أحب القطط كثيرا، ويرجع هذا إلى أني أرى تشابهًا بيننا وبينها؛ فالقطط نظيفة، رشيقة، شقية، نشيطة، ذكية، لا تحب أن يتحكم فيها أحدا، كسولة في بعض الأحايين ومفكّرة. ربما كانت هذه نظرة متحيزة للقطط -لا بأس- غير أن هذا لا يمنع من أن أسأل سؤالا قد يبدو سخيفًا لأول وهلة: ما الفارق بيننا وبينهم؟
يتحدث البعض عن النجاح وأهميته في حياة الإنسان، وأصبح وأضحى وأمسى وبات البعض منا يسعى لتحقيق نجاحات معينة في هذه الدنيا دون معرفة حقيقية لهذه الكلمة ومواجهتها، والتي أراني لا أراها وأفضل هي الأخرى أن لا تراني وأن تذهب بطريقها إلى غير طريقي.ولكن، لما هذا الجفاء ما بيني وهذه الكلمة وما سره؟
أعتقد جازماً بأن هذا هو محور الارتكاز الذي أستند عليه الآن في حياتي، وذلك لأنني سوف أقول ومما لا شك فيما لا شك فيه يوم القيامة نفسي نفسي بدليل قوله تعالى "يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ"، فلماذا لا أبدأ بهذا القول من الدنيا؟ وفي ظل الضوابط الشرعية، وتحت إطار "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".
كانت النظرة الأخيرة للمرآة قبل خروجه من المنزل قاصداً العمل، فأراد أن يكون ختام لقائه معها بابتسامة عريضة لعلها تنشط عقله باستدعاء ما يحب ويرضى ويجلب السعادة، ولكن ما حدث غريب وأمره عجيب ولا يخطر بباله ولو في الأحلام. فمهما أجتهد بالابتسامة فلا يراها كذلك من خلال المرآة وكأن لسان الحال يقول بأنها تعكس صورته بحذافيرها ما عدا الابتسامة، فدار الحديث التالي: هو: من أنت؟
يخبرنا علم الفلك أن الكواكب كل في فلك ييسبحون، فإذا ما إنحرف كوكب عن فلكه نتج عن هذا صداما كونيا. طيب هل يمكن للمريخ وفينوس أن يلتقيا على كوكب الأرض بدون هذا الصدام؟ هذه محاولة للإجابة ولننظر أينما تصل بنا.
أي حالة هذه تجعلني أكتب ولا أعرف ماذا سأكتب ، لم أعتد على الكتابة العفوية التي ربما سأندم كثيرا عندما أقرئها لاحقاً ، لكن عندما أكتب في مثل هذه الحالة لن أكون فارغاً بلا كتلة تملأ حيّز الشعور والتفكير والإحساس وغيرها مما أمتلكه بفعل التراكمات الزمنية متعددة الخبرات ومختلفة التجارب ، كثيرة هي الأشياء التي يمكن لنا أن نكتب عنها ، ولو بحثنا عن أحرف ضائعة في داخلنا أو كلمات ما زالت تحاول التحليق في فضاء الحياة لوجدنا في أنفسنا ما يستحق أن يُعتق في سبيل الإثراء والتجديد والتواصل الإنساني ، لذلك سأكتب ما سأكتبه وأفلت الحبال لسفن الخاطر من ميناء ظلت خدماته لفترة طويلة عاطلة عن العمل .
" العالم بدأ من غير الجنس البشري وسينتهي من دونه "
كلود ليفي ستراوس
لم يكن المسرحي الأثيني أرستوفانيس جادا كدأبه حينما أوضح في معرض رده على المتحاورين في "مأدبة" أفلاطون التي كرست برمتها لموضوعة الحب ، كيف أن البشر كانوا في الأصل غير محددة هويتهم الجنسية ، إذ أنهم كانوا ذكورا وأناثا في كيان واحد . ويستطرد أرستوفانيس بأن تلك الحالة أفضت بهم إلى أقصى درجات الرضا والسعادة ولكنها استفلحت فيما بعد لتنقلب إلى غطرسة وغرور. عندها قرر الآله زيوس أنزال العقاب ببني البشر من خلال شطر كل منهم إلى نصفين ؛ ذكر وأنثى . مذاك أضحى كل منهم يتوق إلى نصفة الآخر الذي اقتطع منه . فكانوا ، والحديث هنا لأرستوفانيس كلما ألتقيا طوقا بعضهم البعض بذراعيهما وتعانقا ، يحركهم في ذلك شوق وحنين لأن يعودا مرة أخرى مندمجين في كيان واحد .