نحوَ 1001 اختراع لعلماء مسلمين تمّ عرضها في معرض لندن المقام في الفترة ما بين 21 من يناير الماضي إلى 25 من إبريل، هذا المعرض الذي يسعى إلى تعزيز التعايش بين المسلمين وغير المسلمين في الغرب؛ استعان بفريق من الباحثين الأكاديميين من مختلف التخصّصات والخلفيّات الثقافية، فضلاً عن مجموعة من العلماء والمؤرخين والمهندسين والمعماريين والأطباء من المسلمين وغير المسلمين؛ من أجل إعداد وحصر كل الاختراعات الإسلامية بحيادية ونزاهة تامة.
إن ذلك مدعاةٌ للفخر للإسلام والمسلمين، هذا المعرض والذي حوى بين جنباته أكثر من ألف إختراع هو نتاج لأبحاث المسلمين في الفترة ما بين القرن السابع إلى القرن السابع عشر، أثار إعجاب جميع زائريه،
تمكّن أعداء الإسلام في عصرنا هذا –وهم الأقوى عدّة والأكثر عددًا وثراءً وعلمًا واكتشافًا– تمكّنوا بأكثر من أسلوب؛ أن يجعلوا المسلمين مغلوبين على أمرهم، لقد استطاعوا بمكرهم أن يسيطروا على ديارنا، وفكرنا وثقافتنا، وجيوشنا و عتادنا، لقد نجح الأعداء من يهودٍ وصليبيين وملحدين في أن يعبثوا بعقول الكثير من المسلمين وبمؤسسات التعليم في بلداننا، وأن يهيمنوا على عقول المسلمين الذين درسوا في معاهدهم وجامعاتهم، في قصةٍ صارت أحداثها معروفة مملة للجميع، و لم يبق إلا صداها يتردد في نفوس المخلصين من العاملين من أجل إحياء الإسلام و بعث روحه في أمة صارت عظاما نخرة. وهم يبذلون أقصى وسعهم من أجل أن يتلافوا تلك القيم الخلقية الهابطة التي صدَّرها لنا الغرب، التي يعتبرها ديننا سرطان الأمم والتي من شأنها أن تنسف ما بقي فينا من إنسانية لا يزال العرف الإسلامي والدين يكلأها بعين الرعاية.
إن هذه القيم الخُلُقيّة الفاسدة صارت تسري في أمتنا مجرى الدم في العروق، والتي ما فتئت تقتلُ فينا ولائنا لديننا ولأوطاننا، وعلمتنا الولاء والحب لقيم الغرب وثقافته ، فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير. هذا الطوفان من الانحلال الأخلاقي العاتي الوافد إلينا من الغرب الذي كفر بكل الأديان، وأطاح بكل الأعراف، وجعل كل القيم الخُلُقيّة وراء ظهره، جعلنا فقراء روحيًّا، تضطرب عندنا الرؤية في كل أمور عقيدتنا وإيماننا؛ فضلًا عن عباداتنا وكل ما يتعلق بصلتنا بالله.
كيف لا؟! وحضارتهم قَدست ومَجّـدت كل ما يتعلق بالمادة، كيف لا؟! وثقافتهم تعلّم الواحد منّا أن يجعل إلهه هواه، بدعوى الحرية الشخصية والعديد من الشعارات المزيفة والمفاهيم المغلوطة التي افتتن الكثير منا بها؛ بسبب اعتقادهم الفاسد بأن الإسلام ضد الحرية الشخصية، وضد ما يدعو إليه الغرب، وهذا عين الخطأ! فدين الله سبحانه ليس ضد المبدأ، ولكن ضد الفهم الخاطئ؛ فثقافة الغربيين -مثلا- تعتبر الفاحشة - أكرمكم الله - تندرج كذبًا تحت مسمى الحرية الشخصية، والإسلام أدرجها تحت مسماها الحقيقي وهو: "الحيوانية وقلة الأدب والحياء"، وأدرجوا الربا تحت مسمى: التجارة، والإسلام أدرجه تحت مفهومه الحقيقيّ، وهو: "الظلم وأكل أموال الناس بالباطل"، فلا ينبغي أن نخلط المفاهيم وننخدع بكلامهم المعسول ونلتقط طعمهم المسموم!.
