عشر رسائل قرآنية جديدة للسيوطي
بتحقيق د. عبد الحكيم الأنيس
من الأعمال العلمية المهمة التي أنجزها د. عبد الحكيم الأنيس، والمعروف بتحقيقاته العلمية المتعددة، تحقيقه ل: "عشر رسائل في التفسير وعلوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي (849 – 911 هـ" ( ط2، دائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري، دبي، 1432هـ– 2011م،)، وقد صدرت هذه الرسائل بمجلدين، تضمن المجلد الأول الرسائل التالية: 1-رياض الطالبين في شرح الاستعاذة والبسملة، 2-الأزهار الفائحة في شرح الفاتحة، 3-الكلام على أول سورة الفتح، 4-ميزان المعدلة في شأن البسملة، 5-المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة. وتضمن المجلد الثاني، الرسائل التالية: 6-اليد البسطى في تعيين الصلاة الوسطى، 7-الفوائد البارزة والكامنة في النعم الظاهرة والباطنة، 8-المحرر في قوله تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}، 9-إتحاف الوفد بنبأ سورتي الخلع والحفد، 10-الإشارات في شواذ القراءات.
قضية الأدب الإسلامي هي ليست كغيرها من القضايا، إنها قضية النفس الإنسانية في توقها للحرية والانعتاق والجمال والحب والفرح، وقضية اللغة التي تسعى إلى تشكيل العالم على وفق منظومة الحكمة الإلهية، وقضية الجمال الذي يعد احد طرق الوصول إلى الله تعالى ومعرفته، وهي قضية القيمة التي تحدد الوزن النوعي لوجود الأشياء في الكون، وقضية المعيار الذي توزن به معطيات الجمال، وكذلك هي قضية الحقيقة في شكلها المطلق؛ وشكلها النسبي.
إن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي يستبطن جملة من المبادئ الأساسية التي تشكل جوهر الإسلام؛ والتي تكوّن الإطار الجمالي للنص ونسيجه كذلك.
ما أرانا نقول إلا مُعَارا *** أو مُعَادا من لفظنا مَكْرُورا
(زهير بن أبي سُلمى)
بين التنَاص والتلاص مزالق كثيرة.وإن كنتم تتساءلون عن معنى التناص، فمثالٌ عليه الجملة الأولى في هذه المقالة، ففيها تناص مع المثل القائل "بين الشفة والكأس مزالق كثيرة". فالتناص نوع من أنواع إعادة الاستعمال غير المباشرة، هو اقتباس لروح الفكرة، وإعادة صياغته في سياق آخر قد يكون مختلفا تماما. وأعلم أن هذه المصطلحات النقدية ثقيلة على القلب وعلى العقل، لكن "لا بد مما ليس منه بد". مهلا، هل وضعت لتوّي عبارة "لا بد مما ليس منه بد" بين علامتي تنصيص؟ أجل، هذا اقتباس مباشر، أو استشهاد. وبين العوالم الثلاثة (عالم الاقتباس المباشر، وعالم التناص، وعالم التلاص)، مزالق، ودروب لحِجَة، وعراكات نقدية كثيرة!
تحدثت في مقالات سابقة عن أسباب تقدم مجتمعات الدول الصناعية ومؤسساتها من وجود فريق للعمل، ومن سيادة قيمة المؤسسية، ومن العمل على تطبيق إدارة المعرفة، ويأتي هذا المقال لاستكمال عوامل تقدم المجتمعات الصناعية الكبرى بالحديث عن عامل مهم جدا يأتي في المقدمة، وإن تأخر الحديث عنه وهو: (سيادة الأخلاق) في هذه المجتمعات.
ما هو قانون الأخلاق ؟... وهل هو من القوانين أسوة بغيره من القوانين الوضعية التي سنّها البشر والتي أدرجت ضمن دساتيرهم كي تُنظم حياتهم وتحكم علاقاتهم وأساليب التعامل فيما بينهم؟... ولو كان كذلك فلِم لاتوجد له تلك العقوبات الرادعة التي تُطبق على من يُخالف القوانين الوضعية الأخرى؟ ...
قانون الأخلاق ليس في الحقيقة من القوانين الوضعية المكتوبة وإنما هو حاجة وضرورة اجتماعية نشأت منذ بدء الخليقة لكي تُهذب طباع البشر وتضبط تصرفاتهم بصرف النظر عن أعراقهم وأجناسهم ودياناتهم وطباعهم..
تجدهُ وحيدًا في أدغال أفريقيا كناسِكٍ متأمّل، “سجادتهُ” طاولة البحث و”سبحته” أدوات الفحص والقياس و”ِقبلَته” شاشة جهازه الإلكتروني المُعين له في تحصيل النتائج وتقديم القراءات، ولا يختلف الأمر عن “ناسكٍ” آخر في وسط زمهرير المناطق الباردة، أو في أعالي قمم الجبال أو في أعماق المحيطات، أو في قلب مجتمع غريب عنه ثقافة ولغة، فيأكل وينام ويعيش معهم، لتجد مثل هؤلاء “المتنسّكون” للبحث والمعرفة في كل بقاع هذه الأرض، مأهولة أو مهجورة. ما “المغناطيس” الجاذب لهؤلاء لترك نمط الحياة الطبيعية ليكونوا في خِضَم مثل هذه الظروف التي قد تؤدي في بعض الحالات لفقدان حياتهم؟! أو أقل تقدير لانعزال -ولو مؤقت- عن المحيط البشري، أو ليكونوا ممن يواجهون النقد والتقريع من قبل المجتمع؟ من أين كل هذا الكَمِّ من الشَغَف وعشق المعرفة والبحث؟ هي مُحصلة ثقافة ودعم لها، مُحصلة تربية في التعليم داعمة بتشجيع ولو بِنَسَبٍ متفاوتة في هذا المجال.
الصفحة 77 من 432