هي مجرد عادة سيئة ألفتها و لم أستطع لها فراقا: دائما عندما أتوصل برسالة أخرج إلى الحديقة العمومية. أجلس على كرسي خشبي، ثم أضع المظروف بقربي و أظل أتأمل العالم و كأنني فيلسوف لا مثيل لي. أخوفٌ هو؟ ليس بالضرورة، فالمظروف الذي بين يدي الآن – على سبيل المثال- من هدى. و هدى مجرد كائن شفاف رقيق لا يجيد تلك المهارات التي نمتلكها نحن من خداع و أكاذيب و نقل أخبار قاتلة يتضح في الأخير أنها كاذبة.
"يختلف العلم سواء في سعيه نحو غايته أو في مبدئه عن بادئ الرأي اختلافا مطلقا... إن الفكر العلمي يمنعنا من أن نكون آراء تبدو لنا حول قضايا لا نفهمها، ومسائل لم نصغها صياغة واضحة. ينبغي أولا وقبل كل شيء معرفة طرح المسائل، ومهما قيل فإن المسائل في الحياة العلمية لا تطرح نفسها. وهدا الحس بالضبط، حس طرح المسائل والشعور بها، هو الذي يشكل الصفة الأساسية للفكر العلمي الصحيح. فعند هذا الفكر تكون كل معرفة جوابا عن سؤال، ولولا السؤال لما كانت هناك معرفة علمية. فلا شيء من تلقاء ذاته ولا شيء يعطى وكل شيء يبنى ويشيد."
غاستون باشلار
"تكوين العقل العلمي"
1967، ص. 14
مازالت نائمةتهادت الموسيقا في أرجاء الغرفة بطيئة.. ثم.. سريعة.. تحولت إلى سيمفونية رائعة، تسللت إلى أذنيها،ودماغها،إلى عضلاتها،مفاصلها، أيقظتها من نومها، فتحت عينيها، رفعت رأسها، نهضت، التفتت حولها، وجدت نفسها في غرفة غريبة، هل هذه هي غرفتها؟! أغمضت عينيها، أعادت النظر، لا بد أنها تحلم.. لا.. هذا واقع.. غرفتها تحولت بفرشها وستائرها، وكل شيء فيها إلى اللون اللازوردي الذي تحبه
الصفحة 15 من 35