ربع مليون قتيل وخسائر تقدر بثلاثين مليار دولار لم تشف غليلهم. وعندما فشل الاستئصال الأمني و السياسي انتقلوا إلى الخطوة التالية والتي تكمن في الإستئصال الثقافي والفكري وتجفيف منابع ومقومات الشخصية الجزائر التي صاغها الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.
هذه المقالة تكشف أبعادًا جديدة و خطيرة للمؤامرة المستمرة ضد شعب الجزائر ودينه ولغته وهويته، وتسلط الضوء على منفذي هذه الجريمة و على شهود الزور والشياطين الخرساء.
تحكي قصة شعبية شهيرة عن مسافر وصل إلى مشارف قرية متعباً جائعاً فتجلى له الشيطان بصورة رجل دمث من لحم و دم . استقبل الشيطان هذا المسافر بالترحاب فأجلسه إلى ظل شجرة ، ثم أطعمه حتى شبع و سقاه حتى ارتوى . و بعدها ساعده بإطعام دابته و جلب الماء لها لتشرب. لقد أسر السيد الشيطان السيد المسافر بطيبته و دماثة خلقه . طلب المسافر أن يتعرف بالشيطان ليحفظ له هذا المعروف . فعرّف الشيطان عن نفسه ببساطة قائلاً :
هل نعرف أمريكا ؟.
تقدم لنا وسائل الإعلام المختلفة وفي أحايين كثيرة، سؤالا محددًا، هل نعرف أمريكا؟ ولكثرة ما تردد هذا السؤال، طرحته على نفسي وبالطريقة نفسها التي يطرحها الإنسان العادي، وفي المقدار نفسه، الإنسان المتتبع لما يدور حوله من أحداث، أرقني السؤال بالفعل إلى حد مساءلة نفسي حول أمريكا، قرأت بعض الكتب والدراسات عنها، وجدت أنني أخوض في عالم بوهمي، يدك خيالي، ويزيدني غموضًا
نستغرب هذا اللجوء المستهجن للسلطة الفعلية في الجزائر بتحويل المصالحة الوطنية قبل نضجها إلى مركب وثير يركبه اليهود المسمون باسم الجزائر والذين تعد عودتهم إلى بلادهم بمثابة النصر المظفر للمصالحة الوطنية،وإلى بعض الشخصيات الوطنية التي ما انفكت تشيد بالمصالحة والعفو الشامل إلى حد التأليه و تجعل كل شيئ قابل للمساومة حتى مشاعر الملايين من الشعب الذي لم تبرأ جراحه بالشكل الذي يقبل وعن طواعية هذه المصالحة الغريبة الأطوار ،والتي تحرص على أن يكون علي بن حاج مكبلا بممنوعات تقصم ظهره وتمنعه حتى من تحريك لسانه بالتعبير الحر،لكن في المقابل تفتح الأبواب على مصراعيها لليهود الجزائريين ليعاودوا الاندماج في النسيج الجزائري.
ليس لشيء أن يكون أكثر إثارة للصعق و الحنق من أرقام مبيعات كتب الأبراج في العالم عامة و في العالم العربي تحديدا. و يبدو أن أزمة القراءة التي نتشاكى و نتباكي منها أزمة استنسابية، ففي حين تتقاطر الجموع للحصول على كتاب الأبراج بمناسبة السنة الجديدة، نرى الكتب الجادة تتضور إهمالا. اذا أزمة القراءة أزمة نوعية بالدرجة الأولى لا كمية.
ما يهمني هنا هو شعبية فئة من الكتب و المطبوعات التي تفتقر الى ابسط أسس التفكير العلمي النقدي، و ما يهمني أكثر تيار شعبي يبرر و يدافع عن هذه تحت حجج رائجة لكن زائفة، تلمع لكن تقمع، تقمع اهم ما منحنا الله و كلفنا به: العقل.
لعل المتابع المهتم بأمور المنطقة العربية، لابد له أن يلاحظ مدى ما ينتاب هذه المنطقة من محاولات للتغيير في عدد من بلدان المنطقة.. منها: العراق ولبنان والجزائر ومصر وفلسطين والسعودية، ولا نستثني سورية. وهي أمثلة تختلف في ما بينها اختلافاً جوهرياً، في الشروط التاريخية أولاً، وفي شكل التطور، وفي آلياته وأدواته، وفي مضامينه وفي اتجاهاته.
ولعل الأكثر وضوحاً والأكثر تعقيداً والتباساً، من بين هذه الأمثلة ـ وهي مفارقة مثيرة للدهشة والجدل في آن ـ هو المثال العراقي.. خاصة أنه مجتمع متعدد في مكوناته الدينية والمذهبية.