المقدمة
تعتبر الشاهنامه أو "كتاب الملوك" أهم وأشهر عمل أدبي في تاريخ الأدب الفارسي الكلاسيكي خلال العصور الإسلامية في إيران، بل وتعد من أهم وأعظم الأشعار الملحمية في التاريخ بشكل عام.
ومن المعروف أنه منذ عام 641م قد دخل المسلمون إيران، وأثّرت اللغة الفارسية على الذوق الأدبي، وأصبحت ظاهرة في الأدب العربي من منتصف القرن (8م) فصاعدا. وإن كثيرا من القصص والحكايات قد انتقلت من إيران إلى العالم العربي وحتى إلى غرب أوربا. وكان الأدب الفارسي أكثر تنوعا في أشكاله ومحتواه من الأدب المكتوب باللغة العربية الكلاسيكية (لغة المخطوطات). وعلى الرغم من أن اللغة الفارسية اتخذت الكثير من القواعد الأساسية للغة العربية (كعلم العروض وأنماط القوافي)، إلا أنه كُتبت بها أنواع جديدة من الأدب كالشعر الملحمي الذي قدم من إيران والشعر الغنائي الرائع والمرن الذي وصل إلى أجود تعبيراته في اللغة الفارسية.
وإنني أتناول في هذا البحث دراسة الملحمة الفارسية الكبرى المسماه بالشاهنامه (أي كتاب الملوك) من خلال محورين أساسيين ومتكاملين؛ أحدهما: المحور الأدبي، الذي يتجلى في الشكل والوزن الشعري، وأيضا في الأساليب اللغوية المستخدمة في الكتابة، وكذلك في الموضوعات والمضامين الشعرية، أما الآخر: فهو المحور الفني، الذي يتجلى في رسوم وتصاوير نسخ مخطوطات الشاهنامه التي تُنسب إلى إيران والهند خلال العصور الإسلامية المختلفة، والمحفوظة في دار الكتب المصرية وكذلك في العديد من مكتبات ومتاحف العالم.
ولعل ندرة الدراسات والأبحاث العربية المتخصصة التي تتناول كتاب الشاهنامه من الناحيتين الأدبية والفنية هو ما دفعني لكتابة هذا البحث، حتى يتسنى لي سد هذا الفراغ في المكتبة العربية.
والله الموفق والمستعان