يعد سفر القضاة من أهم الأسفار التي تجسد فكرة الخلاص في العهد القديم، كما يرسم سفر القضاة صورة واضحة المعالم لشخصية المخلص، من الناحيتين الدينية والسياسية.
ويعد الخلاص من أهم الأفكار التي بنيت عليها الديانة اليهودية كما يعكسها العهد القديم، وترتبط فكرة الخلاص بفكرتي الاختيار والعهد؛ فقد اختار يهوه إسرائيل شعبا له دون سائر الشعوب، وعلى الشعب المختار أن يلتزم بالعهد المقطوع بينه وبين الرب، وهذا العهد ينص على التزام هذا الشعب بوصايا يهوه وعدم الشرك به من جانب، ومن جانب آخر يتعهد يهوه بحماية شعبه من جميع المخاطر ويمكنه من الاستقرار في الأرض التي أعطاه إياها ميراثا.
لكن إذا ترك الشعب يهوه وهجر وصاياه سوف يحل به العقاب الإلهي، ويظهر العقاب الإلهي إما في صورة كوارث بيئية طبيعية أو عن طريق عصا الرب المؤدبة لشعبه وهى باقي شعوب الأرض حيث يدفع الرب شعبه ليد تلك الشعوب فتتسلط عليهم.
توجد مدارس متنوعة ضمن النظرية الاقتصادية الليبرالية، وهو ما يشير إلى ضرورة عدم احتكار أصحاب مدرسة ما للحقيقة المطلقة في الاقتصاد الليبرالي ، ويعمل هذا المقال على إلقاء الضوء على المبادئ الرئيسية لتلك المدارس. بالنسبة للمدرسة الليبرالية الكلاسيكية(Classical liberalism)، فهي تمثل المبدأ الذي يؤكد على أهمية رشاد الأفراد وحقوق الملكية الفردية والحقوق الطبيعية والقيود الدستورية على الحكومة وحماية الحريات . وتؤكد السياسة الاقتصادية لهذه المدرسة بشكل كبير على فكرة السوق الحرة وتحرر الأفراد من القيود ، كما عبرت عنها كتابات Adam smith و David Ricardo و Geremy Bentham و Stuart Mill وغيرهم .
يرى أفلاطون أن الدولة نشأت بشكل مصطنع نتيجة الحاجة لسد احتياجات الأفراد وحاجات تقسيم العمل لمواجهة الأعباء الاقتصادية . فلقد نشأت في رأيه من تفاعل مبدأين وهما : "عدم اكتفاء أي شخص بنفسه" و "اختلاف قدرات الأفراد"؛ لذلك حين افترض قيام مدينة خيالية أسس بنيانها على ركني الاقتصاد والنفس ، فهو يقول أن المدينة أو الدولة أنشئت لسد حاجاتنا الطبيعية من غذاء وسكن وكساء وغير ذلك من حاجات الجسد الضرورية.
فلقد اكتشف الإنسان منذ البداية أنه لا يستطيع الاستقلال والانفراد بإنتاج كل ما يتطلبه من حاجات متنوعة واكتشف أن لكل فرد استعدادا خاصا لنوع ما من الأعمال. ولذلك آثر أن يتخصص فيما يستطيع إتقانه من عمل. فظهر المزارع والبناء والنجار والحداد والنساج والصانع وأخذوا يتبادلون منتجاتهم لكي تستمر حياتهم جميعا . وظهر إلى جانب هؤلاء العمال والمساعدين .
ما بين عام 1882و عام 1968 سنوات مديدة وأحداث كبيرة ، وتطوَّرات متلاحقة عاشها ساطع الحصْري المكنّى بـ // أبو خلدون //
عمرٌ حافلٌ بالتنقلات وغنيٌّ بالتجارب والعطاء ومثيرٌ للتساؤلات .. فقد شهد الكثيرَ من الأحداث السياسية التي عصفت بالدولة العثمانية والأمة العربية . كسقوط الدولة العثمانية والحربين العالميتين الأولى والثانية ونكبة فلسطين ونكسة حزيران . إضافة للتغيُّرات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات التي قسّمت الدول العربية كوعد بلفور واتفاقية سيكس بيكو ، وقبلها الصراع بين تياري الرابطة العثمانية والجامعة الإسلامية .. وتضاف إلى ذلك تنقُّلاتُه بين أضنة واستانبول وصنعاء وطرابلس الغرب مع والده الذي عمل في القضاء بعد دراسته في الأزهر .. وبعد هذا سفرُهُ إلى أوروبا وإقامته في إيطاليا عندما اصطحبه الأمير فيصل قبل أن يصبح ملكاً على العراق .. وفي أوروبا اطّلَعَ على الكثير من الآراء التربوية من جهة ونظريات تكوين الأمم من جهة أخرى وهذا ما دفعه للبحث والكتابة والحوارات والتأليف .