لقد انتقلت إلى الكثير من بلداننا عدوى "الإيدز الأخلاقي" الذي يعاني منه الغرب، فمرضنا بهذه الأنيميا الأخلاقية التي تستبيح المحرمات وتستحل الكبائر، ولا عجب أن ينهار المسلمون أخلاقيّا كما انهاروا حضاريا، والغرب قد جــيـّـش جيوشًا مسلّحة بوسائل الإعلام وآلياته من خلال أقمار صناعية تنقل إلينا صورًا عن انحطاط الإنسان لمستوى يترفع عنه الحيوان بغريزته، فصار المسلمون المغلوبون على أمرهم يرون الجنس والجريمة بكل أنواعها، كما حاربوا قيم الإسلام الراقية بكتبهم ومقالاتهم الرامية لنسف أطلال بقـيّـة الخيريّـة في هذه الأمة المنهارة.
والغافلون البائسون اليائسون من أبناء أمتنا يقلدون هؤلاء الغالبين، ولا عجب! فسيدنا ومولانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بذلك حين قال وقوله الحق المبين: "لتتعبن سَنَن من كان قبلكم، شبرًا بشبر وذراعَا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قال الصحابة -رضوان الله عليهم-: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال عليه صلوات ربنا وسلامه: فمن ؟!"، وتمعنوا في حكمة استعمال سيد الخلق وحبيب الحق -عليه صلوات رب العالمين– لعبارة "جحر ضب" فجحر هذا الحيوان يتميز بالضيق الشديد والالتواء والتعرجات وفي هذا معنى إلى أننا سنقلد الغرب في أدق الأشياء، وكذا يتميز بنتانة رائحته لأنه يقضي حاجاته البيولوجية في هذا الجحر -أكرمكم الله– ، وفي هذا إشارة إلى أننا سنقلد الغرب في سيئاته وانحطاطه الخلقي. وفي هذا الصدد يقول ابن خلدون صاحب المقدمة: "المغلوب مولع بــاتباع الغالب"، وقد عبـَّـر عن هذا المفهوم المفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي -رحمه الله- بمفهوم "القابلية للاستعمار" الذي طرحه في كتابه "شروط النهضة" سنة 1948م: "إن بذور القيم الخلقية الهابطة التي زرعها فينا الغرب، استمدت حياتها من التخلف والجحيم الحضاري الذي نحياه في كل ميادين الحياة، فأخرجت لنا شجرة في هذا الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين، التي ظلت تؤزّ شبابنا إلى الهجرة غير الشرعية إلى بلدان الغرب الذي ظل يصور له النعيم والرفاهية، فيموت الشباب غرقــا أو يموت خُــلقًا -إن وصل -.
يقول سماحة الإمام "عبد الحليم محمود" شيخ الجامع الأزهر الشريف -عليه شآبيب رحمات الله-: "لمّا فقد المسلمون الولاء لدينهم ، ولم يجدوا عقيدة تجمعهم وتحدد توجههم، وتحثهم على البذل والتضحية في سبيلها، فكان ما كان من ضعف المسلمين وتفرق كلمتهم وتحكم عدوهم فيهم وضياعهم سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيُّا ومعنويُّا، وإذا كان المسلم يقبل على الولاء لدينه بحرية واختيار، فلإن ذلك أصل أصيل في الإسلام وهو حرية دون إكراه، فربنا سبحانه وتعالى يقول: (لا إكراه في الدين) غير أن أعداء الإسلام يريدون أن يموّهوا تلك الحقائق على المسلمين، وذلك بسيطرتهم على مناهج التعليم في بلادهم، فيلقون في روع المسلمين أنهم مكرهون ومجبرون على أن يكونوا مسلمين أو أنصارًا للإسلام، وأنهم بهذا الولاء يخسرون ملذاتهم وما يرغبون فيه من متع الحياة!".
على المسلم أن يعلم أن ما يراه من إسراف الغرب في إمتاع شهواته ولذاته، ما حرمه الإسلام إلا لخير دنياه وسعادة آخرته، وألا يعتقد أن قائمة محرمات الإسلام طويلة لا نهاية لها! وأنها تقيد حريته، بل إن محرمات الإسلام لا تكاد تذكر إذا قورنت بالمباحات، واقرؤوا معي قول الله سبحانه: (قل تعالوا أتلُ ما حــرّم ربكم عليكم ...) فلو كانت المحرمات كثيرة كما يشيعه أعداء الإسلام ما كان القرآن ليحصرها ولقال بدل ذلك: تعالوا أتل ما أحل ربكم لكم، ومعلومٌ أنه لا يحصر الشيء إلا إذا كان محدودًا معدودًا، ولنا في قصة سيدنا آدم -عليه السلام- آية، إذ أن الله أحل له أن يأكل من الجنة رغدًا حيث يشاء مقابل تحريم شجرة واحدة فقط! فهذه صورة مصغرة عن شريعة الرحمن سبحانه.
