يشكل مبحث تحليل الخطاب أحد أهم المباحث التي انتشرت في القرن العشرين، باعتبار أنّ هذا القرن هو قرن نقد بامتياز، إذ تناسلت فيه المناهج النقدية وتطورت فيه النظريات اللغوية، وإن كان الأدب أساس كل هذه المباحث، فإن تطور النظريات لم يقف عند المادة الأدبية بل يتعداها إلى كافة الإنتاجات اللغوية الإنسانية المختلفة، وفي أواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، اهتم العديد من الباحثين بتحليل خطابات المشاهير، طبعًا للطلب المتزايد على خصوصياتهم ومحاولة فهم دواخلهم وتقديمها للجمهور الفضولي المتعطش لمعرفة أخبارهم، وهذا ما جلب اهتمام دور النشر والجرائد والمجلات طمعًا في بيع أكثر وربح أغزر، و لما كان من المشاهير رجال السياسة فإنّ تحليل الخطاب السياسي أخذ اهتمامًا مضاعفًا سواء لأن مقدميه من المشاهير أو لأن الاهتمام بالشأن السياسي هو اهتمام بشأن جمعي وعام.
بدأ النقد مع وجود الإنسان, الذي أعطى أحكاما لكل ما يحيط به, و لما كان الشعر محور حياة العرب في الجاهلية؛ فقد اهتموا بنقده كما اهتموا بنظمه, فعقدت مواسم وأسواق خاصة بالتحكيم والحكم على القصائد المختلفة، القادمة من بطون أحياء العرب وقبائلهم, حتى حكم على القصائد بأحكام الاستحسان أو الامتعاض, و ظهرت منها القصائد المستَحسَنة كـ: اليتيمة- المنصفة - المسمّطة- المنقحات- المحكّكات- المقلّدات- الحوليات... وبعد مجيء نور الإسلام, و إن قيل بوهن الشعر فلم يقل بوهن نقده, إذ الوهن أصلا حكم نقدي لهذا الشعر, وقد تطور النقد خلال القرون الأربعة الأولى, فهذا ابن سلام الجمحي يضع كتابه: «طبقات فحول الشعراء» وثعلب يضع كتاب: «قواعد الشعر» والمبرد
تمهيد:
1- ماذا يمكن أن نقول في عقيدة ابن عربي؟
2- ماذا يجب أن ننكر من فكره؟
3- بماذا يشعر من يقف أمام قبره؟
قرون طويلة من تاريخ المجتمع الإسلامي والصّراع على أشده بين أنصار المنهج الصوفي - ممثلين بزعيمهم الإمام محي الدين بن عربي- من جهة، وأنصار المنهج السلفي - ممثلين بزعيمهم الإمام ابن تيمية - من جهة أخرى، كانت الفلسفة في هذا الصراع غالباً ما تستعدي فريقًا على آخر، حسب ما تقتضيه مصالحها الخاصة أو مصالح من يتستر خلفها من ذوي التوجهات الإيديولوجية، سواءً أكانت فئات لها مطامع سياسية أم اقتصادية أم عقدية أم غير ذلك من المصالح. فنادراً ما كانت الفلسفة تأخذ دور الحكم الموضوعي في هذا الصراع، وبكل الأحوال فإن الفلسفة لها أدواتها ومجالها المعرفي الخاص الذي يختلف عن المجال الذي يتحرك فيه الفكر الديني، وعمليات الخلط أو المزج التي شهدها تاريخ الفلسفة والدين لم تكن سوى حالات زواج بين شريكين متناحرين، متنافسين في زعم احتكار الحقيقة والحكمة، فلم يثمر
من حق الغرب الإهانة وعلينا الاذعان. ومن حقهم الإساءة وليس علينا الاحتجاج. لقد وصف أحد المتنطعين من الشرق، وأحد الحاقدين من الغرب، موقف الأمة الإسلامية فى إعلان غضبتها واستنكارها لما مس نبيهم وسيدهم صلى الله عليه وسلم بأنها ردود غوغائية تطالب بإعادة بوليس الفكر، ومحاكم التفتيش. وأقنعونا بأن الغرب هناك يعيش تحت مظلة حرية التعبيرالتى نجهلها، ووجب علينا احترامها. ولا أدرى كيف على من هان عليهم دينهم أن يقنعوننا بعدم الاحتجاج احترامًا لحرية التعبير بعدما ثار أهل حرية التعبير ذاتهم ضد من عبروا عن آرائهم بحرية ضد دينهم ورموزهم ومعتقدهم. وإذا كان الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بالأمم التحدة قد تبنى عام 1948 المادة 91 التى تفيد بأن "حرية التعبير والرأى مكفولة للجميع دون تدخل".
