قبل أن نبدأ في دراسة بعض المواضيع التراثية حريٌّ بنا أن نتعرّف أولاً على بعض المصطلحات التي تستخدم للدلالة على مقومات التراث الشعبي ومدلولاته المختلفة والتي يندرج تحت بابها معظم المواضيع التراثية التي ننوي بحثها بشيء من الإسهاب والتفصيل في حلقات متتابعة.
الحمَل كائن وديع مسالم لا يضمر شرا لأحد ولا يحمل في قلبه ضغينة ولا حقدا,هذا مع أنه مبتلى بأعداء كثر من أجناس شتى, فالإنسان يستطيب لحمه ويتفنن في طبخه وشيّه ,والسباع والضباع تجد فيه صيدا سهلا ,فحينما يفتك بها القرم – شهوة اللحم – فإن أول ما يخطر ببالها صورة الحمل المسكين! وللحمل قرنان صغيران معقوفان هما للزينة لا للنطاح,غير أنهما مع ما بهما من صغر وقلة الجدوى صارا موضع جدال وسجال,ففي النظام العالمي الجديد الذي يسيطر عليه الذئب الأكبر لا مجال للتغاضي عن الاحتمالات النادرة التي قد تهدّد الأمن
يُوصف الإنجليز عادة بالبرود وربما كان ذلك بسب مناخ بلادهم البارد الذي صبغ طباعهم وأمزجتهم بتلك الصبغة التي عُرفوا بها دون سائر شعوب المعمورة,فالجاحظ يتحدث في كتابه النفيس (الحيوان) عن أثر البقاع والأصقاع في تشكيل بنيتي سكّانها البدنية والعقلية,فهو يذهب إلى أن من أقام بالموصل عاما حمد أثر ذلك في قوة بدنه وصلابة بأسه,ومن سكن الأهواز نقص عقله(؟!),وأما من حظي بسكنى بلاد التبت فإن الابتسامة تعلو محيّاه دائما,ويضيف الجاحظ أن ذلك ملحوظ حتى في وجوه دوابّهم وبهائمهم التي تبدو باسمة ضاحكة!!
في هذا العصر وفي تلك الظروف والمتغيِّرات، أصبح حجابُ الأنثى القضية التي تثيرُ جدل المجتمعات العربية والاسلامية وحتى الغربية.. هذا الجدلُ العقيم برأيي لن يقدِّمَ بل سيؤخِّرَ المجتمعات بإثارة القلاقل والخلافات.. ومن المعروف أن أي مجتمعٍ يسوده الاضطرابُ أو الفوضى لن ينصرفَ إلى التفكير بالواقع والحقائق التي هي جوهر الصراع بين المجتمعات..
ومن الغرابة حقاً أن تُهمَلَ مئة وأربع عشر سورة بما تتضمن من أكثر من خمسة آلاف وثمانمئة آية قرآنية ليتمَّ اختيار آيتيْن لمقاضاة ومحاسبة الأنثى دون الذكر على أنها سبب الفساد والانحلال العام..
ونجادل ونتفقَّه ونستفقه عبثاً في قضية الحجاب لأن العلَّةَ ليست الحجاب بل الحاجب والمحجوب..
أود قبل البدء أن أطمئن دعاة العري،وحماة الخلاعة ممن يعيشون بين ظهرانينا.. وممن يعيشون في الضفة الأخرى .. أن الإسلام لا وصاية عليه من أي طرف كان. ونحن وإن سمحنا لأنفسنا التحدث باسم الإسلام فلأن الدافع القوي فقط الانتماء لهذا الدين الذي وإن لم يجد من يدافع عنه فهو محفوظ من لدن منزل الذكر سبحانه وتعالى.وشرف لنا أن نكون مسلمين وليس شرفا للإسلام أن انتماءنا كان باسمه.. ويصدق علينا ساعتئذ قول الفاروق عمر ابن الخطاب " كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام .. فمهما طلبنا العزة بغيره أذلنا الله".
ما الذي يجري في بيوتنا حين يرجع أبناؤنا التلاميذ من مدارسهم مرهقين منهكين من عناء نهار تعليمي متطاول؟ لقد تحول البيت إلى مدرسة بكل ما يعنيه الوصف من إرهاق للأعصاب وزحمة للفكر والبدن,ونتساءل بعد هذا :ترى ما الذي يصنعه أبناؤنا في المدرسة إذا كنا مضطرين إلى تدريسهم المنهج المدرسي من جديد والاستعانة بالمدرسين الخصوصيين لتدريسهم ما لا قبل للوالدين بتدريسه ؟كنت أظن بادئ الأمر أن المشكلة تتعلق بالجينات والخصائص الوراثية والحمض النووي ,وإذا بي أكتشف أن القضية- كما يقول الفقهاء- مما تعمّ به البلوى ,لأنك لا تكاد تجد بيتا لا يجأر إلى الله بتلك الشكوى المؤرقة بما فيها بيوت المدرسين أنفسهم!.
كثيرة هي الكلمات الفصيحة التي تتكرر على ألسنة الناس في عبارات مسكوكة محفوظة يجهل أكثرهم حقيقة مغزاها وتاريخ أصلها اللغوي,ولعل ما يدفع الناس إلى التقاعس عن التعرف على هويتها المعجمية عازفين عن سؤال المختصين عنها يكمن في ذلك الرواج الكبير الذي تحظى به بفضل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مما يجعلها بمنزلة الكلمات المعروفة التي لا تحتاج إلى سؤال أو تنقير,فقد أغنتها شهرتها وذيوعها عن ذلك ,و ربما حدثت بعضهم نفسه أن يسأل عن دلالتها لكنه في اللحظة الأخيرة يحجم عن ذلك خشية أن يظن به الجهل بما هو معلوم للقاصي والداني!.