لقد أثمرت قيم الغرب الفاسدة فينا أمراضا عدّة، منها: التعصب بشتى ألوانه، فتجد التعصّب للعائلات والقبائل، والتعصب للأقاليم والأوطان، والتعصب للجنس واللون، والتعصب للّغة والثقافة، وتعصّب للعادات التقاليد، ...، وما جاء الإسلام إلا ليقضي على هذه الجاهلية الأولى، ومعروف أن الغرب أكبر مريض بالتعصب، ولنا أكبر مثال في تعصب القائد الألماني الشهير "أودلف هتلر" للعرق الآريّ، والنظام الإنجليزي المتعصب البائد في جنوب إفريقيا، ومعاناة السياسيّ "لوثر كينج" مع تعصب الأمريكيين للبيض، وإسرائيل تعتبر عالميّا وبتقارير من منظمات دوليّة من أكثر الدول التي تستفحل فيها العصبية ضد العرب بشكل رهيب، والشّعب الجزائري الذي عانى الأمرَّين من تعصب المستوطنين الفرنسيين أثناء الاستعمار، والأمثلة لا تعد ولا تحصى.
كما أثمرت فينا قيم الغرب المنحلّة ظاهرة الإفراط والتفريط، فهناك من وقف موقف الرفض المطلق من حضارة الغرب دون تفكير وأناة ورؤية، متصورين أن الحضارة كلها فاسدة مفسدة! ولم يتدبروا ما في هذه الحضارة ليأخذوا منها ما ينفع ويذروا ما يضر، مع أن الإسلام لا يحول بين المسلمين وبين أن ينتفعوا بأي فكر وبأي عمل وبأي أسلوب حضاريّ، ما دام ذلك لا يخالف عقيدة الإسلام ولا عباداته ولا قيمه الخلقية، لأن الحضارة في حقيقتها تراث إنساني أبدعته عقول البشر التي وهبها الله لهم، وهذا موقف خاطئ لا يمكن نسبته للإسلام ولا إلى منهجه ونظامه، وهو موقف إفراط، ومن المسلمين من أخذ الحضارة الغربية برمّتها، وتـقبلها بخيرها وشرها وعرفها ونكرها، وهذا الموقف تفريط مذموم لا يليق بمسلم يحترم دينه وتاريخه وحضارته.
بين هذا وذاك، أقول: إنه على المسلمين أن يصححّوا رؤيتهم للأمور من خلال نظرة الإسلام الذي يرى كل شيء على حقيقته، كما أنه على الدعاة إلى الله أن يعرضوا نصوص الإسلام عرضًا واضحًا يتماشى ومفاهيم عصرنا الحالي، لأنه دين يتماشى مع كل مكان و زمان، وأن لا نبقي على الإسلام في جُبّة الذين عاشوا قبل قرون بحجة أننا نقتفي آثار السلف الصالح، مع أن سلفنا ما صلح إلا لما استطاع أن يترجم نصوص الإسلام إلى لغة عصره ومفاهيم عالمه، كما أنه على الدعاة إلى الله أن يتصدوا للشبهات والإشاعات والأباطيل والأكاذيب التي يطلقها الأعداء على ديننا والتي من شأنها زعزعة تمكن الإسلام من ضعاف النفوس والقلوب، وعلينا أن نتخلى عن كل خلق راذل سافل لا يقبله الإسلام، عسى أن نتمكن من بعث روح الإسلام من جديد فينير العقول ويصلح القلوب، ويشعّ حضارة تسعد بها الإنسانية.
التدقيق اللغوي لهذه المقالة: أفنان الصالح
دعتني صديقة عزيزة لحضور حفل استقبال في منزلها بمناسبة المولود الجديد، حضرت الحفل وإذا به على غير عادة الحفلات المعروفة في أوساطنا هذه الأيام، والتي بدأت تكثر وتتكاثر بسبب ودون أي أسباب، وتتميز هذه الحفلات النسائية (لمن لا يعرفها) بعرض لأثمن الماركات العالمية بين الحاضرات، وسباق لارتداء أغلى وأحلى الفساتين وأكثرها ضيقا وعريا، وطبعا لتسريحات الشعر دور مهم فهي لأشهر الممثلات ويتم تصفيفها في أكبر الصالونات، ولا ننسى للميكياج والاكسسوارات حضوره الطاغي وإن لم يتم دعوتهم رسميا، حتى الهدايا التي تقدم لتلك الروح البريئة الطاهرة في مهادها أصبحت ذات مواصفات قد يصعب على البعض تفسيرها، كل هذا لأن امرأة أنجبت طفلا، وكأنها هزت نخلة تساقط عليها رطبا جنيا، ثم أحضرت المسيح بين ذراعيها بعد عناء وشقاء.
