في قديم الزمان كان هناك مجموعة دجاج (الدجاج كلمة تفيد المذكر والمؤنث)، تعيش في مزرعة فسيحة (كبيرة)، عبارة عن مرج (أرض واسعة ذات نبات ومرْعى) أخضر، مليء بسنابل القمح والحبوب، ومزروعات لذيذة طرية يحبها الكتاكيت (فَرْخُ الدَّجَاجِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ صِيَاحِهِ فِي سُرْعَةٍ) والأكبر سناً.. وفي المزرعة عدد كبير من الدجاج، مكوَّن من أسر كثيرة، تعرف بعضها بعضاً، تتعاون بمحبة وإخلاص، تتزاور، ويحرص كل منها على الآخر.
نظرتُ ، بريبة التـائه ، اللوحة الزرقاء المعلقة بأول الشارع ، مرَّتْ عيناي ببطء علي
الحروف البيضاء المتشابكة عليها ، لأتأكد أن قدميَّ لم تخطئا الطريق إليه ، إنه نفس
الشارع القديم ، " شارع الشاكوشي " الذي كانت قدماي الطفلتان تدبان علي أرضه منذ سنوات
بعيدة ، لقد تغـيَّر كما تغـيَّر كل شيء ، لم يعـد هو نفس الشارع القـديم ..
وقف أمام المرآة يتعمق تفاصيل وجهه الذي حرثته الأيام..
لم يستوقفه مظهره و غضون وجهه و تسريحة شعره التي زحف عليها الصلع ، لم يعد يلقي بالا لمثل هذه الترهات..
تركز اهتمامه على شاربه المتهدل كغصن دالية الحوش التي لم يطالها التقليم ، والمتمدد بشموخ فوق شفتين متغضنتين تميلان للزرقة ووجه يضج أسىً على ماض لن يعود.
أمسك نهاية شاربة بأطراف أصابعه ، راهن على جزئه الثاني ، كم كان واثقا من نفسه وهو يستمع بامتلاء لنشرة الأخبار التي تتوعد الغزاة،
الصفحة 16 من 35