نستطيع الحديث اليوم عن ميزان قوى جديد بين الفلسطينيين واسرائيل من حيث الإمكانات المادية والبشرية. وقبل الخوض في عباب المستجدات لابد من سرد تاريخي بسيط لميزان القوى بين الطرفين لنتمكن من التنبؤ بنتائج أي حرب قادمة بينهما. الجميع يعرف أن قوة إسرائيل سحقت الجيوش العربية في حربي 1948 و 1967م، لكننا لم نحلل ونتأمل تلك الحروب لنعرف إن إسرائيل سحقت سرابا عسكريا عربيا ولم تسحق جيوش! ففي العام 1948 كان تعداد الجيش الإسرائيلي مئة ألف مقاتل مدربين ومنظمين ويمتلكون احدث الأسلحة آنذاك. وأما العرب فلم تكن جيوشهم السبعة تتعدى ال50 ألف مقاتل غير مدربين ولا مجهزين بأي سلاح كافي. ناهيك عن الخيانة والتشرذم، وعدم
قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" (سورة الصف: آية 2-3). لا نريد أن نتحدث عن الشخصية الإسلامية المثالية التي تقدمها كتبنا النظرية، بل نريد أن نسلط الضوء على السلوك الواقعي للمسلم في حياته اليومية، ونحن نزعم أن معظم مشاهداتنا لسلوك إخواننا من المسلمين الذين عشنا بينهم وعرفناهم خلال سنوات حياتنا، والذين ينتمون إلى عدة مجتمعات إسلامية -بما فيها الجالية الإسلامية في ألمانيا- إنما تعكس حالة من الفصام الحاد والازدواجية، بين الإطار النظري الذي نزعم بأننا نؤمن به، والسلوك الواقعي، فأي مسلم عندما تجلس معه، وتناقشه في معتقده الديني، سوف يقدم لك صورة رائعة، تكاد تكون صورة مثالية للمواطن الصالح الذي يتمسك بأعلى درجات الفضيلة، لكن إذا ما انفك النقاش، وخرج للحياة الواقعية، وجدت أن سلوكه يخالف معتقده بصورة فجة!. ولكي لا نقع في الحكم بالتعميم، سوف نضرب أمثلة واقعية من حياة المسلمين، فمثلًا: الصدق في التعامل والحديث، والمواعيد والاتفاقات،
عاقرتُ الكُتُبَ مُعاقرة المُدمنين لأُبر السُموم او كؤوسَ المُدام، التي تقتلعهم اقتلاعاً من عالمهم المحسوس، وتُحلّق بهم بأجنحة الوهم والنشوة، مُنسلخةً بهم من ضيق الواقع الفَجّ الى رحابة خيالٍ جميلٍ زائف. أوليس كُلُّ جميلٍ في هذه الدُنيا ينطوي على شيءٍ من الزيف؟ ألا تُغتالُ كُل شَهَقاتُ فَرحِنا سريعاً حين يشدو في الأنحاءِ وَجَعُ نايٍ حزين؟ ما الذي تُثيرُهُ فينا تِلكَ الخَشَبَةُ الصَمّاءُ؟ غريبٌ هو الألم. فرُغمَ اجتهادنا المُستميتِ في دفعِهِ يبقى على الدوام عَصيّاً على الإزالة. أوليستْ كُلُّ لذّةٍ تحدوها شَقوة؟ وكُلُّ تبسّمٍ يَسير يَعقُبُهُ وُجوم وَعُبوسٌ طويل؟ ألمْ يعجز المَعرّي عن تَبيُّن مغزى الحمائم من الهديل، وَعلّق الإجابة على فرع ذلك الغُصن الميّاد مُغلقةً بعلامة استفهام عمياء؟
يا مستقبل نفسك وبقية عملي، معرفتي بكمن قبل أن تعرف نفسك وأبوتي لك التي لن أسخرها إلا لمساعدتك، حديثي لك، يا ابني الحبيب، عما يعشقه الناس ويكلفهم أموالًا وأوقاتًا. أتذكر قصة عصابة الإجرام التي رأيناها على الشاشة الصغيرة؟ تصدى لهم شخص حسن الهيئة والثقة بنفسه، ينجو بأعجوبة من رصاص كالمطر وتتساقط ضحاياه بسرعة خطواته ونظراته. ورأينا سيارات تتقلب وقنابل تُرمى وجثث ودماء، ليحسم البطل النهاية بمشاهد عنيفة يقف بعدها بأعجوبة أخرى، باسمًا ساكنًا. ورأينا قصصا فيها مشاهد تعذيب وتشويه تقشعر لها الجلود وتبقينا متوترين متوجسين. أتذكرت ذلك وتبسمتَ ساخراً من نفسك مثلي؟ حتى أنا لم أنسه وتعلمت منه. تلك الأفلام تباع في كل الدنيا وتبث في كل الفضائيات، ويراها الأقرباء والأصدقاء، الكبار والصغار، العقلاء والرعاع.
ربما يكون من نافلة القول أن نشير هنا إلى أن الحضارة العربية - الإسلامية في تاريخها الطويل قد تعرضت ولاتزال إلى عدد هائل من محاولات النقد والاتهام، أو الإهمال والاستدبار، أو التشويه والتآمر، وذلك على نحو لم يحدث مثله لأي حضارة في تاريخ البشرية جمعاء. لذلك نود تصنيف الأبحاث التي تقدم حول الحضارة الإسلامية من داخلها وخارجها إلى مجموعتين كبيرتين، نتناولهما بإيجاز شديد: - أبحاث حول ماوصلنا بالنقل. - أبحاث حول ماأنتجناه بالعقل. أبحاث حول ماوصلنا بالنقل: نقصد بها الأبحاث التي تهتم بدراسة الكتاب والسّنة، وهذه الدراسات تسعى إما إلى إثبات صحة هذين المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي أو بطلانهما. وكما هو معروف فقد حاول الكثير من الناس على مر
أكان داوود قتل جالوت؟ إن احتقاناً تعانيه أمة الإسلام يملأ رأسها أبخرة في دلالة قاطعة على تهيج لأغشية السلامة لديها يبشر بعاصفة عطسية متواصلة يُطلقها أنفها المزكوم لطرد ما علق بداخله من مثيرات! وفي كتاب الله الكريم نماذج لأوضاع متشابهة يمكن إسقاط واقع الأمة عليها والاستفادة من حلوله المتقنة للتعامل مع النفوس وفق سنن الله سبحانه وتعالى ومنها قوله تعالى في وصف لحالة من الحالات التي مرت ببني إسرائيل.
الصفحة 81 من 432