فلنرجع للحديث حول هذا الحفل الذي دعيت له .. ما الغريب والجديد فيه؟ دخلت المنزل ووجدت النساء انشغلن في تلاوة القرآن وفي يد كل واحدة جزء من كتاب الله، استغربت الحدث للوهلة الأولى، ولكن زالت علامات الاستفهام حين أعطتني والدة صديقتي مصحفا وطلبت مني القراءة لأجل البركة، وبعدها بدأت الداعية (أم ابراهيم) بدرس مليء بالعبر والعظات ، تحدثت فيه عن مفاهيم صرنا نفتقدها في عصر العولمة المتقدم ، ووجهت حديثها للفتيات الصغيرات لتحدثهم عن الحياء والحشمة ومعاني الستر ودور البنات أمام السيدة (موضة) والسيد (فاشن)، فخاطبت العقول بعبارات ثقيلة في موازين الكلام عميقة في معانيها وثمينة في قيمتها الاستيعابية، ولفتت انتباهي هذه الداعية المتواضعة بأسلوبها المرن عبارة حفرت في ذهني وبقيت أفكر فيها لأيام حيث قالت: "نحن نتراجع عن دروب الحق لقلة السالكين فيه رغم صحته، ونتوجه لمسالك الباطل المكتظة رغم كثرة الهالكين فيه".
لم يكُن أحدٌ يتوقّع أن تكون الأيام الأولَى من عام 2011م بداية لثوراتٍ تجتاح العالم العربي، وتطيح بأنظمة عتيقة متمسكة بالسلطة وحريصة عليها، على الرغم من أنه كان هُناك العديد من المؤشّرات والأحداث التي سبقت تلك الثورات والتي كانت تؤشّر بوضوح إلى اقتراب ساعة الصفر وبدء انطلاق الشرارة.
ولم يكن أحد يتوقع أيضًا أن تكون تلك الشرارة هي جسد ذلك الشاب التونسي "محمد البوعزيزي" على إثر تلكَ الصفعة المؤلمة التي تلقاها من إحدى الشرطيات التونسيّات، والتي كانت سببًا قويًّا بالنسبة له للقيام بإحراق نفسه كتعبير عن حالة الغضب والإحساس بالظلم الواقع عليه وعلى أمثاله.
ولعلّ اللافت في تلك الثورات أنها تركّزت في بلدان عربية معينة، وبالأخصّ تلك البلدان التي تَحكمها أنظمة ذات خلفيّة ثوريّة أو انقلابيّة!
وبغض النظر عن طبيعة تلك الثورات والانقلابات التي قامت بها تلك الأنظمة آنذاك، والتي كان بعضها -بالتأكيد- وليدة ظروف غير طبعيّة سببّتها عوامل داخليّة وخارجيّة أثّرت على تلك البلدان العربيّة التي كانت محكومةً بأنظمة ملكيّة أو انتدابية أسهمت دول الاستعمَار المنتصرة في الحربين العالميتين في تثبيتها وترسيخ وجودها، وبالأخصّ: بريطانيا وفرنسا، وغيرهما.
Esref Armagan هو رسام تركي ضرير لم تتشكل عيناه خلال المرحلة الجنينية، وهو فنان بقدرات خارقة، وهبه الله إحدى عشرة عينًا، تتمثل في عشرة أصابع، وعقل يتخيل الأشكال والألوان في الطبيعة. حيّرَ هذا الرجل الأطباء والعلماء! وتساءلوا كثيرًا، كيف لرجل أن يرسم شيئًا لم يره في حياته أبدًا؟ وخاصة بعد أن تأكدوا بأن بصره لم ينضج مطلقًا بعد فحصه، وأن مخه لا يحس بالضوء!
ولكن أجاب أشرف عن هذا التساؤل في لقاء له مع قناة العربية، عبرَ برنامج محطات، حيثُ قال أشرف: "إن وراء رعاية هذه الموهبة التي ميزني الله تعالى بها عملاقان هما: أمي وأبي، حيثُ كنت منذُ الصغر أسأل والدي ووالدتي عن أشياء كثيرة أريد أن أعرفها وأتخيلها بعقلي. كان أبي رجلًا حكيمًا وصبورًا، يجيبني عن كل أسئلتي. وكان يحفر لي على ألواح الخشب ويجعلني أتحسسه بأطراف أصابعي الصغيرة، التي كانت بدورها تعكس لي صور الأشياء من على ألواح الخشب وأرسمها في مخيلتي، هكذا حتى أصبحت أبصر الأشياء، وساعدتني أمي في معرفة الألوان وتمييزها."
لا أحد يختلف معي إن قلت أن الدكتور سلمان العودة قيمة عظيمة و قوة هائلة والرقم الأصعب و مكسب عظيم للأمة الإسلامية
الصفحة 92 من 432