من الواضح إن إشكالية التعليم في العالم الإسلامي إشكالية ذات طابع ثقافي أي أنها في الأصل " إشكالية ثقافية " وقد يتضح صحة ذلك القول إذا ما تم تحديد كل من مفهوم الثقافة وعلاقة الثقافة بالحضارة والمدنية التي هي دلالات لتقدم المجتمعات أو تخلفها .
أولا : مفهوم الثقافة قديما وحديثا :
تعتبر " الثقافة " الأساس الأول الذي يؤثر ويتأثر بالتعليم حيث أن من وظائف التعليم الهامة نقل التراث الثقافي وأيضا تجديد وإحياء الثقافة ، لذلك فالعلاقة بين الثقافة والتعليم علاقة دائمة وملازمة ؛ لذا فإن " إشكالية الثقافة" تعتبر نظام كلى يتضمن كثير من نظم ومنظومات فرعية أخرى هي إشكاليات المجتمع المتعددة وفقا لأبعادها المتعددة :السياسية _الاقتصادية _ الاجتماعية _ ... الخ .والتي قد تؤثر وتتأثر بإشكالية التعليم ؛ وقد يتضح ذلك في ضوء استعراض موجز لمصطلح الثقافة ومصطلح الحضارة .
تمهيد :
قد تستغرب عزيزي القارىء حين تقرأ هذا المقال ووجه الاستغراب يكمن فيما يلي :
- القيمة المضافة مفهوم اقتصادي ابتدعه علماء الاقتصاد أمثال " كارل ماركس وميلتون فريدمان وغيرهما الكثير فما ارتباطه بالإنسان المسلم والإسلام كدين .
- مكارم الأخلاق : مفهوم يكاد يكون غائبا في العصر الذي نعيشه والذي يتسم بطغيان المادية وسيادة مفهوم الفردية وتضخم الأنا عند الفرد على حساب الجماعة .
وقد يزول ذلك الاستغراب بمجرد تدبرك للحديث الشريف المتفق عليه حيث ورد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قوله الشريف :
- عن مالك انه قد بلغه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت لأتمم حسن الأخلاق (فهرس أبو داود – حديث رقم1609 )
القراءة والقراءة النوعية:
ما فتئ المسلمون يردّدون بافتخار أن أوّل كلمة أوحى الله بها إلى الرسول – صلى الله عليه وسلّم- هي: "اقرأ" وأن ذلك يدلّ على مكانة العلم في الإسلام ويدحض افتراءات الخصوم حول التناقض بين الدين والعلم، ثم يسردون آيات وأحاديث تشيد بالعلم وأهله، وكل هذا جميل لكنه يبقى أقرب إلى التشبّع الذاتي الأجوف بل والخدعة النفسيّة الّتي تجعل أمة تراوح مكانها – بل تتراجع - وهي تظنّ أنّها ترضي ربّها لأنّها تعتزّ بآية أنزلها! إن حالنا مع العلم لا يحتاج إلى شرح لوضوحه وإنّما يستلزم العلاج، ومشكلتنا مع العلم معقّدة، ولعلّ أوّل خيوط التعقيد أن المصلح ليس أمام معضلة تعليم من لا يعرف ولكنّه يواجه طامة كبرى هي إقناعه أنّه لا يعرف، وقد انتشرت الأميّة الفكريّة – فضلاً عن الأميّة ذاتها- حتّى عمّت الجامعات والمعاهد وشملت حملة الشهادات العليا إلاّ قليلاً من المؤسّسات الراقيّة والعلماء الراسخين في كل التخصّصات، ولك أن تقرأ ما ينشر من كتب ومقالات وما يلقى من خطب ودروس ومحاضرات لتتأكّد من هذه الحقيقة، ذلك أن التوجيه الرباني الأول الّذي لم يشر إلى أي عبادة أو خلق أو سلوك بل أشار إلى مفتاح العلم إنّما يقصد القراءة الجيّدة الّتي تؤدّي إلى تحصيل المعرفة الجيّدة، لكنّنا مازلنا نقرأ كثيراً مما لا ينفعنا ولا ينهض بمستوانا العقليّ، فلا بدّ إذاً من الارتقاء بنوعية ما نقرأ حتّى نتحصّل على القراءة المثمرة الّتي تزيد رصيدنا من المفاهيم المتعلّقة بحسن الفهم عن الله ورسوله من جهة والنهوض الحضاري من جهة أخرى، أي يجب علينا أن نوسّع قاعدة الفهم وتحسين إمكانات التفكير لتمهيد الطريق السليم للاجتهاد والإبداع ، وهو ما يتيح الانفتاح على الجديد والمغاير من الأفكار والفلسفات.
الصفحة 11 من 40