لا يختلف إثنان في أنّ اللغة العربية كانت معروفة في العصر الجاهلي , وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء , يلتمسون ودّها , وينظمون دررها , ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد , وأعذب الألحان . ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشابيه , وتعدد الاسماء للمسمى الواحد .
تي خراب الحياة الاجتماعية من خراب القيم التي تسود فيها، ومن القيم الفاسدة أن الحياة غابة، وهي صراع بين القوي والضعيف، فعليك أن تكون شرساً مع الآخرين، وأن تتمثل بصفات الجبارين المعتدين حتى لا تؤكل، فإما أن تكون ذئباً بين ذئاب الحياة، أو تكون فريسة لتلك الذئاب، فلا مكان للضعفاء في الأرض، ولا رحمة ولا قانون عند الأقوياء، ومهما كانت الحملان وديعة وبريئة، فإن هذا مما يغري الذئب بالسطو والاعتداء، فعليك في قانون الغابة أن تكون مفترساً حتى تسلم من أذى الأشرار، قال زهير:
ومنْ لا يذدْ عن حوضهِ بسلاحه يهدمْ ومن لا يَظلم الناسَ يُظلمِ
عندما يمعن المرء في ظاهرة الجالية العربية المتنامية بإضطراد في السويد يكتشف سلسلة من
المعادلات و المفارقات التي يمكن تحويلها إلى عمل مسرحي أو سينمائي وتصلح الدراما و
الكوميديا في توصيف هذه الحالة.
ويمكن القول أن هناك عالما عربيا بدأ يتشكل في المنفى مع فروق بسيطة جدا, وبدل أن تشكل المحطة السويدية منطلقا لبناء رؤية جديدة و ربما منهج جديد في الحياة يجمع بين أصالتنا ومعاصرة السويد ,إلا أن نفس الأفكار ,المناهج والعادات ,الوسائل والذهنيات ,العصبيات والقبليات ,الطروحات والحزبيات ,المذهبيات والطرائق والخلافات الجهوية والقطرية انتقلت معنا بحذافيرها إلى الواقع السويدي الجميل .
الفقر من أشد أنواع البلاء التي تعتري حياة الناس، وهو صعب لا تحتمله النفس، وبه يتوعد الشيطان الناس عند الإنفاق، قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:268)
يظن بعض المتحمسين لنشر الخير في هذا العالم أن القوة هي السبيل الوحيد لنصرة الحق مستندين إلى ما حصل من المعارك الكبرى في الإسلام في فجر الدعوة وما تلاها من عصور.
ويحلم هؤلاء بوضع راية الإسلام الحنيف خفاقة فوق كل مكان في المعمورة، بمعنى النصر على الآخر، وإنهاء وجوده بأي صورة، وهذا مخالف لمنطق الحياة الذي هو منطق الإسلام، فالحياة تقتضي التنوع، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (التغابن:2).
عجيب أمر أولئك الغربيين الذين ملكوا العالم بسطوتهم أو كادوا، وعجيب تضامنهم أمام الأمم الأخرى، فعندما يختطف أحد رعاياهم أو يتعرض لأذى فإن العالم يقوم كله لهذا الحادث، ووسائل الإعلام جميعها تصرخ وتزمجر، وتهتز دولته غضباً، ويصبح حديث المسئولين فيها، وتبذل الجهود، وتقوم المفاوضات السرية حيناً والعلنية حيناً آخر، كل هذا من أجل مواطن واحد من أبناء تلك الدولة.
عندما يقبل الليل و أنت على مقربة من القطب الشمالي و بينك وبين العالم العربي مسافات كواكب ونجوم , يصبح لهذا الليل نغمة مغايرة و ايقاع فريد من نوعه خصوصا عندما يكون هذا الليل مصحوبا بهدوء يشبه هدوء أهل القبور , وظلمة حالكة ممزوجة ببرودة تنخر العظام نخرا , الليل السويدي هو لوحة سوداء مغرقة في السوريالية و التشاؤم ,في ذا الليل بامكانك أن تصير ما حلى لك أن تصير , فلك أن تصير متصوفا مستغرقا في العشق الألهي