر الميلادي كتب الكاتب الفرنسي جوزيف رينو :
بأنّه لو قدرّ لموسى بن نصير ولطارق بن زيّاد ولعبد الرحمان الثالث أن يعودوا إلى الحياة لإندهشوا لتغيّر ميزان القوة بين المسلمين والمسيحيين . هذا الكلام لجوزيف رينو يشخصّ الحالة الراهنة التي عليها العالم الإسلامي حيث بعد المسافة بين المليار و المائتين ألف مسلما و المشروع النهضوي الذي تتحدّث عن تفاصيله النخب العربية و الإسلامية منذ أزيد من مائة سنة .
و السؤال الرئيس الذي يمكن طرحه في هذا السيّاق هو لماذا تأخرّ المسلمون في تحقيق نهضتهم رغم أنّهم يملكون ثروة فكرية و ثروة طبيعية لم تجتمع لكثير من الأمم التي نجحت في إطلاق نهضتها و مكنتّ الأجيال الراهنة من الإستفادة من عطاءاتها .
الصفحة 47 من 78