حينما تهم بكتابة مقالة تنشر أيام العيد فإنّ هما مؤرقا سينتابك عند اختيار القضية التي ستجعلها مدار مقالتك,إذ تفرض فرحة العيد وما يلفّها من أجواء السرور والحبور على الكاتب أن يصبغ المقالة بروح من المرح و التفاؤل ليشعر قارئها حال قراءتها أنه في قصر أفراح لا سرادق عزاء!ولكي تنجح المقالة في إحياء ذلك الشعور فإنها تتحامى –بلا ريب - الخوض في شؤون السياسة وأحداث المنطقة,إذ لن تجد في الحديث عنها سوى ما يجلب الهم والنكد ويبعث على الحزن والأسى,ولذا فإن ( حلاوة) المناسبة وطلاوتها تحتّم علينا أن نتحدث عن ذاك الذي غدا بحلاوته مضرب الأمثال عند الناس عربا وعجما شرقا وغرباأعني: العسل!.
مسألة الحجاب المتفجرة في فرنسة لم تكن مجرد مسرح نستعرض فيه قصورنا وتخبطنا في مواجهة هذا العالم المتداعي علينا فحسب , بل لقد أثبتت فقرنا للالمام بكل أطراف القضايا التي ننبري للدفاع عنها دون أن نحسن فهمها والتدقيق في ملابساتها .
بعضنا اشتطّ في دق طبول الحرب الحضارية المقبلة بين الاسلام والغرب وكأن هذه الحرب لم تبدأ منذ قرون ؟!, بينما بعضنا الآخر يريد أن ينسلخ من جلدته ويخرج من بين جنبيه ارضاء لحكوماتنا المنبطحة في وجه الغرب تريد أن تقدم له الدليل على انها بريئة من الاسلام وأهله.
إن وحدانية الله تعالى في خلقه وتدبيره هي الكامنة وراء وحدة الأمة كمقصد من مقاصد الدين الإسلامي، وباعتبار أن هذه الوحدة واحدة في غايتها وهدفها، ما دام الإنسان خلق للخلافة في الأرض وتعميرا لها واستثمارها فيما يرضي الخالق. وقد قال تعالى في سورة الأنبياء :" إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
- يرفع ابليس حاجبي التعجب قائلا :
يا للتفنن بالمعصية ، كيف لم افكر في ذلك ؟
اعوذ بالله من الانسان الرجيم !
هكذا يذهل بعضنا عدونا الخفي ، الذي يستمتع هو و قبيله - المصفدون مؤقتا- بمشاهدة الكثير من العروض البشرية الرمضانية من "ابداعات" عصيانية ، و يستمتع ايضا باجازته السنوية بتلقي بعض من الدروس الخصوصية على يد بعض من بني البشر. لا غرابة في ذلك ، فالانسان كائن ارقى و اسمى عقلا و اكثر ابداعا من الجن ، لكنه – للاسف - في كثير من الاحيان يهبط الى العالم السفلي للابداع . الفارق بين شياطين الجن و الانس ، هي ان البشر لا يصفدون ، و اذا استعذت منهم لا يفرون.
إن المتتبع لتاريخ الإعلام وتطور وسائله وأساليبه يلاحظ أن ميزة عصرنا الحالي هي ميزة عصر المعلومات والمعلوماتية ، حيث أن الأقوياء هم الذين يمتلكون الإعلام ويسيطرون عليه وعلى قنوات الاتصال المؤثرة في أوسع الجماهير .
ومن أهم العلوم الإعلامية فن التأثير على الرأي العام الذي يقوم على دراسة التأثير المباشر وغير المباشر للدعاية السياسية أو الإعلامية أو الإعلانية على الفرد وكيف يتفاعل معها ويتأثر ويؤثر عليها. ودراسة نفسية الرأي العام هم الأساس لوضع الخطة الإعلامية . فالإعلامي الناجح هو الذي يفهم الجماهير ويعلم السبيل الواجب أن يسلكه لإحداث الاستجابة .
لطالما كانت المرأة ضحية التفسيرات الدينية المبنية على قاعدة قيمية ثقافية اساسها منطق ومفاهيم القبيلة والعشيرة بإعتبارها الاشكال الاولية للتنظيم الاجتماعي الضابط، والقوة والضعف الذي اساسه بدائية الانسان والتي اسست على قاعدة شريعة الغاب، حيث البقاء والسلطة والسيادة للاقوى، وفيه يتم اخضاع المرأة كونها (مخلوق ضعيف) لمنظومة متشابكة تخدم وتكرس مصالح هذا (الاقوى).
وهكذا بنيت ثقافة الرجل باعتباره الاقوى على قاعدة شريعة الغاب.
والحديث عن المرأة في العراق اليوم يقتضي تشخيص ان غياب الدور المؤثر للأحزاب والحركات السياسية والفكرية ومؤسسات المجتمع المدني ونتيجة لممارسات النظام السابق، سبب كبير بل رئيسي في حالة التأزم الكبيرة التي هي عليها الآن.
تناولت في مقالة سالفة موقع المبالغة من تفكير العقل العربي ودورها الفاعل في تشكيل الخطاب الإقناعي ,وهو خطاب- كما أشرت قبل- يعتمد بدرجة كبيرة على إجادة القول وبراعة البيان,غير أن موقع المبالغة ليس مقصورا على بنية العقل بل هو متأصل أيما تأصل في وجدان العاطفة عند العرب ,فهم يعلمون بكذب المبالغة وتجاوزها لحدود الإمكان العقلي لكنهم مع ذلك يطربون لها ويسرون بإغراقاتها الخيالية أكثر مما يطربون للحقائق الواضحة المعلومة!ففي مقامات الفخر لا يجد الشاعر غضاضة في أن يحلق بسامعيه بعيدا في دنيا الخرافة وتهاويل الكذب كما في قول عمرو بن كلثوم مثلا :
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما * تخر له الجبابر ساجدينا!