لم تحملني إقامتي في إسبانيا منذ ما يقرب من 30 عاماً على الكتابة عن «الأندلس»، وهو ما كان ينتظره مني كثيرون جدا، ويصلني صداه بشكل يومي في تساؤلات السادة القراء عبر البريد الإلكتروني، خاصة أن كثيرين من دعاة وكتاب وصحافيين ودبلوماسيين معروفين يترددون على إسبانيا، ويخرجون على الناس بالكتب والنشرات والمقالات الطويلة المُدبجة المضمخة بدموع الألم والحنين إلى «الفردوس المفقود» وأيامه وأمجاده، وقد قام البعض منهم بإعداد أفلام مسجلة ومسلسلات وكتب مصورة عنها.
كمن يخاف دوماً ويتوقع أن يفقد أثمن ما يملك وقع علي خبر وفاة الباحثة الدكتور المهندسة نجوى عثمان. خلّفت وفاتها حزناً كبيراً في قلبي. فإني رغم البعد والغربة كنت أتابع أخبارها وانجازاتها و أقدّر إخلاصها في عملها و دأبها عليه. وفي نفس اليوم الذي بلغني فيه وفاتها، كنت أحدث ضيوفي عن إثنين من كتبها توفرا لي.
كدت أبكي لكلماتها الصادقة وابتعادها عن كل مساحيق التجميل، فما إن اقتربت من سمعي حتى ذاب كل الجليد بيني وبين ذلك النسق في الحديث والتعبير.
بل وأكثر، فأصبحت مدمناً عليها، فصرت أطلب منها أن تُعيد ما قالته مرة بعد أخرى، حتى أمست رديفة سمعي أينما ذهبت، فقد أحببتها لشجاعتها وصدقها الذي بات يُزهر في البلاد التي تغرب فيها الشمس، بالرغم من منع “الهواء النقي” و”الماء الصافي” و”التربة الجيدة” نتيجة “فيروس” يُسمى “الكيان الصهيوني” و”بكتريا” تُدعى “الإهمال العربي”.
الصفحة 36 من 78