يهدف المشروع الحداثوي عند أبي حامد الغزالي إلى إعادة صياغة الشخصية الإنسانية الإسلامية كونها العامل الأساسي في البناء الحضاري، ولذلك أعطى اهتمامًا كبيرًا لتربية الإنسان وتزكية أخلاقه، والاعتناء ببناء المؤسسة الاجتماعية بوصفها الفضاء العقائدي والأخلاقي والمعرفي الذي يحيا به الإنسان والذي يحقق فيه رقيَّه الروحي والأخلاقي الذي يرفعه إلى مقام (الإحسان) والذي ينقسم على قسمين :-
الشمس هي المصباح المنير الذي أشعله ملكُ الملوكِ ومالكُ الملكِ، وأرسل ضياءه ليكون للعالمين سراجًا وهاجًا، يطرد به وحشة الليل فيهتدون نهارَهم بنهارِها، وينتشرون بانتشارها، فيسعون ويأكلون ويشربون ويأنسون في ضيائها، ويصلحون من شؤونهم في صباحها ومسائها، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا. وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا. وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾[1]، وقال تبارك اسمه: ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾[2]، وقال سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾[3].
ما إنْ تفتح عينيك على هذه الحياة حتى تبدأ ساعة وجودك الفيزيائي على الأرض بالعمل، بل وحتى بعد تعطل مركبك المادي “الجسد”، فإن ساعة وجودك ما تزال تعمل إلى “الوقت” الذي تتوقف فيه تماما عن مسايرتك روحًا بعد أن توقفت عن مسايرتك جسدًا. مما يعني أن الشيء الثابت في كل متغيراتك في هذا الوجود هو “الزمن”، بل أن ما بعد الأرض وهو يوم القيامة يتغير الزمن ويتمدد بطريقة غريبة بخلاف ما نعهده الآن، من ناحية الوقوف في المحشر كما وردت في النصوص المقدسة في الدين الإسلامي. وللزمن طبيعة مختلفة لما بعد يوم القيامة، حيث يكون القياس مختلفًا وكبيًرا، فاليوم حينذاك يتخذ “قالبًا زمنيًا” واسعاً، “وإن يومًا عند ربك كألف سنة مما تعدون”. وهناك “الخلود” الذي لا يسري الزمن في معادلته للمؤمنين الخالدين في الجنة والكافرين في النار. فالزمن مع تغيره المستمر إلا أنه الثابت فيه هو وجوده ، وبالتالي تكون محاولة التعمق في فهمه ومعرفة ميكانيكته وآلياته لا تقل أهمية عن فهم الوجود وطبيعة الأشياء المحيطة بنا، فضلاً عن وجوده الذي لا ينفك من بدأ تكونّه في بداية الخلق إلى ما لا نهاية. ورجوعًا إلى الحياة الدنيا ومحاولة الفهم العميق للزمن، نرى أن التدبر في معرفته مهمة
لم يزل المسلمون يتذكرون بكاء عمر -رضي الله عنه- عندما أنزل الله تعالى على النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم عرفة الذي وافق يوم جمعة، قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [1]. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا يُبْكِيكَ؟" قَالَ: أَبْكَانِي أَنَّا كُنَّا فِي زِيَادَةٍ مِنْ دِينِنَا، فَأَمَّا إِذْ كَمُلَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ شَيْءٌ إِلَّا نَقَصَ! فَقَالَ: "صَدَقَتْ". وكأنه رضي الله عنه توقع موت النبي -صلى الله عليه وسلم- قريبًا. قال جابر رضي الله عنه: رأيتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: "لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعد حجتي هذه"[2]. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بين الجمرات...
قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (سورة الصف: آية 2-3). لا نريد أن نتحدث عن الشخصية الإسلامية المثالية التي تقدمها كتبنا النظرية، بل نريد أن نسلط الضوء على السلوك الواقعي للمسلم في حياته اليومية، ونحن نزعم أن معظم مشاهداتنا لسلوك إخواننا من المسلمين الذين عشنا بينهم وعرفناهم خلال سنوات حياتنا، والذين ينتمون إلى عدة مجتمعات إسلامية -بما فيها الجالية الإسلامية في ألمانيا- إنما تعكس حالة من الفصام الحاد والازدواجية، بين الإطار النظري الذي نزعم بأننا نؤمن به، والسلوك الواقعي، فأي مسلم عندما تجلس معه، وتناقشه في معتقده الديني، سوف يقدم لك صورة رائعة، تكاد تكون صورة مثالية للمواطن الصالح الذي يتمسك بأعلى درجات الفضيلة، لكن إذا ما انفك النقاش، وخرج للحياة الواقعية، وجدت أن سلوكه يخالف معتقده بصورة فجة!. ولكي لا نقع في الحكم بالتعميم، سوف نضرب أمثلة واقعية من حياة المسلمين، فمثلًا: الصدق في التعامل والحديث، والمواعيد والاتفاقات،
ربما يكون من نافلة القول أن نشير هنا إلى أن الحضارة العربية - الإسلامية في تاريخها الطويل قد تعرضت ولاتزال إلى عدد هائل من محاولات النقد والاتهام، أو الإهمال والاستدبار، أو التشويه والتآمر، وذلك على نحو لم يحدث مثله لأي حضارة في تاريخ البشرية جمعاء. لذلك نود تصنيف الأبحاث التي تقدم حول الحضارة الإسلامية من داخلها وخارجها إلى مجموعتين كبيرتين، نتناولهما بإيجاز شديد: - أبحاث حول ماوصلنا بالنقل. - أبحاث حول ماأنتجناه بالعقل. أبحاث حول ماوصلنا بالنقل: نقصد بها الأبحاث التي تهتم بدراسة الكتاب والسّنة، وهذه الدراسات تسعى إما إلى إثبات صحة هذين المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي أو بطلانهما. وكما هو معروف فقد حاول الكثير من الناس على مر
موجز بحث وسائل القرآن في حوار الآخر
هذا البحث مقسم إلى مقدمة وتمهيد و(22) فقرة، ومذيل بخاتمة في المقدمة ذكرت سبب كتابة هذا البحث وأنه يأتي ضمن الرد على حملة شرسة تتهم الإسلام بعدم احترام الفكر والرأي لدى الناس.وفي التمهيد بينت أن الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وأن القرآن الكريم كتاب يحترم العقل والمنطق، ويدعو إلى التفكر والحوار مع مختلف البشر ممن لا يؤمنون به، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة في هذا الصدد، مما يدل على حيويته وملامسته لواقع الناس الديني والفكري
الصفحة 8 من 40