بشكل عام قدم النموذج النظري للنظام الرأسمالي أو اقتصاد السوق الحر حلا للمشكلات الاقتصادية على أساس افتراض حرية الملكية الفكرية وحرية التصرف الاقتصادي في شتى مجالات الإنتاج والاستهلاك والادخار، وقامت هذه الحرية الاقتصادية على ثلاثة مبادئ رئيسية:حرية الملكية الفكرية، وسيادة المستهلك، وحرية العمل والإنتاج. ولكن اختلفت المدارس الفكرية في رؤيتها للحرية؛ حيث أيدت بعض المدارس فكرة الحرية الإيجابية، بينما دعت مدارس أخرى إلى فكرة الحرية السلبية. فلقد استندت مدرسة الليبرالية المحافظة في رؤيتها على فكرة الحرية السلبية، بينما استندت مدرسة الليبرالية الاجتماعية على فكرة الحرية الإيجابية. الأمر الذي يدعو البحث إلى محاولة تحديد أكبر لهذين النوعين من الحرية ولتحليلهما للوصول إلى مدى سلامة هذين المنطقين. ويعد John Stuart Mill أول من عبر وحلل مفهوم الحرية الإيجابية بشكل منفصل، ولكن Isaiah Berlin أبرز من تحدثوا عن مفهوم الحرية الإيجابية.
علم طريق الآخرة هو العلم الذي افتتح به الإمام الغزالي مشروعه الكبير في إحياء علوم الدين. فهذا العلم الذي عرفه السلف الصالح، وما سماه الله سبحانه في كتابه: حكمة وعلمًا وفقهًا وضياءً ونورًا ورشدًا قد أصبح دارسًا في أيام الغزالي، كما يذكر. [1] ومن المؤكد أن العلم المذكور مقدمة هامة جدًا في فهم فقه الباطن عنده، وتحديدًا صوم الباطن، محور البحث الحالي. والغزالي بعد أن رتب العلوم إلى أربعة أرباع: العبادات والمعاملات والمنجيات والمهلكات، أشار إلى أن الباعث على هذا الترتيب، هو أمران: نأخذ منهما الأول، وهو " ... أن العلم الذي يتوجه به إلى الآخرة ينقسم إلى علم المعاملة و علم المكاشفة، وأعني بعلم المكاشفة ما يطلب منه كشف المعلوم فقط، وأعني بعلم المعاملة ما يطلب منه مع الكشف العمل به، والمقصود من هذا الكتاب علم المعاملة فقط دون علم المكاشفة التي لا رخصة في إيداعها الكتب وإن كانت هي غاية مقصد الطالبين ومطمع نظر الصديقين، وعلم المعاملة طريق إليه لم يتكلم الأنبياء صلوات الله عليهم مع الخلق إلا في علم الطريق والإرشاد إليه. وأما علم المكاشفة فلم يتكلموا فيه إلا بالرمز والإيماء على سبيل التمثيل والإجمال، علمًا منهم بقصور أفهام الخلق عن الاحتمال، والعلماء ورثة الأنبياء فما لهم سبيل إلى العدول عن نهج التأسي والإقتداء." [2]
يبدو أن موضوع العقل المتفرد بوصفه موضوعًا قديمًا–جديدًا، قد يجعل الفطن يشتغل على صياغته في سياق نقدي يرتكز على مقدمات معرفية عديدة، من خلال ظواهر الموضوع ذاته، أو بواسطة تداخلهالمعرفي مع ما ورائياته المتعددة، في نواحي الحياة المختلفة، وفروع المعرفة العامة والمتخصصة.
جاء في اللغة: واستبد فلان بكذا أي انفرد به. يقال: استبد بالأمر يستبد به استبدادًا إذا انفرد به دون غيره. (ابن منظور: "لسان العرب"، ط3، دار صادر، بيروت، 1414ه، 3/81). واستبد برأيه انفرد (ابن سيده: "المخصص"، تحقيق خليل إبراهم جفال، ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1417هـ، 1996م، 3/431).
يرى الكواكبي أن الاستبداد في اللغة هو: "غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة". وهو عند الإطلاق: "استبداد الحكومات خاصة، لأنها أعظم مظاهر أضراره التي جعلت الانسان أشقى ذوي الحياة. وأما تحكم النفس على العقل، وتحكم الأب والأستاذ والزوج، وبعض الشركات، وبعض الطبقات، فيوصف بالاستبداد مجازًا أو مع الإضافة". وهو في اصطلاح السياسيين: "تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف أو تبعة"، (الكواكبي: "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، تقديم الدكتور أحمد السحمراني، ط3، دار النفائس، بيروت، 1427 ه – 2006 م، ص 37).
أعرف العقل المتفرد على الشكل الآتي: هو العقل الممتد في فعل نموذج من الإنسان، وفي الفكر أيضًا، بمخرجاته المتنوعة، والقائمة على تسليع الثقافة بطريقة الإنتاج النمطي، وقولبة الإنسان بإنتاجه على شاكلة القوالب المتماثلة، أي إنتاج الإنسان الواحدي، وتنميط المعرفة، أي تصنيع أنماط معرفية متشابهة، وتكرار النمط الثقافي الواحد، الممتد في التاريخ، بحيث يتم تعطيل تجديد النمط الثقافي بهدف تحويله إلى أنماط متعددة تشتغل بنسقية واحدة يخدم بعضها بعضها كالبنيان المرصوص، وهنا يصبح التجديد معطلاً والعقل غير قادر على أداء وظيفته الأساسية وهي التأمل والتفكر والتدبر والتبصر!
