خلال خمسة عشر قرنا هي عمر وجود الإسلام كانت العروبة الإطار الثقافي الجامع للأمة العربية بتكويناتها الدينية والعرقية والمذهبية كافة ، وتجاوز دورها كونها لغة حديث أو كتابة إلى كونها إطارا ثقافيا ورؤية أخلاقية يشكل الإسلام عمادها . وفي ظل علاقة جدل مبدع بين العروبة والإسلام عاشت شعوب المنطقة وخاضت معاركها وواجهت أعداءها وأبدعت ثقافتها.
تصريحات الدكتور عباسي مدني زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الآن لا تزال في ذات السياق الذي تحبذه السلطة الفعلية.ولو أن أحاديثه الصحفية جلها منصبة فقط على تفعيل المصالحة الوطنية من دون فتح المجال للنبش في الماضي على رغم إلحاح الصحفيين الذين يطالبونه دائما بالرجوع إلى الماضي . وهذا يعد محببا لدى أطياف صناع القرار داخل أروقة الحكم في الجزائر..
الإنسان هو الثروة الحقيقية على سطح الأرض، وهو أغلى ما تملكه الأوطان والأديان، إذ يكفيه شرفاً أن سجدت له الملائكة بأمر مليكها الرحمن، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34).
والدول المتقدمة تدرك ما نقول، ولذلك كثيراً ما تسهل هجرة العقول المبدعة وأصحاب التخصصات العلمية النادرة إلى رحابها، وتقيم من تلك العقول الوافدة رافداً لها، ودعامة من دعائم التقدم والرقي الحضاري.
ولكن ثمة سؤال هنا، وهو: لماذا تهاجر الطاقات والعقول من البلدان النامية باتجاه الدول المتقدمة؟ وهل من مصلحة الدول النامية أن تحرم من خيرة أبنائها؟
بين المطامح والاماني فارق جوهري يجهله كثير من الناس، فذو الطموح عندهم هو كل حالم بتحقيق امانيه، فتتسع بذلك دائرة التعريف لتشمل الخلق كلهم اذ لا يخلو احد من احلام مستقبلية متفائلة تداعب مخيلته وتدغدغ عاطفته، والحق ان الطموح اعظم من ان يكون على هذ النحو المغرق في التسطيح، انه مشروع انساني معقد يقوم على المواءمة بين حجم قدرات الفرد من ناحية، وما يتناسب معها من مشاريع عمرية جليلة من ناحية اخرى، ولما كان السواد الاعظم من المتمنين لا يحسن ضبط هذا المعيار فمن البدهي ان تقتصر دائرة الطموح على افراد قلائل يحسنون رسم خرائطهم الاستشرافية.
منذ البدايات الأولى، شعر الإنسان بضعفه وضآلته في هذا الكون اللامتناهي. وأدرك ضرورة تملك القوة كأداة تضمن له البقاء أولا ثم الباقي بعد ذلك. وأول أدوات القوة التي ابتكرها: السحر كسلاح يستمد فعاليته من العالم الخفي، من العالم الآخر. ولعل الأمر انتهى به إلى اكتشاف الغناء كشكل من أشكال السحر: سحر الطفل الباكي، سحر الحبيب اللامبالي، سحر القبيلة وتوحيدها على إيقاع أغنية واحدة أو نشيد واحد...