ولا أقصد بها هنا ضرورات الشعر التي يلجأ إليها الشعراء، وإنما أقصد ضرائر جمع (ضرّة) وهي إحدى زوجتي الرجل أو زوجاته..( وضرة المرأة امرأة زوجها والضرتان امرأتا الرجل كل واحدة منهما ضرة لصاحبتها وهن الضرائر..) لسان العرب لابن منظور
قد يكون الشعر ابتلاءً للشاعر، واختباراً لصبره، وقدرته على تحمل المشاقَ، وقد يكون متنفساً للروح أمام مصاعب الحياة، وقد يكون معركة يخوضها الشاعر بالقلم لا بالسيف، وتخوضها المرأة بالدهاء والمكر، لا بالحكمة والتأني..
شعراء سطروا الملاحم، وخاضوا الملاحم، فزوجة الشاعر أو الأديب في حيرة من أمرها على الدوام، قريبة من جسده، بعيدة عن قلبه وتفكيره، تقاسمه المنزل والأبناء، ويستقل بنزعته الشعرية لاهثاً بين سطور الكتابة عن امرأة أخرى يتخيلها أو يكتب لها باستمرار، لمن يكتب، بمن يتغزل؟ وإلام يجلس على حاسوبه إلى منتصف الليل؟
* مقدمة:
وردت في القرآن الكريم عدة آيات تصف القرآن الكريم نفسه بأنه مبارك، وتدعو الناس لتدبّر آياته لينالوا من بركته التي لا تنضب أبداً، ويستخرجوا من كنوز معانيه التي لا تنفد مدداً؛ فقد قال الله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92]، وقال عز وجلّ: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام: 155]، وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29].
فماذا تعني المباركة فيه، وما مجالاتها، وكيف ينال قارئه هذه البركات؟ هذا ما يجيب عنه هذا المقال.
يظن كثير من الناس أن الكتابة حكر على أهل اللغة، والشعر من صناعتهم هم فقط، وأعني بأهل اللغة خريجي اللغة العربية على سبيل المثال، ومع أن التخصص مطلب مهم، غير أن الكثيرين تميزوا وبرعوا في مناشط لا علاقة لها بتخصصاتهم العلمية، وبعضهم برع بها وأجاد وليس لديه تخصص علمي أصلا، فأعطيكم مثالا: (المفكر والأديب والناقد عباس محمود العقاد)... لو قرأت في سيرة العقاد تجده لم ينتظم في مدرسة فوق الابتدائية، وإنما عمل على تثقيف نفسه بنفسه، فقرأ وكتب، وتعلم اللغة الإنجليزية أيضا، وكتب فأبدع في قصائد عدة، وفي قصة (سارة) كتب بطريقة لم يستطع مجاراته الكثيرون من أهل اللغة ذاتها...
والشاعر نزار قباني هو حقوقي في الأصل، وعمل في السلك الدبلوماسي حقبة من الزمن، ومع ذلك جاء بالعجب العجاب، وكذا الشاعر عمر أبو ريشة، لم يكمل دراسته الجامعية في اللغة الإنجليزية وقضى حياته سفيرا متنقلا لبلاده...
قبل أيام تصدر عنوان عريض جذاب الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي وشغل الناس أنفسهم به مطولاً وهو اليوم العالمي للمرأة، ولا أدري هل الأيام الباقية حكرًا على الرجل؟ أم أرادوا للمرأة أن تتميز في هذا اليوم دون سواه.
