أولا: العصر الأيوبي (567-648هـ / 1171-1250م)(#)
لقد كان للأدب والثقافة والعلم شأنٌ كبيرٌ في العصرين الأيوبي والمملوكي، فمن المعروف أن الأيوبيين أنشأوا المدارس لأول مرة في مصر – كما فعل النوريون في الشام والسلاجقة في إيران والعراق، ولم تقتصر هذه المدارس لتدريس العلوم الدينية فقط بل جرى فيها درس المنطق والحساب والنحو والهندسة والفلك والموسيقى، هذا بجانب اهتمامهم البالغ بالطب وبناء البيمارستانات (المستشفيات)، وقد قيل عن صلاح الدين الأيوبي مؤسس هذه الدولة أنه كان لا يجالس سوى الأدباء والفقهاء والعلماء ويجزل لهم العطاء، فكان من أهم العلماء الذين اتصلوا بصلاح الدين وبأمراء البيت الأيوبي من بعده هو عبد اللطيف البغدادي العراقي الأصل (ت 629هـ)، وكان طبيبًا وموسوعيًا حيث اشتغل بالفلسفة وعلوم اللغة، بالإضافة إلى اهتمامه الكبير بعلم الحيوان، فعمل بالتصنيف لهذا العلم، ومن آثاره: اختصار كتاب (الحيوان) لأحمد بن أبي الأشعث، و(المدهش في أخبار الحيوان) المتوَّج بصفات نبينا -عليه أفضل الصلاة والسلام- وأتمه عام (628هـ)، وكتاب (الحيوان) لأرسطوطاليس، هذا الإضافة إلى كتابه الشهير (الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر)، وهو يشتمل على وصف رحلته إلى وادي النيل في نهاية القرن السادس الهجري/الثاني عشر الميلادي، وقد وصف فيه خواص مصر العامة، وما تختص به من النبات والحيوان، وما فيها من الآثار القديمة.