تحمل مفردات اللغة طاقات إيحائية ذات دلالات متعددة، بالغة التأثير في نفس المتلقي، حيث تتحول المفردة في النص النثري إلى مفردة شعرية، لها من الدلالات كأنها في نصٍ شعري، فتنقل للمتلقي تجربة الكاتب النثرية في سياقات شعرية .
ولذلك لم يعد الشعر يحتفظ بفروق كبيرة تجعله غريبًا عن النثر، إذ إن العصر الحديث شهد تداخلاً شديدًا بين الأجناس الأدبية، وأصبحت نظرية الشعر تتعدى ذلك الفصل القديم بين الأجناس الأدبية، أي أن النص النثري يحمل بلغته ومفردته المحمل نفسه الذي يحمله النص الشعري وما فيه من دلالات .
إذن يمكن القول إن مصطلح الشعرية في النقد العربي الحديث ليس مقصورًا على الشعر، بل أصبح يُطلق على النثر فكلاهما له شعرية، وكلاهما له خصوصيته .
وتكمن شعرية النص سواء أكان شعرًا أم نثرًا في نظمه، أي في مفردات النص المعطّى، حيث يوظف الكاتب مفرداته في نصهِ بطريقة التكثيف، بمعنى القليل من الألفاظ والكثير من المعاني، وهذا ما سوف ندرسه في النص النثري عند الكاتب عايد الحريزات .
يجـرُّ موتـه بـهدوء: قراءة في المجموعة الشعرية "يجر وقاره بهدوء" للشاعر العراقي المقيم في أمريكا فرج الحطاب
ولد فرج الحطاب شاعراً على الحافة الثانية لحرب الخليج الأولى، وتنفس أجواء الحرب الثانية الخانقة في وطنه الأول العراق، فقصائده الأولى التي نشرها في مطلع التسعينات تشي بولادة تجربته الشعرية النثرية، وسمحت لهذه التجربة أن تنضج وتظهر، ثم تتسع آفاقها في مواطن الغربة.
وقد يكون احتفال نصوص الشاعر بالحرب وأدواتها مُسوِّغاً لهذه المقدمة المبتسرة عن الشاعر وشعره، فمن يدقق النظر في هذه النصوص لا يعدم أن يصطدم بالألفاظ والصور الشعرية التي تأخذ من أجواء الحرب عناصرها الأساسية، وتتحدث عن الموت الذي هو رديف الحرب، وهذا ما نجده متجلياً واضحاً في مجموعته الشعرية (يجر وقاره بهدوء) إذا أنعمنا النظر فيها.
والشاعر لا يُلام على تكرار المفردة الواحدة، أو الدوران على الصورة نفسها أو أجزاء منها على وفق ما قدَّمنا من حياته الزاخرة بمشاهد الحرب، المتلونة بالدماء ورائحة الموت اليومي، فشعره التسعيني مترشح من حياة حرب طاحنة طويلة عاشها الشاعر استمرت شراستها ثمانية أعوام عجاف، تبعتها حرب أشد طحناً وفتكاً ونتائجَ مع أنها أقصر عمراً، ومن نتائجها المباشرة ما نعلمه من هجرة الشاعر نفسه، وما لا نعلمه نستطيع توقعه، وهو ليس بالشيء اليسير على أية حال.
مقدمة: كنت أحضر مؤتمراً دوليا حول الإعلام، وخلال إحدى المداخلات قال أحد المتحدثين الإعلاميين: الإعلام صناعة أوروربية. فاستغربت كلامه هذا، ولو أنه قال إن تطور وسائل الإعلام صناعة أوروبية لكان في هذا كلام، أما أن يجعل الإعلام كله صناعة أوروبية كصناعة الطائرات مثلاً فهذا موضع نقاش، وقد تذكرت قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْأِنْسَانَ) فالله سبحانه الذي منحنا القرآن منهجا لحياتنا، كان قد منحنا البيان من قبل وذلك، بعد عملية الخلق (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ).
الصفحة 3 من 17