وهل يكفي يوم واحد لتكريم المرأة؟
إن الذين حددوا يومًا للمرأة، هم الذين أطّروا القوانين التي تسمح بانتهاكها حينما تعرض جسدها أمام الشاشات وفي إعلانات التلفزيون ودور الفن والأزياء، بل وتعمل إلى جانب الرجل في تنظيف المراحيض العامة، وفي مناجم الفحم وفي محطات تعبئة الوقود، وفي عربات القطار، غذوا فيها (الّندّيّة) بأن تكون ندًّا كونها صنو الرجل بكل شيء فلم يبق إلا أن يقسموا الحمل والولادة بينها وبينه، فألبسوها التاج في يوم واحد وصادروه منها في سائر الأيام الأخرى من العام فأوغلوا في امتهانها وتحريرها من كل فضيلة حتى الأمومة أرادوا انتزاعها تحت مسميات عدة.. فمن قوانين لجنة المرأة في الأمم المتحدة الحرية الجنسية، كأن تتخذ المرأة فوق الثامنة عشرة أيًّا ما ترى من صديق أو خليل أو عشيق، وأن تمارس السحاق مع بنات جنسها كحرية شخصية، ومنع الزواج المبكر تحت سن الثامنة عشرة، وتدريس الثقافة الجنسية في المدارس، وتوزيع أقراص منع الحمل من أجل جنس آمن..والقائمة تطول.. وهكذا نسفوا بعرض الحائط كرامتها وعفتها، وتناسوا مسؤوليتها الأولى كونها ربة منزل، بل قوّضوا بنيان الخلية الأولى في المجتمع، وهي الأسرة، فكيف ستكون هناك أسرة صالحة ما دامت المرأة مغيّبة عن دورها الأساسي؟
يتبلور المجتمع المدني كمكون لا محيد عنه من مكونات الحكامة الجيدة؛ عبر مساهمته في العديد من الأوراش والتحديات الكبرى، والقادرة على جعله رهانا مستقبليا "مصيريا"، من منظور التعامل معه كسلطة "خامسة" ناشئة. في هذا الصدد تتبلور إحدى أهم مساهماته، والمتمثلة في تدعيم أسس الفعل الديمقراطي "الرصين" وتكريس أبعاد ممارساته الفضلى، سواء أفي الدول العريقة ديمقراطيا أم تلك التي مازالت تعرف مخاضات الانتقال الديمقراطي. إنه باعتبار المجتمع المدني مملكة الحرية -وفق الفهم الجيلنري- فهو سيظل بلا شك الوعاء الأساسي لاحتضان البنيات العميقة للديمقراطية كقيمة جوهرية، وما يرتبط بها من معايير وأسس، وعلى رأسها قيمة المواطنة، التي يعمل المجتمع المدني جاهدا على الإبقاء على مكانتها السامقة في صرح القيم المدنية الرفيعة.
عندما نتحدث عن المقاهي تقفز إلى أذهاننا صور الكتاب والمسرحيين والفنانين وقد وصلوا المقهى بقبعات ولحىً طويلة، وشعورهم مرخاة على أكتافهم ويدخنون البايب، ويتأبط كلٌّ منهم كتابا ضخما وبيده الأخرى شمسيةً ورزمة أوراق بيضاء... يبحثون عن الدفء الذي يولد الأدب والثقافة..
وربما كانت المقاهي الأدبية امتدادا لحركة الصالونات الأدبية التي كان أول ظهور لها في القرنين السادس عشر والسابع عشر في فرنسا وإيطاليا، حيث كان الأثرياء وميسورو الأحوال يجتمعون ليحتسوا القهوة، ويتناقلوا الأخبار، في جنبات قصور أو ردهات الدور، وكان أول مقهى مستقل مقهى بروكوب في باريس وكان من رواده نابليون بونابرت، والأديب الفرنسي فولتير، حتى قيل إنه لما بيع المقهى فيما بعد؛ كانت طاولة وكرسي فولتير غاليتيْ الثمن، وفي التاريخ العربي كان أول ميلاد لصالون أدبي رفيع في بيت ولادة بنت المستكفي عشيقة الشاعر الجميل ابن زيدون، في الأندلس، حيث كان الأدباء والشعراء يجتمعون في بيتها، وفي المشرق العربي اجتمع الأدباء في القاهرة في صالون مي زيادة، حيث استقطبت النخب المثقفة من رجالات الفن والأدب والسياسة كالعقاد والرافعي والمازني...
الصفحة 39 من 432