يشكل فعل الكتابة حدثا حضاريا فريدا، ذلك أنه لم يتخذ فقط من الخط واللغة وسيطا له، بل استطاع أن يوظف وسائط أخرى أكثر تأثيرا، قدمت للإنسان أشكال أخرى من الكتابة، ووسعت من مفهومه لها. فقد بدأت الكتابة، لا كعملية مكتملة ومرة واحدة، بل كتطورات متلاحقة في مسار عمل منتظم وثوري، فقد تعرفنا منذ قرون على الأصوات كأهم مادة يمكننا أن نمارس التأثير عليها، نظرا لأن الصوت هو أهم فعل متصل بالخارج وبالتغيير، فالمولود يصرخ لأول مرة حين يولد، أما ما يحدث بعد ذلك فهو تغيرات تطرأ على الصوت نفسه. إن التعرف على الصوت، والتمييز بين طبقاته، ثم إحداث الاختلاف فيما بين هذه الطبقات، ثم وضع لكل صوت حرفا معينا، هي عمليات مفصلية في التاريخ. لقد بدأنا أولا بالتمييز بين هذه الأصوات التي نقوم بها، ولا حظنا بأن هذه الأصوات يمكننا أن ننتظمها لنكون كلمة ما، ثم جملا واضحة تؤدي اغراضا مهمة لنا. لكننا بالنسبة للجملة، نحتاج إلى شيء آخر، أكثر من مجرد إحداث اختلافات واضحة بين الأصوات لنتعرف على الشيء، إننا بحاجة إلى قواعد منطقية، لنحدد هذا الواقع ولنستطيع التعامل معه. وهكذا نشأت اللغة أولا. أما في المرحلة التالية، فقد استطاع الإنسان أن يعطي شكلا ما لهذه الحروف، من خلال اكتشافه لوسيط أخر يمكنه من إجراء تغييرات عليه، وهو خط الأفق المستقيم، والذي هو خط خيالي أكثر، بسبب تطورات حاصلة في قدرات الفكر البشري، ومن ثم توصل للأبجدية والكتابة كفعل تاريخي،. ولذا أطلق الإنسان على هذه المرحلة من تاريخه، اسم "التاريخ" وما قبله "ما قبل التاريخ".
هل توصل المرء إلى تعريف دقيق للفساد ولمُسبباته؟ وما هو الأسلوب الأفضل لمعالجة الفساد بجميع أشكاله؟
للفساد أوجهه المتعددة؛ فهناك الفساد السياسيّ الذي قد يتفشّى في الأجهزة الحكومية، وهناك الفساد الإداري الذي قد يتفشّى في المؤسسات والإدارات العامة، لكن مما لاشكّ فيه، أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي!
قد يكون بالإمكان إصلاح الفساد الذي تفشّى في الأجهزة الحكومية؛ بأن يتم إجراء التعديلات في الأنظمة والدساتير, وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد في الإدارات العامة؛ بإجراء التغيرات، وبمساءلة وبمعاقبة وبإبعاد عناصر الفساد, لكن ليس من السهل جدًّا إصلاح الفساد الأخلاقي, رغم أنه الفساد الأخطر الذي من شأنه أن يُقوّض المجتمعات، وهو الفساد الذي يُصيب النفوس والذي يتغلغل فيها أشبه بمرض عُضال قد يصعب على أمهر الأطباء معالجته والقضاء عليه،
كيف ومن أين يبدأ الفساد الأخلاقي؟
{jcomments on}
بسم الله الرحمن الرحيم
رباعيات تربوية
(1): رباعية التميع
إعداد
أ.د. عبد المنعم محمد حسين حسنين
أستاذ المناهج والتربية العلمية بكلية التربية بالوادي الجديد – جامعة أسيوط
أولا: تمهيد:
حتى يسهل على القارئ العادي والمتخصص فهم العلاقات بين جوانب العملية التربوية عامة وجوانب النمو للفرد خاصة كمثالين من الأمثلة التربوية شائعة الاستخدام في العمل التربوي، كان من الضروري صياغة تلك العلاقات في صور تسهل وتعين على ذلك الفهم ومنها تلك الصور التي يمكن عرضها في صورة رباعيات، كما أن هناك صورا أخرى تصاغ في صورة ثلاثيات وأخرى في صورة خماسيات.. وهكذا.
بسم الله الرحمن الرحيم
رباعيات تربوية (2)
رباعية الإبداع وتطبيقاتها التربوية
إعداد
أ.د, عبد المنعم محمد حسين
أستاذ المناهج والتربية العلمية
كلية التربية بالوادي الجديد
جامعة أسيوط والمعار سابقا لكلية التربية بنزوى بسلطنة عمان
مقدمة: لعل التحديات المعاصرة التي يواجهها مجتمعنا العربي في الوقت الحاضر تفرض ضرورة تجديد الثقافة العربية لكي تقابل تلك التحديات؛ ولعل من أولويات تجديد الثقافة العربية -اليوم- ضرورة التحول من ثقافة الذاكرة والحفظ إلى ثقافة الإبداع والابتكار. ويفرض ذلك التحول العديد من المتطلبات الضرورية التي ينبغي توافرها لكي يتم ذلك التحول، ومن أهمها إصلاح التعليم وتطوير مناهجه الدراسية؛ لكي يحقق أهداف التحول من ثقافة الذاكرة والحفظ السائدة -اليوم- إلى ثقافة الإبداع والابتكار التي تتفق ومتطلبات طبيعة عصر المعرفة والمعلومات الذي نعيشه اليوم.
الصفحة 9 من 40