للحوار الذاتي غايتان شريفتان يتوخاهما ,تتمثل الأولى في التعرف على جوانب القصور ومكامن الإخفاق بقصد علاجها, فحوار المحاسبة يمثل نظرة تقويمية لسلوك الذات في فترة سابقة تقضّت بحلوها ومرّها,وأما الثانية فتتسم بصبغة استشرافية مستقبلية , إنه لمن الخطأ الفادح أن يقصر المرء دور الحوار الذاتي على دائرة الماضي حين يعتقد أن إجراء الحوار مرتهن بوقوع الهنات وارتكاب الأخطاء ليتولى إصلاحها في مرحلة متأخرة,بل إنه يلعب أيضا دور وقائيا استباقيا يجنّبنا الإلمام بها ,إنه (حوار التعزيز) موضع حديثنا اليوم .
الوثن هو كل ما يُعبَد من حجرٍ أو نحاسٍ أو فضةٍ أو خشبٍ أو ذهب..
قال تعالى:
" اجتنبوا الرجسَ من الأوثان"..
فإذا كان الوثن كله قذارة ونجاسةً وهو مجرد وثن أي صنم لاحول له ولاقوة
فكيف
جمالي او حتى قبحي شأني الخاص. فلا شئ اكثر ظلما من ان تقيَّم و يحكم عليك من شكلك الخارجي ، فتَّقدر و تُشكر ان كنت جميلا – وفرت كفاءتك او عدمت- ، و تعاقب و تحتقر -بدلا من ان ينظر الى كفاءتك- ان لم تُمْتِع مؤهلاتك الشكلية الاعين.
العالم - تشرّقَ او تغرّبَ - اثبت و بجدارة - للاسف- على مدى التاريخ انه حكم ، و يحكم و سيحكم على المرأة من خلال شكلها . فامام المرأة اذا خياريان احدهما مر و الاخر لاذع . فاما ان تقبل راضية بمعيار الحكم الشكلي الاعوج الاهوج ، و اما ان تختبئ في قمقم، او صندوق او أي شئ آخر لئلا تهدر كرامتها .
فلانة: "يا للظلم! نحن نتلفع بأمتار من القماش، و هم يسيرون كما يشتهون. أين حقوق الإنسان، هذا يسمى تمييزا جنسيا!"
فلان: " أين العدل؟ النسوة يكسبن أطنانا من الثواب بارتدائهن الحجاب، و نحن لا شيء البتة"
للوهلة الأولى، يبدو منطقيا جدا. لكن، بعد التفكير، ليس تماما. و بعد التفكير العميق، ليس منطقيا أبدا. قليل من
إعمال العقل يشفي الأمر برمته.
رمضاننا في اسبانية وفي مدريد على وجه الخصوص عجيب وغريب ومثير للتساؤل وجدير بالتسجيل , جاءنا رمضان هذا العام في ظروف حالكة وأيام عصيبة تمر بها الأمة من أقصاها الى أقصاها , ولعلنا هنا في غربتنا نشعر بآلام الأمة مضاعفة ولكننا قد نختلف عن الناس في بلادنا بأننا نحاول أن نشق طريقاً وننطلق نحو الأمام ولانبقى في أمكنتنا مراوحين نندب حظنا العاثر ونشق الجيوب ونلطم الخدود ثم نلتفت الى الجهة الأخرى لنمارس حياتنا نفسها فلانفعل شيئا ولايهمنا أن نفعل شيئا.. ضرورة الغربة , ضرورة النأي .. ضرورة الحصار!.
ما كان أحد يظن مجرد الظن أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي قادت الجماهير العريضة، وأحرزت على التوالي في الانتخابات البلدية في 12 جوان 1990، والتشريعية في 26 ديسمبر 1991 فوزا ساحقا لا ريب فيه بشهادة النظام نفسه المكلف بالسهر على نزاهة هذه الانتخابات.. أن تصبح بين يوم وليلة شماعة تعلق عليها كل الأخطاء، ويسند إليها أسبقية العنف والإرهاب، والتآمر على الجغرافيا والتاريخ.