من الملاحظ على الأمة العربية والإسلامية أنها تفتخر بالماضي في أشعارها وخطبها وصحفها ومناسباتها القومية، وهو أمر طيب، بيد أنه صار خير وسيلة للهروب من واقعنا المزري وأزمتنا الحضارية أن نتحدث عن الماضي، فنقول للغرب وهو يسومنا سوء العذاب: نحن الذين علمناك في الأندلس وصقلية، وجلبنا لك عصارة الفكر البشري وخلاصة الحضارات، ووضعناها بين يديك لتنطلق منها نحو التقدم والمدنية، نحن الذين جئنا بحقوق الإنسان قبل أن تنص عليها الأمم المتحدة، نحن الذي اختارنا الله لإنقاذ البشرية.. نعيش في الماضي متكلين على أصالة الأنساب وبطولة الأجداد وكأننا لم نقرأ يوما قول الشاعر ابن الوردي:
لا تقلْ أصلي وفصلي أبداً إنما أصلُ الفتى ما قد حصلْ
أفهم لماذا يتحول الاستماع إلى الغناء والموسيقى عندنا إلى "شغلانة"، بحيث يخيل إليك أن هناك شريحة من المجتمع لا شغل لها سوى متابعة الأغاني والمغنين، وأخبار المغنين و(خصوصا) المغنيات، على تفاهة تلك الأخبار لأنها تتعلق بأن فلانة قامت بتصغير أنفها، وأن فرتكانة تزوجت سرا فوق زوجها الأصلي!!
عاد في المدة الأخيرة الى الجزائر المطرب الجزائري الشاب خالد الذي نال شهرة واسعة في أوروبا و في فرنسا على وجه التحديد , ويعرف الشاب خالد في الأوساط الفنية الجزائرية والمغاربية باسم ملك الراي وعلى الرغم من أن الشاب خالد كان متهما بقضية اغتصاب في مدينة وهران الجزائرية الا أنه وصل الى الجزائر وسط حفاوة اعلامية بالغة فيما لا يزال مئات المنفيين الجزائريين خارج الجزائر .
- استيقظ الخليل بن أحمد ذات يوم وفرك عينيه عدة مرات ، ونظر أمامه فانبهرت عيناه لما يرى ، والتفت يمنة ويسرة فأصابه شيء من الخبال ، وعاد ليفرك عينيه من جديد ويسأل نفسه :" كم لبثت " ، ولما لم يجد جواباً ، نهض من مكانه وسار على قدميه بخطوات وئيدة متثاقلة ، بثيابه الرثة البالية وجسده الناحل الهزيل وهو لا يدري إلى أين المسير .
مصيبتنا نحن المسلمين أننا لم نعرف الحرية التعريف الذي يليق بمقامها كما لم نحدد مفهومها تحديدا دقيقا ، نستطيع أن نعرف حقا مكان أقدامنا في دائرة الواجبات و الحقوق. فللأسف لا نزال من فرط جهالتنا كأمة استمرأت الجهالة في ثوبها الحضاري الكاذب نخلط بين ما هو طبيعي خاص بالفرد دون سواه ، لا دخل لأي مخلوق مهما كانت قيمته المادية و المعنوية ، ومهما علا كعبه ،أن يحشر بأي صفة كانت أنفه فيه.وبين ما هو حق الجميع ، الاعتداء عليه أو مجرد محاولة التشويش يفرض استنفارا ،و تدخلا فوريا و سريعا . وإلا مست المصالح بأكملها و غرقت السفينة .
حتى قبل سنوات قليلة لم أكن قط أحمل محفظة نقود، لأسباب عديدة، من بينها انني كنت أفضل حمل نقودي في جيب قميصي كي تدفئ قلبي، ولأنه حدث أكثر من مرة أن أخرجت المحفظة في محل تجاري ودفعت المبلغ المطلوب ثم تركتها في المتجر، ولكن الحياة تعقدت باسم التطور، وأصبح شخص لا يملك أكثر من ثلاثة دولارات مضطرا إلى حمل محفظة يحشر فيها مختلف البطاقات:
كثيراً ما نسمع جملة فلان عَقَدَ قِرَانَهُ على فلانة ، وكذلك تم عَقْد قِرَان الآنسة الفاضلة على الرجل الكريم في تاريخ كذا ... ونفهم بطبيعة الحال المعنى المقصود من ذلك دون أن ننتبه إلى أصل تلك الكلمات أو إلى مصدرها ولكن لو تأملنا قليلاً وسألنا أنفسنا ما هو هذا القِرَان الذي عُقِدَ بين هذين الشخصين لوجدنا أنفسنا مدفوعين إلى عملية بحثٍ واستقصاء قد تقودنا إلى ما لم يخطر لنا على بال .